19-مارس-2024
نقاشات تدور حاليًا حول هدنة لستة أسابيع، وصفقة تبادل أسرى

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

مع إرسال "إسرائيل" وفدها إلى الدوحة برئاسة رئيس جهاز "الموساد" لاستكمال محادثات الهدنة وصفقة التبادل مع حركة حماس، تتراوح تقديرات المحللين الإسرائيليين بين اعتبار أن إنجاز الصفقة "فرصة"، وبين التحذير من ضغوط أمريكية، في الوقت الذي رأى آخرون أن مطالب حماس تشير إلى "حالة ثقة بالنفس"، وحذّروا من أن أسماء الأسرى الذين تُصرُّ الحركة على تحريرهم "من غير السهل على الإسرائيليين سماعها".

تدور نقاشات حاليًا حول هدنة لـ6 أسابيع، وصفقة تبادل أسرى. يجمع محللون إسرائيليون على أن ثمة "فرصة" الآن لإنجاز صفقة

ووفق مصادر إسرائيلية فإن نقاشات تدور حاليًا حول هدنة لستة أسابيع، وصفقة تبادل أسرى، تفرج خلالها حركة حماس عن 40 أسيرًا إسرائيليًا. ووفق مسؤول إسرائيلي تحدّث لوكالة رويترز فإن هذه المفاوضات قد تستغرق أسبوعين، إثر صعوبات تواجهها قيادة حماس في التواصل مع قطاع غزة.

وفي الوقت ذاته كشفت القناة 13 أنه وعلى خلفية مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى قطر لإجراء مباحثات حول المقترحات لإبرام صفقة لتبادل الأسرى، عقدت محادثات مغلقة بين وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، هددا خلالها بالانسحاب من حكومة نتنياهو إذا ما تم الإفراج عن أسرى فلسطينيين شاركوا في التخطيط أو تنفيذ عمليات أوقعت قتلى إسرائيليين، وهم الأسرى الذين يُطلق عليهم إسرائيليًا توصيف "الملطخة أيديهم بالدماء".

ولفتت القناة إلى وجود ما وصفته "تأييدٌ واسع جدًا للصفقة التي يجري بلورتها"، وقالت إن تأييد الصفقة أيضًا يشمل مستويات قيادية في "الشاباك" بما في ذلك رئيسه رونين بار، و"الموساد" ورئيسه ديدي برنيع، وكذلك في هيئة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين ومنسّقها نيتسان ألون، وفي صفوف الجيش. وكذلك على المستوى السياسي؛ حيث تؤيد الأغلبية المطلقة للوزراء في (الكابينت) ومجلس الحرب هذه الخطوط، لكن يبدو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يتوصل بعد إلى قرار بهذا الشأن.

مستويات قيادية في أجهزة الأمن الإسرائيلية تدعم الذهاب باتجاه صفقة. الكابينيت في أغلبه يؤيد الصفقة. بن غفير وسموتريتش يرفضان، ونتنياهو لم يعلن موقفه حتى الآن 

وأشارت إلى أنّ مجلس الوزراء (الكابينت) كان وافق على منح تفويض الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الموساد الذي وصل قطر لبحث ملفات كثيرة. وقبل ذلك وقّع رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على "وثيقة مبدئية" تتضمن المطالب التي توافق عليها "إسرائيل". وفي جلسة مجلس الوزراء جرت الموافقة النهائية على الوثيقة، قبل مغادرة الوفد.

اقرأ/ي أيضًا: صفقة تبادل الأسرى والهدنة.. مفاوضات صعبة وأيام حاسمة

وعقّب أحد الوزراء الإسرائيليين الذين حضروا الجلسة بالقول: "الانطباع هو أنه، باستثناء بن غفير وربما سموتريتش، من غير المتوقع أن تكون هناك معارضة في مجلس الوزراء لصفقة الرهائن عندما يتم طرحها للمصادقة عليها".

وفيما يتعلق بالمطالب الجديدة التي سلمتها حماس نهاية الأسبوع الماضي، قالت القناة الإسرائيلية 13 إنّ حماس تطالب بضمانات من روسيا وتركيا كجزء من أي صفقة، بالإضافة إلى مشاركة قطر ومصر، وهو ما تعارضه "إسرائيل". كما تطالب حماس بالإفراج عن جميع الأسرى الـ 48 الذين تم إطلاق سراحهم في صفقة الجندي جلعاد شاليط وجرى اعتقالهم مرة أخرى. وبحسب القناة فإنّ "إسرائيل" مستعدّةٌ لإطلاق سراح جزء كبير منهم، ولكن ليس جميعهم.

حماس تشعر بالثقة

وقال محرر الشؤون العربية والفلسطينية في القناة الإسرائيلية 13 تسفيكا يحزقيلي، إنّ حماس تشعر بالثقة بالنفس، لذلك فإنها الآن تطالب بالإفراج عن أسرى ليس من السهل على الجمهور الإسرائيلي تقبّل الإفراج عنهم، وأولهم حسن سلامة المحكوم بالسجن 33 مؤبدًا، والمسؤول عن غالبية تفجيرات الحافلات، وعباس السيد مُدبر عملية فندق بارك، وكذلك عبد الله البرغوثي مهندس العمليات التفجيرية، وكذلك مروان البرغوثي الذي يشكّل رمزًا فلسطينيًا وقد يكون خليفة أبو مازن، وهذا يعني منح حماس القدرة على تغيير الساحة الفلسطينية، وقد تجد "إسرائيل" نفسها مضطرة للإفراج عنه وهو المحكوم بخمس مؤبدات، ومثله كذلك أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية، مُدبّر عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.

غيورا آيلاند: حماس تدرك أن مطالبها باتت مقبولة لدى باقي الأطراف بما فيها الولايات المتحدة 

رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق، اللواء احتياط غيورا آيلاند، رأى في حديث مع القناة 12 أنّ مطالب حماس تعبّر عن شعور بالثقة بالنفس، وحذّر من أنّ مطالبها لا تحظى بمعارضة أمريكية حاليًا. وقال إنّ ما تطالب به حماس لا يعبر فقط عن الشعور بالثقة، بل أيضًا عن إدراكها أن ما تعرضه بات مقبولًا لدى باقي الأطراف بما فيها الولايات المتحدة.

وأضاف: لو سألت رئيس الولايات المتحدة، إن كان مستعدًا لقبول موقف حماس، فسيقول نعم. لأن المطلب الجوهري الذي تُصر حماس على تحقيقه هو إنهاء الحرب، وعلى الأقل الانسحاب من جزء من الطريق الذي يقسم غزة لقسمين، والذي يوفّر إمكانية عودة الفلسطينيين لشمال قطاع غزة، ويسمح بعودة روتين الحياة الطبيعية هناك. كما أن وقف إطلاق النار لمدة طويلة يقود إلى وقف الحرب كلها، وهذا ما تدعمه الولايات المتحدة، وبهذا المفهوم فإن ثمة اتفاق بين الولايات المتحدة وحماس، وإن لم يكن مباشرًا.

خشية إسرائيلية

ونقل التلفزيون الإسرائيلي "قناة كان" عن مسؤولين رفيعي المستوى أن هناك مخاوف جدية في تل أبيب من ممارسة واشنطن ضغوطًا على إسرائيل في ظل التوتر بين نتنياهو وبايدين، من أجل إبداء المرونة في إطار الاتصالات الرامية للتوصل إلى صفقة.

وقال المراسل السياسي لقناة كان عميحاي شتاين إنّ الإسرائيليين يخشون أن يطالب الأمريكيون، "إسرائيل" بإظهار المزيد من المرونة في إطار المفاوضات الرامية للتوصل إلى صفقة، أي التنازل عن الخطوط الحمراء التي تضعها "إسرائيل" لنفسها حتى الآن. وأضاف عميحاي شتاين أن مسؤولين إسرائيليين أوضحوا أن "إسرائيل" ستتسمك بمبادئها وبخطوطها الحمراء. وكما حدث في الماضي عندما يكون هناك ضغط أمريكي، ليس من المؤكد أنّ "إسرائيل" ستنجح في الصمود والتمسك بهذه المبادئ.

وفسّر عميحاي شتاين الضغوط المحتملة التي قد يمارسها البيت الأبيض على حكومة الاحتلال بالقول إن التدقيق في ردود الفعل الأمريكية في الأيام الماضية بعد الردّ الذي قدمته حماس، يشير إلى أنهم في الولايات المتحدة يتحدثون عن تفاؤل وعن تقدم جدي بعد أن قدمت حماس ردّها، إنهم لا يتحدثون عن الإشكاليات الكامنة في ردّ حماس، لذلك فإنهم في "إسرائيل" يخشون مطالبتهم بإظهار مزيد من المرونة إزاء مطالب حماس بعد نجحت الأخيرة بالتظاهر أنها تنازلت عن جزء من مطالبها التي طرحتها أصلًا من أجل التنازل عنها، للتظاهر أنّها أبدت مرونة.

هل توافق إسرائيل هذه المرّة؟

وأعرب المحلل السياسي في القناة الإسرائيلية 13 رفيف دروكر، عن تفاؤله بالتوصّل إلى صفقة تبادل أسرى، قائلًا: "نحن في طريقنا لإبرام صفقة تبادل". وعن إمكانية رفض الصفقة قال إنه لا يريد استخدام كلمات قاسية أكثر، ولكن رفض الصفقة يعني أنّ "إسرائيل" ستبكي لأجيال مقبلة. هذه صفقة جيّدة لـ "إسرائيل".

محلل سياسي إسرائيلي: رفض الصفقة يعني أنّ "إسرائيل" ستبكي لأجيال مقبلة

وأضاف أن حماس حققت إنجازًا أيضًا، إذ إنها ستفرج مجددًا عن أسرى، ولكن في هذا الوضع هذه هي أفضل الطريق لتحقيق إنجاز بأثمان ليست باهظة -على حد قوله- كما أنّ كل مجلس الحرب خصوصًا وزير الجيش يؤآف غالنت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر المخلص لنتنياهو، وحتى نتنياهو نفسه لم يظهر موقفًا معارضًا. أي أن أعضاء مجلس الحرب يعتقدون بضرورة التوصل إلى هذه الصفقة، وبصوابيّة خطوة إرسال الوفد إلى الدوحة.

ونقل يرون أبراهام، المحلل السياسي في القناة 12 عن مسؤول إسرائيلي ضالع في ملف التفاوض، قوله: "حصلنا على تفويض ليس بالحجم الذي طالبنا به من المستوى السياسي، لكنّه كاف لإجراء مفاوضات جدية. لن يكون هناك وضع يجلس فيه ممثلو إسرائيل في المفاوضات للاستماع فقط. وسنبذل جهدنا للتوصل لنتيجة في صالح إسرائيل، ومرضية لعائلات المحتجزين".

لكن داني إلغرت وهو شقيق أحد الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، اتهم بنيامين نتنياهو بأنه يفضّل مقتل أكبر عدد ممكن من الأسرى المحتجزين لدى حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وذلك خلال حديثه مع الإذاعة الإسرائيلية العامّة. وقال إن "رئيس الحكومة يفضل أن يموت أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين، حتى يكون ثمن الصفقة أقلّ، وأنا أعتقد أن المزيد من الأسرى سيموتون، وهذا ما سيحدث".