05-سبتمبر-2021

صورة أرشيفية: مظاهرة في أم الفحم | gettyimages

تشهد المدن والقرى الفلسطينية داخل الخط الأخضر حراكًا جماهيريًا متصاعدًا، موجهًا بالأساس ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأسباب عدة، أبرزها استمرار حملة الاعتقالات التي بدأت بها شرطة الاحتلال في احتجاجات أيار/مايو الماضي تزامنًا مع الاعتداءات على الأقصى والشيخ جراح والحرب على غزة.

مع تصاعد معدل الجرائم وتسجيل أكثر من 80 جريمة قتل منذ بداية العام الحالي، عادت الأصوات المنادية بالعودة للميدان

ويتواصل الكشف عن حالات تعذيب المعتقلين من الداخل في السجون الإسرائيلية، ما ساهم في زيادة غضب الأهالي الفلسطينيين، إضافة لاستمرار سياسة هدم البيوت الفلسطينية، وتصاعد الجريمة المنظمة التي يتهم الفلسطينيون في الداخل المحتل سلطات الاحتلال بدعمها وتغذيتها وتوفير الحماية لها.

"الشرطة أصل الورطة"

مع بداية عام 2021 انتفض الآلاف من الفلسطينيين في الداخل ضد تصاعد حالات الجريمة المنظمة والقتل ووجهوا غضبهم باتجاه سلطات الاحتلال، وعمت التظاهرات مناطق عدة أبرزها مدينة أم الفحم التي شهدت سلسلة تظاهرات أمام مركز شرطة الاحتلال.

واليوم مع تصاعد معدل الجرائم وتسجيل أكثر من 80 جريمة قتل منذ بداية العام الحالي، عادت الأصوات المنادية بالعودة للميدان وتوجيه الغضب نحو سلطات الاحتلال.

يقول الناشط في الحراك الفحماوي محمد جبارين لـ الترا فلسطين، إن فكرة العودة للميدان واردة والحراك على أهبة الاستعداد، لافتًا إلى أن ملف الجريمة بحاجة لوقفة جماهيرية وشعبية ورسمية لتجميع الجهود.

الحراك الفحماوي يدرس استراتيجيات عدة وسيعلن عن خطة لاحقًا

وحول ما هو قادم في مقبل الأيام، يوضح جبارين، أن الحراك يدرس استراتيجيات عدة وسيعلن عن خطة لاحقًا، منوهًا أن الحل لملف الجريمة يكمن في الضغط الجماهيري الشعبي، بالإضافة لتوعية الجيل الناشئ بخطورة العنف والجريمة.

اقرأ/ي أيضًا: نشطاء بالداخل يُعرُّون القمع والعنصرية الإسرائيلية

وعزز تصريح لمسؤول في شرطة الاحتلال مؤخرًا حول ضلوع "الشاباك" في حماية قادة الإجرام بسبب تعاونهم معه، القناعة الفلسطينية بأن سلطات الاحتلال هي "أصل الورطة" في هذا الملف الذي يشكل رعبًا للأهالي الفلسطينيين في الداخل.

ويرى المحامي والناشط خالد زبارقة من اللد، أن العنف الموجود في الداخل؛ الذي ازداد في السنوات العشر الأخيرة، هو نتيجة مخطط تقف خلفه الحكومة الإسرائيلية وتغذيه بأدوات عدة، مضيفًا أن ملف الجريمة تحول إلى جريمة منظمة تعبث بالنسيج الاجتماعي الفلسطيني في الداخل.

 ويضيف زبارقة في حديثٍ لـ الترا فلسطين، أن النشاطات الشعبية موجودة لكنها لا تكفي لاجتثاث الجريمة، لافتًا إلى أن الفلسطينيين أصبحوا على قناعة بأن دولة الاحتلال هي التي تقف خلف عمليات العنف وتغذيها وتنشطها وتزودها بالسلاح والغطاء القانوني وتسهل عمليات إفلات المجرمين من العقاب، مستدلاً بتصريحات المسؤول بشرطة الاحتلال مؤخرًا حول علاقة الشاباك بالمجرمين.

 لجنة المتابعة تُصعّد

يؤكد عضو لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية داخل الخط الأخضر توفيق محمد، أن اللجنة وفي ضوء التصاعد الخطير في جرائم القتل قررت العودة للميدان والتظاهر المشروع، وذلك ضمن خطة ميدانية تتضمن سلسلة من الفعاليات ابتداءً بالتظاهر أمام مراكز الشرطة الإسرائيلية مرورًا بتنظيم مظاهرة مركزية كبيرة لم يُحددها مكانها حتى اللحظة.

قررت لجنة المتابعة العليا دعوة الناس للشارع وإغلاق شريان رئيسي في البلاد يعيق حركة السير

 وأشار محمد إلى قرار اللجنة دعوة الناس للشارع وإغلاق شريان رئيسي في البلاد يعيق حركة السير بشكل فعلي للفت النظر إلى "معاناة" الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، مبينًا أن قرار الإضراب العام مطروحٌ ضمن خيارات اللجنة لدفع سلطات الاحتلال إلى تحمل مسؤولياتها، كونها السلطة القائمة بالحكم.

اقرأ/ي أيضًا: تقرير إسرائيلي عن بطانية الشاباك لإخماد تظاهرات الداخل الفلسطيني

وأضاف لـ الترا فلسطين، أن الفلسطينيين في الداخل بكل توجهاتهم الفكرية والدينية هبوا لنصرة المسجد الأقصى واعتبروه مقدسًا دينيًا ووطنيًا وقوميًا وخرجوا عن بكرة أبيهم للدفاع عنه، "ومنذ ذلك الوقت يبدو أن هناك قرارًا غير معلن لمحاسبة الداخل الفلسطيني على هذا الموقف المشرف، من خلال معاقبتهم بإفشاء السلاح بين أبناء المجتمع في الداخل الفلسطيني وإعطاء المجال للجريمة أن تتفشى وتسهيل الأمر على عصابات الإجرام التي انتشرت منذ ذلك التاريخ".

ودعت لجنة المتابعة في بيان رسمي كافة الأحزاب السياسية واللجان الشعبية والحراكات الشبابية للقيام بتظاهرات قبالة مراكز الشرطة في جميع البلدات الفلسطينية داخل الخط الأخضر احتجاجًا على تفشي الجريمة وتواطؤ سلطات الاحتلال.

وتبنت اللجنة تظاهرة كانت الحراكات الشبابية في اللد قد دعت لها ضد تفشي الجريمة. كما أعلنت عن مظاهرة سيارات في أحد الطرق المركزية في مركز "البلاد" يوم الخميس 9 أيلول الجاري، وهددت بالإضراب العام كخطوة مطروحة على جدول أعمالها في الأسابيع القادمة.

معتقلو الكرامة

وشهدت المدن والقرى الفلسطينية داخل الخط الأخضر بروز حراكات شبابية وميلاد حراكات أخرى لأهداف وطنية، مثل اللجنة الشبابية لمتابعة ملف معتقلي عكا؛ التي تشكلت عقب حملة شرطة الاحتلال التي طالت أكثر من ألفي فلسطيني، منهم ما يقارب 250 معتقلاً من عكا وحدها، وعلى إثر ذلك قادت اللجنة الشبابية العديد من النشاطات الجماهيرية لإعلاء الصوت المنادي بحرية المعتقلين وعدم تركهم في السجون الإسرائيلية.

 التمدد الميداني يتمثل في زيادة أعداد المشاركين في الفعاليات الجماهيرية وتكرار تجربة عكا في مدن عدة

ويؤكد الناشط في اللجنة محمد حلواني، أن الحراك الجماهيري الميداني آخذ بالتصاعد بشكل لافت، حيث شهدت أزقة عكا مساء الجمعة تظاهرة لنصرة المعتقلين، شارك فيها أهالي ونشطاء من المدينة، بالإضافة لآخرين من اللد وحيفا والناصرة والمزرعة، وتضمنت أنشطة متنوعة أبرزت معاناة الأسرى في السجون.

اقرأ/ي أيضًا:  فلسطينيو الداخل في مواجهة إرهاب مشترك بين أذرع الدولة والمستوطنين

وأطلقت اللجنة على فعاليات يوم الجمعة 3 أيلول/سبتمبر اسم "جمعة الإنذار"، في رسالة لسلطات الاحتلال بأن صبر الأهالي بدأ ينفد. بينما ستحمل الجمعة المقبلة اسم "جمعة الغضب"، وفق ما أفادنا به الحلواني.

وأضاف، أن التخطيط قائمٌ للمزيد من الفعاليات، موضحًا، أن التمدد الميداني يتمثل في مظهرين؛ أولهما الزيادة في أعداد المشاركين في الفعاليات الجماهيرية، ويستدل على هذا بالقول إن أول خيمة للتضامن مع الأسرى في عكا حضرها 15 فلسطينيًا فقط فيما حضر 35 في الخيمة الثانية ووصل العدد إلى 100 في الخيمة الثالثة.

أما المظهر الثاني للتمدد في الحراك الميداني فيتمثل، حسب حلواني، بتعميم فكرة التضامن مع الأسرى وتكرار تجربة عكا في مدن عدة مثل اللد، وإمكانية وصولها لمدن عدة مثل طمرة والناصرة وحيفا، مؤكدًا أن الحراك الجماهيري هو الحل، وأن الشارع الفلسطيني داخل الخط الأخضر "لا يُعول على القيادات بالتحديد قيادات الكنيست كونهم أعضاء في برلمان الاحتلال" وفق تعبيره.

تُعد قضية هدم منازل الفلسطينيين والقيود على إصدار تصاريح البناء داخل الخط الأخضر من القضايا المشتعلة

وبيّن، أن اللجنة تُطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية هبة الكرامة، وإلغاء كافة لوائح الاتهام بحقهم، كما أُلغيت عندما هب الأثيوبيون إثر مقتل شاب أثيوبي، حيث احتجوا حينها وحرقوا سيارات للشرطة وصدرت بحقهم لوائح اتهام ثم أُلغيت.

هدم المنازل

وتُعد قضية هدم منازل الفلسطينيين والقيود على إصدار تصاريح البناء داخل الخط الأخضر من القضايا المشتعلة التي قد تُساهم في زيادة غضب الشارع الفلسطيني، حيث احتشد عشرات النشطاء والأهالي في يافا عصر الجمعة، تضامنًا مع الفلسطينية روضة عايش التي تلقت إنذارًا بإخلائها من منزلها قبل 15 أيلول/سبتمبر بقرار من سلطات الاحتلال.

ويؤكد المحامي والناشط رمزي كتيلات، أن التظاهرة التي شهدتها يافا هي رسالة إلى المؤسسة الإسرائيلية بأذرعها كافة "أن الفلسطينيين يرفضون الترحيل ولن يقبلوا بتكرار مشهد النكبة عام 1948، ومتمسكون ببقاء يافا عربية فلسطينية".

وأشار كتيلات إلى أن "المؤسسة الإسرائيلية عليها أن تتوقع كل ردة فعل، ونحن نستعد إلى حشد الشارع اليافاوي وتقديم التضحيات، لأن القضية ليست رفاهيتنا بل هي تهديد وجود".


اقرأ/ي أيضًا: 

 قانون لم الشمل: سقوط نظري ومخاوف من عنصرية التطبيق

قصص قصيرة عن عنصرية "يسار إسرائيل" ضد العرب