الترا فلسطين | فريق التحرير
يسود اعتقادٌ في وسائل إعلام إسرائيلية بأن قرار بنيامين نتنياهو منح حزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش المسؤولية عن الإدارة المدنية سيكون له تأثير واسع بعيد المدى على الواقع في الضفة الغربية، وسيؤدي لانتقادات على الساحة الدولية، بينما يراه آخرون تقدمًا في طريق فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
ادعاءات بتسلئيل سموترتش بشأن الإدارة المدنية تخفي حقيقة أنها تملك صلاحيات واسعة النطاق وتتحكم في حياة الفلسطينين في الضفة الغربية وقطاع غزة
وينص الاتفاق الائتلافي بين حزب "الليكود" بقيادة رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو وحزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش على أن تكون المسؤولية عن الإدارة المدنية تابعة لمسؤول من حزب سموتريتش يعمل داخل وزارة الجيش ويكون تابعًا لرئيس الحكومة مباشرة، وأن يتم توزيع جزءٍ من صلاحيات الإدارة المدنية لوزارات أخرى.
ما هي صلاحيات الإدارة المدنية؟
أجابت القناة 12 الإسرائيلية على هذا السؤال موضحة أن الإدارة المدنية ذراعٌ تنفيذيةٌ تابع لمنسق عمليات حكومة الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي تعمل بموجب أوامر قائد المنطقة الوسطى -الحاكم العسكري للضفة الغربية برتبة لواء- ودورها تطبيق سياسات الاحتلال في خطط البناء في المستوطنات والمناطق الفلسطينية المصنفة (ج) وفق اتفاق أوسلو، وإصدار أوامر الهدم بحجة البناء غير المرخص وتنفيذ تلك الأوامر، وإصدار تصاريح العمل داخل الخط الأخضر للعمال الفلسطينيين، وشق الطرق الاستيطانية، وربط المستوطنات بالمياه والكهرباء.
ويتكون طاقم الإدارة المدنية من جنود وضباط ومدنيين على اتصال دائم مع قادة المستوطنين وموظفي المنظمات الدولية العاملة في المنطقة. وتعمل في الضفة الغربية ثماني دوائر تابعة للإدراة المدنية، تسمى مديريات التنسيق والارتباط، منتشرة في ونابلس ورام الله وأريحا والقدس وبيت لحم والخليل ومناطق أخرى.
وخلال الحملة الانتخابية لحزب الصهيونية الدينية، كرر بتسلئيل سموتريتش الدعوة لتفكيك الإدارة المدنية، معتبرًا أن اتفاق أوسلو وفك الارتباط كانا كارثة على "إسرائيل"، إذ يخضع المستوطنون في الضفة الغربية لمزيج من سلطات الإدارة المدنية والوزارات الحكومية في "إسرائيل"، في حين أن وجود 120 ألف فلسطيني في مناطق (ج) لا يبرر وجود هذه الهيئة.
وأوضح الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، أن ادعاءات بتسلئيل سموترتش بشأن الإدارة المدنية تخفي حقيقة أنها تملك صلاحيات واسعة النطاق وتتحكم في حياة الفلسطينين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في الملفات التي تتعلق بالسفر ولم شمل الأسر الفلسطنيية، والاستيراد والتصدير، واستغلال الثروات الطبيعية، وتسجيل ملكية الأرض والعقارات.
ومع بدء حكومة بنيامين نتنياهو عملها ستكون الإدارة المدنية ضمن صلاحيات حزب الصهيونية الدينية، في حين أن جيش الاحتلال هو من يمتلك المنطقة ويديرها بموجب القانون الدولي، سواءً في الشؤون العسكرية أو الأمنية أو المدنية.
تحويل صلاحيات الإدارة المدنية إلى الوزارات الحكومية يعني أن الاستيطان فعلٌ غير قانوني لأنه بات ضمًا فعليًا على أرض الواقع
ونقلت القناة 12 عن المحامية تاليا ساسون، التي شغلت في السابق منصبًا رفيعًا في النيابة العامة الاسرائيلية، قولها إن "إسرائيل" ستجعل بتسلئيل سموتريتش أو من سيختاره سموتريتش هو الشخص الذي يعطي الأوامر والتعليمات إلى الناس في الإدارة المدنية، رغم القانون الإسرائيلي لا يتيح ذلك.
وأضافت ساسون، أن "إسرائيل" طوال السنوات الماضية تقول إن مشروع الاستيطان في الضفة الغربية يتماشى مع القانون الدولي، لأنه مؤقت وليس دائم، مبينة أن تحويل صلاحيات الإدارة المدنية إلى الوزارات الحكومية يعني أن الاستيطان فعلٌ غير قانوني لأنه بات ضمًا فعليًا على أرض الواقع.
وفي تقرير للقناة 12 بعنوان "ضم بحكم الأمر الواقع"، أشارت القناة لتقديرات سائدة بأن تشهد الفترة المقبلة (بعد بدء عمل الحكومة الجديدة) تضاعف عمليات هدم المنازل الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج)، مقابل العمل على ترخيص البؤر الاستيطانية غير القانونية، رغم أن هذه العملية أكثر تعقيدًا من الهدم، بسبب حاجتها لتغييرات تشريعية هامة.
واعتبرت أن منح الإدارة المدنية لحزب الصهيونية الدينية يعني نجاح بتسلئيل سموتريتش في تنفيذ وعوده الانتخابية، لكنها تعني أيضًا أن "إسرائيل" ستواجه انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، وهو ما أكدته المحامية تاليا ساسون، التي قالت إن الانتقادات ستكون بالدرجة الأولى من الإدارة الأمريكية، "فلن يعود بإمكان إسرائيل القول إن الضفة الغربية منطقة لم يحسم مصيرها بعد".