بلغ صافي أرباح 10 شركات تأمين تعمل في الأراضي الفلسطينية حوالي 20 مليون دولار في العام 2020، وهو رقم يتجاوز حجم ما حققته تلك الشركات مجتمعة في العام 2019، وفي العام 2018. هذا رغم تراجع أرباح شركات القطاع الخاص العاملة في مناطق السلطة الفلسطينية، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفتها جائحة كورونا، ونتيجة انقطاع أموال المقاصة.
لم تصادق هيئة رأس المال على هذه المعطيات، لكن المبلغ بعد المصادقة عليه لن يختلف إلى حد كبير عن هذا الرقم
تؤكد هذه المعطيات، الأمين العام لاتحاد شركات التأمين نسرين الحنبلي، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هذه الأرقام لم يصادق عليها حتى الآن من قبل هيئة سوق رأس المال، "ولكن المبلغ بعد المصادقة عليه لن يختلف إلى حد كبير عن هذا الرقم".
اقرأ/ي أيضًا: 2020: تراجع حاد في الاقتصاد وارتفاع في البطالة والفقر
وأوضحت الحنبلي في حديث لـ الترا فلسطين، أن معظم هذه الأرباح "ليست فنية"، بمعنى أنها ليست ناتجة عن عمليات التأمين، بل ناتجة في مجملها عن عدة أمور من بينها استثمارات شركات التأمين، وعن فرق العملة بالدولار، أو وجود ودائع لشركات التأمين لدى البنوك أخذت عليها فوائد.
وأضافت، "دخلنا العام 2020 بسعر صرف للدولار 3.7 شيقل وإنتهى العام العام بسعر صرف 3.2 شيقل، وبالتالي فرق العملة أحد أهم الأسباب في زيادة الأرباح".
وبحسب الحنبلي، فإن نسبة 50% من مجمل الأرباح أو ربما أكثر من ذلك هي أرباح غير ناتجة عن عمليات التأمين.
نسبة 50% من مجمل أرباح شركات التأمين أو ربما أكثر من ذلك هي أرباح غير ناتجة عن عمليات التأمين
يؤكد مراقبون، أن شركات التأمين، لأول مرة، تعلن أن أربحاها ناجمة عن عمليات غير تأمينية، وذلك لتبرير نمو أرباحها في عام صعب اقتصاديًا.
اقرأ/ي أيضًا: المؤشر العربي: ماذا يقول الفلسطينيون عن وضعهم الاقتصادي؟
ترد الحنبلي بالتأكيد أنه "تاريخيًا"، أرباح شركات التأمين ليست كلها فنية ولا ناجمة عن عمليات التأمين، ولكن كل شركة تقول إن لديها أرباح من عمليات التأمين حتى يشعر المساهمون فيها بالراحة.
وأوضحت، أنه منذ سنوات أرباح شركات التأمين متواضعة، حيث أن حجم أقساط التأمينات في 2019 كان حوالي 300 مليون دولار، وفي العام 2020 كان حوالي 300 مليون دولار، رغم أنه بالعادة يكون نمو سنوي في قطاع التأمين بقيمة 10%، أي أن الأقساط تزيد بحوالي 30 مليون دولار، ولكن في العام الأخير لم ترتفع هذه الأرباح، وهذا يعتبر خسارة لشركات التأمين.
يتفق الصحافي المختص في الشأن الاقتصادي محمد خبيصة مع الحنبلي في الأسباب التي عددتها لتوضيح سبب نمو أرباح شركات التأمين.
ربحت شركات التأمين من فروقات العملة وعوائد استثمارات وإعادة تقييم أصول وأرباح لمرة واحدة
يُبين خبيصة لـ الترا فلسطين، أن السبب الرئيسي لنمو الأرباح أنشطة غير تأمينية، مثل فروقات العملة وعوائد استثمارات وإعادة تقييم أصول وأرباح لمرة واحدة، "مثلاً، بعض الشركات باعت استثمارات لها، أو أرباح من شركات أخرى تكون شركة التأمين مستثمرة فيها".
اقرأ/ي أيضًا: كم ربحت "إسرائيل" في 2020 من ضخ الغاز لمصر والأردن؟
وأشار خبيصة إلى "سبب ثانوي" ظهر عند بعض الشركات في العام 2020، وهو تراجع فيما يسمى بالمطالبات المتكبدة، ووهي التعويضات التي تدفعها شركات التأمين. وهذا التراجع طبيعي في ظل حالات الإغلاق المتقطعة التي شهدتها الأراض الفلسطينية منذ 22 آذار،مارس 2020، و الحجر الإلزامي في شهر تموز،يوليو الماضي، إضافة إلى إغلاقات أيام الجمعة والسبت.
وأوضح، أن شركات التأمين تجبي إيرادتها من من المؤمّن لهم بعملة الشيكل وتعلن عن الأرباح بعملة الدولار، وهنا تكون فروقات الأسعار مرتفعة، مضيفًا أن إحدى الشركات كانت لديها أرباح بسبب فروقات أسعار الصرف بقيمة مليونين و300 ألف دولار.
إحدى الشركات كانت لديها أرباح بسبب فروقات أسعار الصرف بقيمة مليونين و300 ألف دولار
خلال العام الأخير، أو ما يعرف "بعام كورونا"، طالت شركات التأمين اتهامات بأنها لم تتكفل بعلاج المصابين بالفايروس من الأشخاص المؤمنين لديها، وبالتالي هذا ما ساهم في الحفاظ على نمو أرباحها وزاد منها.
اقرأ/ي أيضًا: 2021.. عجز مالي يتربّص بـ"السُلطة" لهذه الأسباب
تعلق الحنبلي بأن عقد التأمين هو عقد بين طرفين وفيه شروط، وفي كل وثيقة يوجد استثناءات، منها الجائحات والأوبئة "التي دول عظمى لا تستطيع الوقوف فيها" وفق تعبيرها.
وأضافت، "ومع ذلك معظم الذين لديهم تأمين صحي خاص بشكل أو بآخر تم تغطيتهم، فالمريض في الأعراض الأولى كان يعاني من الرشح ويتم علاجه بناءً على التأمين الصحي الخاص، وحتى تظهر النتيجة أن لديه كورونا يكون قد تلقى ثلاثة أرباح العلاج".
الحنبلي: عقد التأمين توجد فيه استثناءات منها الجائحات والأوبئة، ومع ذلك ساهمنا جزئيًا في علاج مرضى كورونا
في المقابل، فإن المستشار القانوني للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" عزمي الشعيبي ينظر إلى هذا الموضوع من شقين، الأول قانوني، والثاني يتعلق بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية "التي توجب على شركات التأمين أن تساهم مساهمة رئيسية في مكافحة كورونا" وفق رأيه.
اقرأ/ي أيضًا: تراجع مساهمة الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني
وأوضح الشعيبي لـ الترا فلسطين، أنه من حيث المبدأ فإن العقد شريعة المتعاقدين، والقانون هو من ينظم ذلك.
وأضاف، أنه عادة في قضايا الكوارث لا تغطيها التأمينات، لأنها لا تقدر عليها، وعادة تكون من مسؤوليات الدول، وقانون شركات التأمين تجد فيه بعض القضايا التي لا يشملها التأمين، ومن ضمنها القضايا المتعلقة بالكوارث والحروب لأنها ليست من الأمور الاعتيادية.
وأشار إلى أن العقد مع شركات التأمين يتضمن بنودًا كثيرة، لكن عادة لا يقرأ الناس هذه الأمور، مبينًا أن أحد البنود هو أن الشركة غير ملزمة بتغطية الإصابات، أو الأمراض الناجمة عن الطوارئ، وبعض الأمراض التجميلية، وبعض الأمراض ليست أساسية.
الشعيبي: يجب الضغط على الشركات التي حققت أرباحًا لزيادة مساهمتها في المسؤولية الاجتماعية، خاصة الخدمات الطبية
أما الشق الثاني، وفق الشعيبي، فهو مسؤولية شركات التأمين خارج نطاق القانون، وهذه تعرف باسم المسؤولية المجتمعية للشركات، "وبما أننا في حالة الطوارئ يحق للحكومة أن تلزم أطرافًا كثيرة باتخاذ بعض المساهمات لحالة الطوارئ" حسب قوله.
ورأى أن الشركات التي حققت أرباحًا يتوجب الضغط عليها لزيادة مساهمتها في المسؤولية الاجتماعية، وتحديد هذه المساهمة في الخدمات الطبية الخاصة بالوباء.
اقرأ/ي أيضًا: