الترا فلسطين | فريق التحرير
نشر موقع "واللا" العبري تقريرًا تحريضيًا ضد أهالي قرية اللجون المهجرة، بعد فعاليات متكررة قاموا بها إلى قريتهم في الشهرين الأخيرين، تعهدوا فيها بالعودة لبيوتهم وإعادة بناء المسجد الذي كان قائمًا في أرض أجدادهم وآبائهم، قبل عملية التهجير القسري التي جرت إبان النكبة.
المستوطنون في "كيبوتس مجيدو" يعتبرون فعاليات أهالي قرية اللجون تهديدًا لهم، خاصة أن أهالي اللجون -يسكنون حاليًا في وادي عارة- يؤكدون أنهم لن يتنازلوا عن مطالبهم بالعودة
وقرية اللجون كانت حتى النكبة في عام 1948 عامرة من الناحية الاقتصادية والزراعية، وفق ما تؤكده الوثائق التي رصدها موقع الترا فلسطين، قبل أن تنفذ الميليشيات الإسرائيلية تطهيرًا عرقيًا في قرية اللجون، بتاريخ 27 أيار/مايو 1948، أعقبه إنشاء جماعات يسارية إسرائيلية "كيبوتس مجيدو" في المنطقة.
وقال تقرير "واللا"، إن المستوطنين في "كيبوتس مجيدو" يعتبرون فعاليات أهالي قرية اللجون تهديدًا لهم، خاصة أن أهالي اللجون -يسكنون حاليًا في وادي عارة- يؤكدون أنهم لن يتنازلوا عن مطالبهم بالعودة، وأنهم لم ينسوا انتماءهم لهذه القرية، ويرغبون في بناء مسجد في الموقع.
ويدور الحديث عن مسيرات عودة إلى قرية اللجون، انطلقت في شهر نيسان/ابريل الماضي، بمشاركة آلاف الفلسطينيين، والمئات أحيانًا، مشيًا على الأقدام وباستخدام الخيول أيضًا، حيث رفع المشاركون أسماء قرى فلسطينية مهجرة، وعلم فلسطين.
ويوم الجمعة الماضي، 9 حزيران/يونيو، أقيمت صلاة الجمعة بالقرب من مقبرة قرية اللجون المهجورة، وهي من أقرب معالم قرية اللجون إلى "كيبوتس مجيدو" المقام في المنطقة.
وأضاف تقرير "واللا"، أن المستوطنين في "كيبوتس "مجيدو" يدركون أن هناك وضعًا أساسيًا في المنطقة، وأن أحفاد لاجئي قرية اللجون يعيشون في وادي عارة، ولديهم صلة قرابة بالقرية التاريخية والمقابر، ويريدون استعادة أراضيهم.
وتابع: "وبسبب العنف المتزايد في المجتمع العربي، وعجز الشرطة عن التعامل مع هذه القضية، يزعم سكان الكيبوتس، ومعظمهم من ناخبي الوسط واليسار، أنهم يشعرون بالتهديد ويخشون من الأعمال الانتقامية، في حين أن الشرطة لا تعزز قواتها المنتشرة في المكان، وتكتفي بنشر قواتها أثناء تنظيم الفعاليات".
ونقل موقع "واللا" عن ناشط في الحركة الإسلامية، وأحد منظمي الفعاليات إلى قرية اللجون، قوله: "من الناحية الجغرافية، كيبوتس مجيدو جزء من مستوطنات وادي عارة. لقد اعتقدوا أننا، أحفاد الذين تم تهجيرهم، سننسى، والآن نعود إلى أرضنا ولن نرتاح حتى بناء مسجد هنا".
في المقابل، يقول إيتسيك هوليفسكي، رئيس "كيبوتس مجيدو"، إن المجلس الإقليمي سيواصل حماية الكيبوتس، وسيبذل كل ما في وسعه للضغط على وزارة الجيش لإعادة العناصر الأمنية إلى الكيبوتس، وسيطالب الشرطة بالتعامل مع أي "فوضى أو تهديد" وفق وصفه.
وبالعودة إلى الوثائق الفلسطينية، فقد أورد كتاب "كي لا ننسى" الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية عام 1997، أن قرية اللجون كانت قائمة على تلّ قليل الارتفاع، في الطرف الجنوبي الغربي من مرج ابن عامر، موزعة على طرفي وادي اللجون. وكانت جنين والمرج نفسه يظهران للناظر من اللجون.
في سنة 130 للميلاد أمر الإمبراطور الروماني هدريان بأن ترابط فرق من الجيش في شمال فلسطين، وبات الموقع الذي أقامت معسكرها فيه يُعرف باسم "لجيو"، ثم بعد انسحاب الجيش من المنطقة في القرن الثالث للميلاد، غدت "لجيو" مدينة
وعن تاريخ القرية يقول الكتاب، إنه في سنة 130 للميلاد أمر الإمبراطور الروماني هدريان بأن ترابط فرق من الجيش في شمال فلسطين، وبات الموقع الذي أقامت معسكرها فيه يُعرف باسم "لجيو"، ثم بعد انسحاب الجيش من المنطقة في القرن الثالث للميلاد، غدت "لجيو" مدينة وأطلق عليها اسم "مدينة مسيميان"، وعرفت باسم "مسيميانوبوليس"، وظلت تعرف بهذا الاسم طوال العهد البيزنطي.
وأوضح كتاب "كي لا ننسى"، أن قرية اللجون أصبحت بيد العرب في القرن السابع للميلاد، خلال الفترة الأولى من الفتح الإسلامي، إلا أن الصليبيين استولوا عليها لاحقًا، قبل أن يسترجعها صلاح الدين الأيوبي في سنة 1187.
وأتى إلى ذكر قرية اللجون نفرٌ من الجغرافيين العرب على مر السنين، منهم ابن الفقية (الذي كتب في سنة 903م)، والمقدسي ( الذي كتب في سنة 985م)، وياقوت الحموي ( توفي سنة 1229). وقد وصفها المقدسي بأنها مدينة رحبة نزيهة على طرف فلسطين (يوم كانت الحدود بين سورية وفلسطين غير حدود اليوم)، وذكر ينابيعها ذات المياه العذبة. وكذلك أشار المقدسي وياقوت (في كتابه معجم البلدان) إلى ما يدعوه سكان اللجون مسجد إبراهيم المبني على صخرة مدورة. كما مرّ بالقرية نفر من ملوك المسلمين وأعيانهم منهم الملك الكامل، سادس الحكام الأيويبين، الذي زوج ابنته عاشوراء فيها لابن أخيه في سنة 1231.
وأورد كتاب "كي لا ننسى" أن ظاهر العمر -الذي بات لفترة قصيرة الحاكم الفعلي لشمال فلسطين في النصف الثاني من القرن الثامن عشر- استعمل المدافع لقصف اللجون في سياق حملته (1771-1773) للاستيلاء على نابلس. ولا يعرف بالتحديد إن كان هذا الهجوم هو سبب أفول القرية في الأعوام التي تلت ذلك أم لا، حتى أن جيمس فن، القنصل البريطاني للقدس وفلسطين (1846-1862)، لم ير القرية في الموقع يوم زار المنطقة.
ويذكر مؤلفو كتاب "مسح فلسطين الغربية" أنهم لاحظوا وجود خان إلى الجنوب من خرائب اللجون، في أوائل الثمانينات من القرن الماضي. وفي أواخر القرن التاسع عشر انتقل نفر من سكان أم الفحم إلى موقع اللجون لاستغلال أراضيها الزراعية، ثم سكنوها شيئًا فشيئًا، مقيمين منازلهم حول ينابيع الماء، وخاصة في جوار الخان.
وأوضح الكتاب أنه لما أجرى علماء الآثار الألمان سنة 1903 التنقيبات في تل المتسلم (مجدو القديمة)، القريب من القرية، استعمل بعض سكانها الحجارة التي استخرجت من أبنية الموقع القديم في بناء مساكن جديدة لهم. وانتقل مزيد من سكان أم الفحم إلى اللجون أيام الاحتلال البريطاني لهم بسبب نشاطهم في ثورة 1936- 1939 التي انتشرت في أنحاء فلسطين.
وأفاد أنه في سنة 1931، كان سكان قرية اللجون يتألفون من 829 مسلمًا و 26 مسيحيًا ويهوديين اثنين، بينما لا يوجد تفصيل دقيق لعددهم في سنة 1945. وكان في اللجون مدرسة أسست في سنة 1937، بلغ عدد طلابها 83 طالبًا في سنة 1944، وكانت تقع في حي المحاجنة الفوقا، أي في خربة الخان.
كان في اللجون مدرسة أسست في سنة 1937، بلغ عدد طلابها 83 طالبًا في سنة 1944. وكان في قرية اللجون سوق صغير وست طواحين للحبوب ومركز طبي، و شركة حافلات تملك سبع حافلات في سنة 1937
وأكد كتاب "مسح فلسطين الغربية" أنه كان في قرية اللجون سوق صغير وست طواحين للحبوب، تديرها عدة ينابيع وجداول تقع في ضواحي القرية، ومركز طبي. وكان أيضًا في كل حي من أحياء اللجون بضعة دكاكين. وقد أنشأ رجل من أم الفحم شركة حافلات في اللجون، كانت توفر الخدمات لسكان أم الفحم وحيفا وبضع قرى، منها قرية زرعين المهجرة شمال جنين. وفي سنة 1937 بلغ عدد الحافلات، بحسب الكتاب ذاته، سبع حافلات، وقد حملت الشركة اسم "شركة باصات اللجون".
وأورد كتاب "مسح فلسطين الغربية" أيضًا، أن سكان قرية اللجون عملوا في زراعة الحبوب والخضروات والحمضيات. أما تراث اللجون الأثري، فقد تلاشى تمامًا بلا تدوين ولا تنقيب، إذا جرفت الخرائب وكومت كومة واحدة من أجل تمهيد الأرض للزراعة.
وتذكر الرواية الإسرائيلية الرسمية أن احتلال قرية اللجون تمّ قبل الأول من حزيران/يونيو 1948، بعد "تطهير" وادي بيسان، وقبل الهجوم الإسرائيلي (الفاشل) على جنين. ففي تلك الفترة، كان لواء "غولاني" قد استولى على بضع قرى مجاورة لجنين، ومنها اللجون التي دخلتها القوات الإسرائيلية فجر 30 أيار\ مايو.
واستنادًا إلى تقرير صحفي نشرته "نيويورك تايمز"، فإن عملية احتلال قرية اللجون وطرد سكانها حدثت في إطار عملية احتلال وتهجير مجموعة من القرى شمال جنين، حيث أجلت الميليشيات الصهيونية النساء والأطفال، وقتلت 12 شخصًا، ونسفت 27 مبنى في هذه القرى ومنها اللجون.
والآن، لم يبق في موقع قرية اللجون سوى المسجد المبني بالحجارة، وطاحونة حبوب واحدة، والمركز الطبي، وبضعة منازل مهدمة جزئيًا، بينما المدرسة لم يبق لها أثر. وتم تحويل المسجد إلى مشغل نجارة، وأحد المنازل إلى قن دجاج. أما المركز الطبي وطاحونة الحبوب فمهجوران. ومايزال قبر يوسف الحمدان، وهو أحد الوطنيين البارزين الذين استشهدوا في ثورة 1936 ظاهرًا للعيان في مقبرة قرية اللجون، التي مازالت موجودة أيضًا، لكنها مهجورة ومهملة.
وأنشأ الاحتلال مستوطنة "يوسف كابلان"، التي أصبح اسمها لاحقًا "كيبوتس مجيدو"، وهي تقع تمامًا على بعد نصف كم شمال شرق قرية اللجون. وفي زمن إنشائها، كانت أراضي مجموعة من القرى الفلسطينية الممتدة بين بلدة أم الفحم واللجون قد ضمت بعضها إلى بعض لتكوين كتلة كبيرة. لذلك فإن قرب "كيبوتس مجيدو" من اللجون يوحي بأنها بنيت على بعض أراضي اللجون، لكن ربما هذه الأرض كانت تابعة في السابق لقرية مجاورة.