30-مارس-2024
شهادات مروعة من الغزيين المرضى في مصر حول تعامل الأمن معهم (رويترز)

شهادات مروعة من الغزيين المرضى في مصر حول تعامل الأمن معهم (رويترز)

اشتكى عدد من المرضى الغزيين ومرافقيهم الذين يتلقون العلاج في المستشفيات المصرية من تشديد الأمن المصري للإجراءات الأمنية بحقهم، ومواجهتهم للعديد من المصاعب أثناء رحلة السفر والعلاج، أبرزها تقييد حركتهم ومنعهم من الخروج خارج أسوار المستشفيات دون إذن مسبق من الأمن الذي يرافقهم خطوة بخطوة.

تبين شهادات غزيين يتلقون العلاج في مصر تحدث "الترا فلسطين" معهم، أن المرضى ومرافقيهم يتعرضون لإذلال متواصل ويتم حرمانهم من أبسط الحقوق

تبين شهادات غزيين تحدث "الترا فلسطين" معهم، أن المرضى ومرافقيهم يتعرضون لإذلال متواصل ويتم حرمانهم من أبسط الحقوق. شهادة (أ.خ) التي ترافق والدتها للعلاج من مرض السرطان، توضح حدة هذه التضييقات، حيث تشير إلى أنها مكثت برفقة والدتها داخل سيارة الإسعاف على الجانب المصري من المعبر ثماني ساعات قبل تحركها نحو المستشفى ما أصابهما بإرهاق شديد، وعندما سألت المسؤولين عن سبب ذلك، تذرعوا بفرز أسماء المرضى.

وتضيف في حديثها لـ"الترا فلسطين"، أنه "عندما تحرك الإسعاف كان يسير بسرعة جنونية. لقد سقطت داخل سيارة الإسعاف وأصاب والدتي التعب والإرهاق الشديد. عندما وصلنا إلى المستشفى، أخبرنا الأمن بأنه يحظر علينا الخروج من المستشفى لشراء احتياجاتنا دون الحصول على إذن مسبق، وأنه سيتم مرافقتنا من قبل أحد أفراد الأمن بذريعة الحفاظ على سلامتنا".

وتبين (أ.خ) أنه في أول طلب للخروج من المستشفى تأخر رجل الأمن في الحضور لساعتين، و"عندما طلبت أن ترافقني سيدة أمن وليس رجل، كان الرد بأنه لا يوجد سيدات، فطلبت مرافقة سيدة عاملة في المستشفى لي، فتمت الموافقة على ذلك ولكن مع حضور رجل الأمن. لقد شعرت وأنا أسمع طقطقات مشي رجل الأمن وهو يسير خلفي بأني شخص خطير وغير مرغوب به، كما شعرت بأني أعيش في سجن وليس في مستشفى، فباب القسم مغلق بالمفتاح ولا يسمح لنا بالاقتراب منه".

معاملة سجناء

معاناة (أ.خ) تكررت مع السيدة (ع.خ) والتي أصيبت بشظايا في عينها اليسرى إثر قصف إسرائيلي استهدف المنزل المجاور لمنزل عائلتها الذي نزحت إليه في حي الشيخ رضوان بغزة، قبل نزوحها مؤخرًا إلى رفح جنوب القطاع.

وتقول (ع.خ) في حديث لـ"الترا فلسطين" إن سيارة الإسعاف تأخرت 12 ساعة بالتمام قبل أن تتحرك من معبر رفح باتجاه القاهرة، ما ضاعف الشعور بالألم في عينها المصابة.

وتضيف: "بعد وصولنا إلى المستشفى طلبت الحصول على شريحة اتصال للتواصل مع عائلتي فتم رفض طلبي بزعم عدم حيازتي لجواز سفر، وبعد إلحاح وفر الأمن لي شريحة اتصال خاصة تستقبل مكالمات فقط، ولا يوجد فيها خدمة إنترنت كذلك".

وتابعت بلهجة استغراب، "مش عارفة ايش الخطر اللي ممكن تسببه سيدة مريضة ترى بعين واحدة على أمن مصر، حتى يتم معاملتنا معاملة السجناء الذين يذهبون إلى المستشفى لتلقي العلاج". وأشارت السيدة إلى أن الأمن يحظر عليها وعلى ابنتها المرافقة لها الخروج من المستشفى لشراء حاجياتهم وأبلغهم أنه هو من سيقوم بهذه المهمة، ما اضطرها إلى طلب بعض حاجياتهم الخاصة من إحدى قريباتها المقيمات في مصر.

مريضة من غزة: "مش عارفة ايش الخطر اللي ممكن تسببه سيدة مريضة ترى بعين واحدة على أمن مصر، حتى يتم معاملتنا معاملة السجناء"

وتواصل (ع.خ) شهادتها، مؤكدة أنه "في حالة زيارتي من قبل أي شخص ليس من درجة القرابة الأولى فإن الأمن يبقى ملازمًا له لحظة الزيارة، وفي حال زيارة قريب من الدرجة الأولى فإن الأمن يحدد مدة الزيارة بـ10 دقائق فقط".

دفن في مصر

السيدة (ع.ع) والتي رافقت والدها للعلاج من مرض السرطان، تروي صورة أخرى من المعاناة، فقد تأخر تحرك سيارة الإسعاف التي أقلتها من معبر رفح ثماني ساعات، الأمر الذي أصاب والدها الذي توفي في المستشفيات المصرية لاحقًا بالإرهاق الشديد.

وتقول (ع.ع) "بعد وفاة والدي طلبت نقل جثمانه إلى قطاع غزة، إلا أن الأمن والمستشفى أخبروني بأن ذلك صعب ويحتاج إلى تكاليف عالية ويجب دفنه في مصر، فيما لم تتواصل معنا سفارة فلسطين أو نعرف أي عنوان للتواصل معهم".

وتواصل، مرّ على وفاة والدي نحو أسبوعين وأنا لا زلت لوحدي في القاهرة، وعندما طلبت من الأمن العودة إلى غزة حيث أطفالي، أخبروني أن ذلك لن يحدث إلا في حالة توقف الحرب أو التوصل إلى اتفاق هدنة.

وفي حال المرافقة (ع.ع) فإن إجراءات الأمن بدت أخف حدة من سابقاتها، فقد حدد الأمن لعدد من مرافقي المرضى مدة ساعتين للخروج من مكان الإقامة في حافلة خاصة إلى أماكن التسوق وهناك يرافقهم أفراد الأمن. وتضيف، في بعض الأحيان يتساهل معنا أفراد الأمن فيطلبوا منا الذهاب للتسوق وحدنا على أن نعود في الوقت المحدد إلى الحافلة.

شنطة سفر واحدة

من جانبهم، أشار ناشطون إلى وجه آخر من أوجه معاناة المواطنين العالقين في مصر والراغبين بالعودة إلى غزة، حيث إن السلطات المصرية تشترط إحضار المسافر لحقيبة واحدة فقط، وهو ما يحول دون قدرتهم على نقل مشتريات، بما في ذلك الأطعمة، إلى أهاليهم المحاصرين في القطاع.

وكانت سفارة فلسطين في القاهرة قد نشرت الإثنين الماضي، إعلانًا تطالب فيه المواطنين العالقين في مصر -باستثناء المرضى ومرافقيهم - والراغبين بالعودة إلى غزة، التجمع أمام البوابة الرئيسية للحديقة الدولية بمدينة نصر على أن يحمل المسافر حقيبة سفر واحدة وحقيبة يد واحدة.

وحاول "الترا فلسطين" التواصل مع السفارة الفلسطينية في القاهرة خلال الأيام الماضية للحصول على تعليق، لكن دون تجاوب حتى لحظة نشر التقرير.

واضطر مئات الجرحى والمرضى الغزيين إلى تلقي العلاج في عدد من المستشفيات المصرية بعد تدمير قوات الاحتلال 155 مؤسسة صحية أبرزها مستشفى الصداقة التركي الوحيد الخاص بمرضى السرطان، وأخرج 32 مستشفى و53 مركز صحي عن الخدمة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.