تناقش صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية مستقبل إسرائيل خلال السنوات الـ30 المقبلة، وكيف ستكون أحوالها في عام 2048، عندما تُكمل 100 عام على إقامتها باحتلال فلسطين، محاولة البحث عن صورة لما ستكون الأحوال عليه اقتصاديًا وسياسيًا على المستوى الداخلي، وديموغرافيًا مع الشعب الفلسطيني، وفي العلاقات مع الدول العربية أيضًا.
طرحت "يديعوت" هذا النقاش مع مختصين وعلماء إسرائيليين، بمناسبة اقتراب الذكرى الـ70 لإقامة "دولة إسرائيل"، وقد خلُصت إلى أنها تمضي نحو اكتظاظ سكاني، بالوصول إلى 17 مليون نسمة يتوزعون بالترتيب إلى أربعة مجموعات سكانية، وهم: يهود علمانيون، ثم يهود متشددون دينيًا (حريديم)، ثم يهود متدينون قوميون، ثم عرب.
توقعات باكتظاظ سكاني وحرب أهلية، أو على الأقل مظاهرات تؤدي لقتلى، خلال السنوات الـ30 المقبلة من عمر إسرائيل
عالم المستقبليات دفيد بسيج، كشف عن توقعاته بالقول: "نحن نمضي في طريق تقود نحو صدام مجتمعي، أنا أتوقع حربًا أهلية في حال استمر الوضع القائم. لست متأكدًا من اندلاع حرب فعلية، ولكن بالطبع سيقع قتلى خلال التظاهرات".
اقرأ/ي أيضًا: كيف غيّرت إسرائيل وجه حروب العالم؟
ستذهب إسرائيل أيضًا نحو مزيد من التطرف الديني، وفقًا لعالم الديموغرافيا السياسية، أرنون سوفير، الذي قال إن اليسار الليبرابي في إسرائيل اختفى بالفعل، وفي عام 2048 سيكون بمقدور اليهود المتدينين (الحريديم والقوميين) أن ينتصروا في اللعبة السياسية، وسيستطيعون تحديد إن كان العلمانيون سيهربون أم لا.
يستند سوفير في رؤيته هذه إلى معدل إنجاب المرأة الحريدية، 7 أطفال، فيما معدل إنجاب المرأة القومية 4.5، أما معدل إنجاب المرأة العلمانية فهو 2.25.
وتحت عنوان "هكذا ستصمد إسرائيل خلال عام 2048"، استعرضت "يديعوت" توقعات البرفسور شلومو حسون، رئيس مركز "شاشا" للأبحاث الاستراتيجية، وهو مركز في الجامعة العبرية يختص بدارسة التحديات الجوهرية التي تواجهها إسرائيل؛ لتقديم حلول طويلة المدى. يتوقع حسون أن تصل علاقات إسرائيل مع الدول العربية المحيطة في عام 2048 إلى تعاون اقتصادي ومشاريع مشتركة ضخمة في قطاع البنى التحتية.
وتطرق حسون إلى الميزان الديموغرافي في مواجهة الفلسطينيين، فأشار إلى أن المعطيات الحالية تؤكد أن عدد الفلسطينيين المسلمين واليهود في فلسطين بأكملها قد تساوى، لكن الكفة في عام 2048 ستميل إلى جانب نسبة المسلمين. يقول: "سنجد أنفسنا أمام 55% مسلمين مقابل 45% يهود، أانا اقترح مواجهة هذا الوضع بحل اقتصادي وليس سياسي".
ويشرح حسون صورة "مستقبل إسرائيل"، وفق أبحاث مركزه، فيقول: "المساحة الفاصلة بين نهر الأردن والبحر المتوسط صغيرة جدًا، وحتى لو تم تقاسم المنطقة بين الطرفين، فإن المستقبل سيفرض تبعية واعتمادًا على إسرائيل".
وتابع، "كنا نتعقد في السابق أن التسوية السياسية مع الفلسطينيين ستقود لتعاون اقتصادي، ولكن سيحدث عكس ذلك، سوق العمل والبنى التحتية لقطاع المياه والكهرباء والطاقة والغاز والمواصلات هي من ستحدد طبيعة العلاقة مع جيراننا الفلسطينيين أكثر من الاعتبارات السياسية".
عندما تُكمل إسرائيل 100 عام على إقامتها، ستكون قد أقامت علاقات وثيقة مع العرب أساسها اقتصاد إسرائيل وقوتها
وفي ما يخص العلاقة مع الدول العربية القريبة، فإنها ستعتمد على دمج يتراوح بين تفوقها الاقتصادي، وبين الردع العسكري، وفق عوزي ربي، رئيس مركز "ديان" للأبحاث في جامعة "تل أبيب"، الذي قال إن العرب سيجدون أن التعاون مع إسرائيل أفضل من قتالها، وسيُقرّون بوجود إسرائيل خوفًا من قوتها وليس حبًا لها، وكذلك بسبب العداء المشترك لإيران، على قاعدة "عدو عدوي صديقي".
أما اللواء عاموس غلعاد، رئيس القسم الأمني والسياسي في وزارة جيش الاحتلال، فرأى أن السنوات المقبلة سيكون الطريق فيها متاحًا أمام إسرائيل للحفاظ على الفجوة التكنولوجية التي تفصلها عن الدول العربية، وتطوير العلاقات الطيّبة مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، وتعزيز التحالف مع أمريكا.
ويشير غلعاد إلى أن الملف الإيراني هو المحدد الأول لمستقبل إسرائيل، يليه الميزان الديموغرافي مع الفلسطينيين. يقول غلعاد: "في ظل غياب حل سياسي في المدى المنظور، نحن نقترب من واقع تكون فيه دولة لشعبين، بالتوازي مع مشاكل اقتصادية واجتماعية ستتفاقم، وعدد سكان آخذ بالنمو لدى الفلسطينيين، وبنى تحتية اقتصادية متردية، وكل هذه العناصر لن تقود إلى شيء جيد".
اقرأ/ي أيضًا:
إسرائيل عندما تعوّل على الواقي الذكري