23-مارس-2024
جهات طبية وحقوقية: ترحيل مرضى غزة ممن يتعالجون في مستشفيات إسرائيلية "حكم إعدام"

امتدّت آثار حرب الإبادة التي تمارسها "إسرائيل" في قطاع غزة منذ نحو ستة أشهر، لتشمل عدّة مرضى بالسرطان من غزة، كان يتلقون العلاج في مستشفيات إسرائيلية، وقررت سلطات الاحتلال ترحيلهم، قبل أن تُرجئ المحكمة العليا الإسرائيليّة تنفيذ ذلك مؤقتًا.

أرجأت محكمة الاحتلال العليا مؤقتًا، تنفيذ قرار إسرائيلي بترحيل نحو 30 مريض سرطان، بينهم أطفال، إلى غزة  ممن يتعالجون في مستشفيات بالقدس والداخل

وجاء قرار محكمة الاحتلال العليا، الخميس، ردًا على التماس قدّمته في اللحظة الأخيرة منظمات حقوقية و13 مريضًا بالسرطان مساء الأربعاء، يطالبون فيه بوقف ترحيلهم. وطلبت المحكمة من حكومة الاحتلال تأجيل اتّخاذ أي إجراء حتى يتسنى لها الوقت لمراجعة الالتماس.

وأكّد مدير مستشفى المطلع في القدس فادي الأطرش لـ الترا فلسطين، أن المحكمة العليا الإسرائيلية جمّدت قرار ترحيل المرضى من قطاع غزة في كافة مشافي القدس والداخل لمدة 30 يومًا. وقال إن جهات دولية بينها الولايات المتحدة وألمانيا تقوم بتدخلات سياسية لوقف قرار الترحيل بشكل كامل.

وبيّن مدير مستشفى المطلع أن قرار الترحيل كان يتعلق بنحو 30 مريضًا بينهم أطفال، ممن يتوزعون على عدد من مستشفيات القدس والداخل.

وقال تامير بلانك، المحامي الرئيس للمرضى، في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه تمت إضافة 7 أسماء إلى الالتماس منذ القرار، مضيفًا أن الحجة التي يستندون عليها أمام القضاء أنّ "إسرائيل" خلقت ظروفًا في غزة لدرجة أن مرضى السرطان لا يستطيعون البقاء هناك لفترة معقولة من الوقت.

وبحسب بلانك فإن 20 شخصًا ممن وقعوا على العريضة معظمهم من مرضى السرطان وغالبيتهم من البالغين، ولا يريدون العودة إلى غزة، وجميعهم كانوا في "إسرائيل" قبل بدء الحرب، ومعظمهم في مستشفيات شرقيّ القدس. وكان من المقرر ترحيلهم لأنهم لم يعودوا يتلقون "العلاج الفعال"، وفقًا للمحامي وجماعات حقوقية ومستشفى.

منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان: من الجنون إعادة المرضى إلى منطقة حرب، نظامهم المناعي ما يزال ضعيفًا، وقرار إعادتهم لغزة بمثابة "حكم إعدام" 

وقالت أسيل أبو راس، مديرة قسم الأراضي الفلسطينية المحتلة في "منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل"، التي قادت الالتماس، إنه "من الجنون" إعادة المرضى إلى منطقة حرب عندما يحتاجون إلى متابعة ورعاية. وأضافت أن نظامهم المناعي ما يزال ضعيفًا، وقرار إعادتهم لغزة بمثابة "حكم إعدام".

ووافقت حكومة الاحتلال على طلب العليا الإسرائيلية عدم ترحيل أيّ من المرضى أثناء مراجعة الالتماس. وطلبت مهلة لإعداد ردّها على الالتماس.

ودمّرت "إسرائيل" نظام الرعاية الصحية في غزة منذ بدء حربها على القطاع في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، واستهدافها المستشفيات الحكومية والخاصّة وكذلك العيادات الطبية، ومنعها إدخال المستلزمات الصحية.

ولم يكن نظام الرعاية الصحية في غزة مُجهّزًا بشكل جيّد لتوفير علاج متقدم للسرطان حتى قبل الحرب، الأمر الذي يضطر المرضى للسّفر للخروج للعلاج داخل المستشفيات الإسرائيلية بعد حصولهم على تحويلة علاج من الحكومة الفلسطينية برام الله، هذا إن تمكنوا من تجاوز العقبات التي يضعها الاحتلال، ومنها الموافقة الأمنية.

ومنذ بدء الحرب، أعادت "إسرائيل" عددًا من العمال الفلسطينيين إلى غزة، وتقول منظمات حقوقيّة إن بعض سكان غزة الذين يتلقون العلاج الطبي، اختاروا العودة.

سلطات الاحتلال اتصلت بمستشفى في القدس، للحصول على قائمة محدّثة بأسماء وحالات مرضى غزة. وأبلغت إدارته بأن 11 مريض سرطان سيتم إعادتهم إلى غزة 

وبحسب رئيس أحد مستشفيات القدس فإنّ السلطات الإسرائيلية اتصلت بالمستشفى الأسبوع الماضي للحصول على قائمة محدّثة بأسماء وحالات مرضى غزة. وأضاف أنه تم إبلاغ المستشفى بأن 11 مريض سرطان لم يعودوا يتلقون العلاج الفعّال سيتم إعادتهم إلى غزة هذا الأسبوع.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن طبيب وجماعات حقوقيّة أن استكمال العلاج الكيميائي أو الإشعاعي ليس نهاية العلاج لمرضى السرطان، وقد يحتاج المرضى إلى علاجات هرمونية، ويحتاجون إلى متابعة وفحوصات منتظمة، وهو أمر غير ممكن في غزة.

ووفقًا للطبيب الأطرش فإن إعادة هؤلاء المرضى إلى غزة "يشبه تعريضهم لخطر القتل لأنها منطقة حرب".

وقال البرفسور رافي ولدون رئيس جمعة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" للقناة الإسرائيلية 13 إنّ لدى السلطات الإسرائيلية نيّة لطرد مصابين ومرضى يعالجون في القدس، وفي مستشفى شيبا.

وأضاف أن الحديث يدور عن طفلة مصابة بالسرطان في العين وجرت محاولة لاستئصال العين، وطفل، ورجل طفلته الصغيرة تحتضر، وطلب البقاء بجوارها على الأقل في الأيام الأخيرة من حياتها. وطفلة عمرها 9 سنوات وصلت لمستشفى شيبا من أجل التبرع بالنخاع العظمي لأخيها الصغير المريض بالسرطان ويطالبون بطردها لغزة، وهناك أبوها قتل ويتوجّب على أمها البقاء هنا مع الطفل الرضيع. "الحديث يدور في النهاية عن مرضى بحالة صعبة يخضعون للعلاج، ولا يشكلون أي عبء على المنظومة الصحيّة الإسرائيلية، قرارٌ قاس ووحشي، والمنظومة الصحية انهارت في غزة، وهناك آلاف الجرحى ينتظرون مغادرة القطاع، وإعادة مرضى السرطان إلى غزة يعني أنه يتم إرسالهم إلى الموت".