24-أبريل-2022
اقتحام المسجد الأقصى

Mostafa Alkharouf/Getty

منذ سنوات يتهم الفلسطينيون سلطات الاحتلال بالسعي لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا بين اليهود والمسلمين، على غرار التّقسيم الحاصل في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل.

في السنوات الأخيرة صعّدت جماعات الهيكل المتطرّفة من اقتحامها للمسجد الأقصى، وباتت أيام رمضان ساحة مواجهة تنذر بالانفجار 

وتسمح سلطات الاحتلال للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى بشكل يومي وعلى فترات محددة باستثناء بعض الأيام من العام، وتطوّرت هذه الاقتحامات تدريجيًا حتى بات المستوطنون اليوم يؤدّون صلوات تلمودية بشكل فردي وجماعي داخل أروقة المسجد البالغة مساحته الكليّة 144 دونمًا (الدونم: ألف متر مربّع).

مؤخّرًا، أعلنت جماعات يهودية متطرّفة عزمها ذبح قربان داخل صحن قبة الصخرة تمهيدًا لإقامة "الهيكل"، لكن ذلك لم يحدث خلال أيّام عيد الفصح اليهودي (2022)، غير أن تطوّرات خطيرة طبّقها الاحتلال على الأرض لها علاقة بتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود.

الخبير في شؤون القدس جمال عمرو يقول في حديثه لـ "الترا فلسطين" إن الاحتلال قام بتطوّر خطير في تقسيمات الأقصى هذا العام، تمثّل بإخلائه من المسلمين قبل اقتحام المستوطنين، وهو ما لم يكن يحصل في السابق.

 تطوّر خطير في اقتحامات المسجد الأقصى هذا العام  

ويوضح عمرو أن قوات الاحتلال تقوم بإخلاء المسلمين من ساحات الأقصى بالقوة، إذ إنها لا تعترف بها كجزء من المسجد، الذي يقتصر وفق الفهم الإسرائيليّ على المصليّات المسقوفة، ما يعني فعليًا استثناء 96% من مساحة المسجد الأقصى، المتمثلة بالباحات الخارجيّة.

ويضيف أنّه ومن ناحية ثانية، يحدد الاحتلال للمستوطنين أزمنة الاقتحامات، والأماكن التي يسلكونها بشكل مدروس بعناية فائقة، وبتواجد قوة عسكرية كبيرة تحاول تأمين دخول وخروج آمن، بالتوازي مع التنكيل بالمعتكفين ومنعهم حتى من رفع أصواتهم.

ويصف عمرو ما يجري على صعيد التقسيم الزماني والمكاني بأنّه "تطور كبير وخطير جدًا"، وبات الزمان الذي يسيطر فيه المستوطنون اليهود على المسجد الأقصى أضعاف زمان الصلوات الإسلامية، أمّا المكان فإنهم يعتبرون أن المكان كله معهم.

ويرى الصحفي محمد الصادق من القدس أنّ التقسيم المكاني في الأقصى قائم بالفعل، باعتبار أن المصليّات المغلقة (قبة الصخرة، المسجد القبلي، الأقصى القديم، المرواني، باب الرحمة، البراق) هي مكانيًا للمسلمين لوحدهم، ولا يدخلها اليهود. أما باقي الساحات والمعالم في المسجد الأقصى فمتاح استخدامها للمسلمين أو اليهود أو الزوار.

 التقسيم المكاني والزماني في الأقصى قائمٌ بالفعل!  

ويوضح محمد الصادق في حديثه لـ "الترا فلسطين" أنه لو كان هناك أعداد كبيرة من المصلين المسلمين في المسجد الأقصى ويتواجدون في المصليات المغلقة ولا يعترضون على إدخال المستوطنين، فإنّه لن يتم طردهم باعتبار أنه وحسب التقسيم المكاني هذه مناطق للمسلمين.

ويتابع أن التقسيم الزماني الجاري حاليًا يُطبّق على الباحات، إذ يتم فتح أبواب المسجد الأقصى قبل الفجر بنصف ساعة لدخول المسلمين، وبعد الصّلاة يتم البدء بتفريغ الساحات والممرات التي يسلكها المستوطنون كي يبدأوا اقتحامهم الذي يستمر حتى قبل موعد صلاة الظهر بساعة.

ويشير إلى أنّهم حاولوا أن تُعاد كرّة التقسيم الزماني بعد صلاة الظهر إلى ما قبل صلاة العصر، بحيث يتم إفراغ الساحات من المصلّين المسلمين لاقتحام المستوطنين والزوار، إلا أنهم فشلوا في ذلك بسبب تواجد أعداد كبيرة من المسلمين في الأقصى.

ويبيّن أنه في الأعياد والمناسبات الإسلامية كان يتم تجنّب تنفيذ المستوطنين اليهود للاقتحامات، غير أنه تم استثناء شهر رمضان في السنوات الأخيرة، وسُمح للمستوطنين باقتحامه، الأمر الذي عزز المواجهات في الأقصى.

كما يبيّن محمد الصادق أنه وفي أعياد اليهود يُمنع على المسلمين التواجد في باحات الأقصى الخارجية، والتي بحسب التقسيم المكاني تكون مخصصة لليهود في هذه الأعياد.

وعن تسلسل مخططات التقسيم المكاني، يقول صادق إنّه كان هناك نيّة للاستيلاء على المصلّى المرواني الذي كان مغلقًا حتى عام 1996، والخطة كانت -في حينه- أن يتم فتح أحد أبواب المسجد الأقصى المغلقة في السور عند القصور الأموية بحيث يتم دخول المصلى المرواني من قبل المستوطنين من الحائط الجنوبي، بحيث يدخل المستوطنون من الخارج دون احتكاك مع المسلمين، بحيث يكون المصلى المرواني مخصصًا للمستوطنين، ومن فوقهم المسلمين، ولكن هذه الخطة فشلت بعد افتتاح المرواني وترميمه.

 كانت هناك محاولات للاستيلاء على "المرواني" و"باب الرحمة" لكن تم إفشالها.. ما الجديد الذي تخطط له جماعات الهيكل؟  

وبعد فشل خطّة الاستيلاء على المصلى المرواني وتحويله لكنيس يهوديّ، جرى التخطيط للاستيلاء على مصلى باب الرحمة قرب الجدار الشرقي للمسجد الأقصى بحيث يتم فتح البوابة الذهبية، والدخول والخروج دون اختلاط بالمسلمين، لكن فتح المصلى قبل عامين فيما عُرف بمواجهات باب الرحمة، بعد 16 عامًا من إغلاقه، أفشل الخطّة.

وبعد فشل خطط الاستيلاء على "المرواني" و"باب الرحمة"، يوضح صادق أنّ ثمة خطّة ثالثة يجري العمل عليها حاليًا من قبل جمعيّات الهيكل وسلطات الاحتلال، وتقوم على إقامة "كنيس يهودي" في منطقة الكأس الواقعة بين المصلى القبلي وقبة الصخرة المشرفة، ويتم الوصول له عبر ممر زجاجي يمتد من حائط البراق ويصل لهذه المنطقة، دون احتكاك مع المصلين المسلمين.

وبحسب صادق فإنّ هذا المخطط الأخير، المطروح حاليًا، يعني السيطرة على جزء كبير من باحات المسجد الأقصى المبارك، وقد يتم البدء بتنفيذه بعد الانتهاء من بناء كنيس "يروشلايم" الذي يتم بناؤه بجانب المدرسة التنكزية قرب حائط البراق ويُطلُّ على المسجد الأقصى.