تستمر تداعيات تفكك القائمة العربية المشتركة في الظهور، ويعود ذلك لحدوثها في الساعات الأخيرة قبل آخر موعد لتسجيل القوائم لانتخابات الكنيست القادمة، وفي ظل الحديث حول تدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي يائير لابيد باتجاه دعم إقصاء التجمّع الوطني الديمقراطي من القائمة المشتركة، رغبةً منه في الحصول على توصية عربية جديدة بعد توصية القائمة العربية الموحدة من أجل الاستمرار في الحكومة، وباعتبار أن التجمّع هو العائق الأساسي أمام ذلك، خاصةً مع تقديم التجمّع مراجعةً لتجربة القائمة المشتركة خلال السنوات الأخيرة، كان واحدًا من أبرز نتائجها هو أخذ موقف مبدئي من عدم تقديم التوصية على أيّ شخصية سياسية إسرائيلية من أجل تشكيل الحكومة. بالإضافة إلى محاولة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والعربية للتغيير تحميل التجمع مسؤولية انفراط عقد القائمة المشتركة باعتباره قام بـ"أدلجة" الخلافات وتحدث عن عودة التيار الوطني، والاتهام بإفشال المشتركة نتيجة رغبته في الحصول على عدد أكبر من المقاعد.
تستمر تداعيات تفكك القائمة العربية المشتركة في الظهور
وعلى وقع هذه المجريات، خرج النائب سامي أبو شحادة والمرشح الأول عن قائمة التجمّع للانتخابات القادمة، في مقطع مصور، حاول أن يقدم من خلاله شرحًا لتفاصيل الساعات الأخيرة من عُمر القائمة المشتركة التي أعلن عن إعادة تأسيسها قبل يوم من موعد تسجيل القوائم، فيما استمرت المفاوضات حتى اللحظة الأخيرة. بالإضافة إلى توقيع كان أطراف المشتركة على البرنامج السياسي الذي طرحه التجمّع، باعتباره وثيقةً سياسية للمشتركة تشكل برنامجها السياسي.
يُظهر أبو شحادة تسلسل الأحداث التي سبقت تسجيل القوائم، مشيرًا إلى تأخر الجبهة والتغيير بالوصول إلى مكان تسجيل القوائم، والمطالبة بتعديلات مُستمرة على الاتفاقية الموقعة السياسية وترتيب المقاعد، رغم إقرار الاتفاق والبرنامج السياسي وترتيب المقاعد في داخل المؤسسة الحزبية للتجمّع والجبهة، موضحًا أن الجبهة طرحت تعديلات جديدة في الساعات الأخيرة تحت عنوان "أما أن تقبلوا أو لا تقبلوا" أيّ أنه لا وجود للخيارات في هذا الطرح.
أهلي وناسي، اليكم حقيقة ما جرى في الأمس بما يتعلق بقرارنا تقديم قائمة مستقلة للتجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ. كانت محاولة من أطراف عدة للألتفاف على الحقيقة من أجل تبرير جريمتهم السياسية ومحاصرة الصوت الوطني. شعبنا سيقول كلمته.
Posted by Sami Abou Shahadeh - سامي أبو شحادة on Friday, September 16, 2022
ويضيف أبو شحادة، أن التجمّع لا يستطيع الموافقة على أيّ تعديل جديد لعدم القدرة على جمع المكتب السياسي للحزب في وقتٍ محدود، فيما يلفت النظر إلى أنه خلال هذه الساعات عملت الجبهة والعربية للتغيير على إعداد قائمة انتخابية جديدة، مما دفع أبو شحادة للتواصل مع النائب أيمن عودة من أجل تجاوز الخلاف في المرحلة الراهنة وتقديم القوائم الانتخابية والتحكيم فيما بينهم لاحقًا، ورغم موافقة عودة إلّا أن مؤسسة الحزبية للجبهة وأحمد الطيبي رفضوا المقترح. ولاحقًا، تم الاتفاق على وساطة رئيس لجنة المتابعة العربية محمد بركة من أجل حلف الخلاف، إلّا أن التجمع تفاجئ بأن الجبهة والطيبي توجهوا إلى تسجيل القائمة دون إبلاغ التجمّع الذي عَلِم بذلك من خلال وسائل الإعلام، بحسب ما قال أبو شحادة.
ويصف أبو شحادة ما حصل بأنه "قرار سياسي، اعتبر خلاله أيمن عودة وأحمد الطيبي أن لابيد أقرب لهم من التجمّع" وذلك سعيًا منهم لأن يكونوا ضمن معسكر لابيد من أجل القضاء على التجمع في هذه المرحلة. ومع هذه التطورات، تقرر أن يقدم التجمع قائمة بشكلٍ مُنفرد، معتبرًا ما حدث "تآمرًا" على التجمّع وأن هناك محاولة للقضاء على التجمّع من أجل إرضاء لابيد.
وأكد أبو شحادة على تمسك التجمّع ببرنامجه السياسي، دون الانضواء ضمن معسكرات اليمين واليسار الصهيوني، ودون أن يكونوا في "جيب" أيّ سياسي إسرائيلي، مضيفًا، أن "أغلبية أبناء شعبنا غير راضية عن أيمن عودة ومنصور عباس".
حقيقة ما حدث بيننا وبين التجمع يوم أمس.
أبناء وبنات شعبنا. أعرض لكم حقيقة ما حدث بيننا وبين التجمع يوم أمس. ولكم الحكم.
Posted by Ayman Odeh - أيمن عودة on Friday, September 16, 2022
من جانبه، خرج النائب في الكنيست أيمن عودة بمقطع مصور هو الآخر بعنوان "أعرض لكم حقيقة ما حدث بيننا وبين التجمّع يوم أمس". يحاول التأكيد فيه على أنه لم يكن هناك أيّ نقاش في البرنامج السياسي وأن الجبهة التزمت فيه لكنه كان ثنائيًا، أيّ بين التجمع والجبهة، قائلًا: "التجمّع رفض التوقيع على اتفاق الثلاثي"، مشيرًا إلى محاولة إقصاء الطيبي، رغم أن الاتفاق الثلاثي الموقع من كافة الأطرف قد تم بحسب ما نشر في حينه. محاولًا أن يجعل النقاش حول عدم توقيع التجمع. محملًا قيادة التجمّع المسؤولية عن ما حصل، داعيًا إلى رفع نسبة التصويت معتبرًا أن هذا هو التحدي الوطني.
وتعقيبًا على طروحات عودة، أكد حزب التجمّع توقيعه على الاتفاق الثلاثي ناشرًا نص الاتفاقية، الذي يظهر توقيع مركبات المشتركة الثلاث عليه. مؤكدًا على أن أيمن عودة عمل على تفريع الاتفاقيات من مضمونها السياسي لضمات إسكات صوت التجمع، ويعود ذلك لكون عودة وبعد توقيع الاتفاق السياسي أشار عدة مرات لإمكانية القيام بالتوصية على شخصية من أجل تشكيل الحكومة.
أمّا ما يمكن أن يشار إليه باعتبار استكمالًا للمقطع الذي نشره عودة، هو افتتاحية جريدة الاتحاد لسان حال الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي تدور حول "عدمية" و"عبثية" اتخاذ موقف مبدئي من عدم التوصية على أي حزب وشخصية صهيونية من أجل تشكيل الحكومة بقولها: "أما جعل الأمور في نصاب ضيّق وسطحي وضحل بالأسود والأبيض على نمط مع التوصية وضد التوصية هكذا فقط دون تحليل ولا جدل ولا تأمل ولا تعمّق، فهذا ليس مبدئية ولا راديكالية بل سلوك ملؤه التسرّع والعصبيّة وربما نوع من الشعبوية أيضًا". معتبرةً أن هذا القرار لا يمثل الجماهير، مؤكدةً على إمكانية تقديم التوصية دون وجود تنازلات.
وعقب هذه النقاشات والمواقف المقدمة، كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية، مساء أمس الجمعة، أن رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد بذل جهودًا لتفكيك القائمة العربية المشتركة وإقصاء حزب التجمّع الوطني الديمقراطي، كما ينوي منع الحزب من خوض انتخابات الكنيست المقبلة.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت"، فإن لابيد، الذي يتزعم حزب يوجد مستقبل، يبحث تقديم طلب إلى لجنة الانتخابات الإسرائيلية بمنع التجمّع الوطني الديمقراطي من خوض الانتخابات المرتقبة في شهر تشرين ثاني/نوفمبر المقبل، بحجة أن الحزب "يرفض الطابع اليهودي لإسرائيل".
ونقلت "قناة كان" عن مقربين من لابيد، أنه بذل جهودًا مكثفة لتفكيك القائمة العربية المشتركة، طمعًا بأن توصي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بتكليفه لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، في ظل استطلاعات الرأي التي توضح أن معسكر بنيامين نتنياهو (المنافس لمعسكر لابيد) لن يستطيع الحصول على عدد مقاعد يؤهله لتشكيل الحكومة.
بناءً على ما سبق، يتضح أن السبب الأساسي وراء تفكك القائمة المشتركة، هو سياسي في جوهره، ويعود تحديدًا إلى الخلاف حول الموقف من التوصية على شخصية صهيونية من أجل تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة.