15-نوفمبر-2023
مستشفى الشفاء في قطاع غزة

اقتحم جيش الاحتلال مستشفى الشفاء في قطاع غزة صباح اليوم الأربعاء (Getty)

على مدار الأيام الماضية، حول جيش الاحتلال الإسرائيلي، مستشفى الشفاء إلى هدف عسكري، من خلال إطلاق النار عليه وقصف عدة بنايات فيه، بالإضافة إلى تحريض ممنهج عليه، من أجل نزع شرعيته كمؤسسة طبية.

وفي الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء، أعلن جيش الاحتلال عن اقتحام أجزاء من مستشفى الشفاء. فيما أفادت شهادات شهود عيان، بوجود أصوات انفجارات وإطلاق نار.

يقع مستشفى الشفاء، في شمال مدينة غزة، على بعد حوالي 600 متر من الساحل وطريق الرشيد الرئيسي بين الشمال والجنوب، ويتكون من مجموعة من المباني.

منذ أسابيع وجيش الاحتلال، يحرض على مستشفى الشفاء في قطاع غزة، من أجل التمهيد لاقتحامه 

المستشفى الذي يحتوي على ما بين 600 إلى 900 سرير وآلاف الموظفين، ويمثل الدعامة الأساسية للعملية الصحية، في قطاع غزة. وفي الحروب يتحول المستشفى إلى موقع للنزوح إليه، باعتباره المكان الذي يمكن اللجوء إليه مع نوع من "الحماية"، رغم قصفه عدة مرات.

تاريخ مستشفى الشفاء

بدأ مستشفى الشفاء، كثكنة للجيش البريطاني، بعد استعمار فلسطين، لكنّ تم تحويله إلى مركز لتقديم العلاج للحجر الصحي والأمراض من قبل حكومة الانتداب البريطاني على فلسطين في عام 1946.

وبذلك يُعدّ مستشفى الشفاء من أقدم مستشفيات في قطاع غزة، إلى جانب المستشفى الأهلي العربي (المعمداني).

وتوسع المستشفى، في سنوات الحكم المصري إلى قطاع غزة، وشمل على قسم توليد وإدارة صحية وأصبح فيه قسمًا للطب الباطني وطب الأطفال والجراحة وطب العيون وأمراض النساء، قبل أن يسقط في يد الاحتلال الإسرائيلي، بعد استكمال احتلال فلسطين عام 1967. وفي سنوات الثمانينات توسع المستشفى.

ووفق التقديرات، تبلغ مساحة مستشفى الشفاء حوالي 40 دونمًا، ويضم مجموعة مباني، ويقع على أطراف حي الرمال، وجنوب مخيم الشاطئ اللاجئين.

تحريض إسرائيلي على الشفاء

منذ بداية العدوان الحالي على قطاع غزة، والمتحدث باسم جيش الاحتلال، يحرض على مستشفى الشفاء في مدينة غزة.

وعلى مدار الأيام الماضية، حرض المتحدث باسم جيش الاحتلال، على مستشفى، وكذا فعلت وسائل الإعلام الإسرائيلية. ورصدنا عينة من هذه المواد.

ونشر المهندس المعماري الإسرائيلي تسفي ألهايني، مقالًا على صفيحة "يديعوت أحرونوت"، يتحدث عن تاريخ مستشفى الشفاء معماريًا، افتتح بجملة أساسية تزعم "سيطرة حركة حماس عليه".

واعتمد التقرير بالأساس على مزاعم المتحدث باسم الجيش، محاولًا استعراض تاريخ المستشفى، الذي يقول إنه "إسرائيل بنته"، والحقيقة هي حصول توسيعات فيه المستشفى الذي بني في عهد الاستعمار البريطاني، ما بعد احتلال 1967.

وفي "تقرير" لها، نشرت مراسلة الشؤون الفلسطينية، في القناة 12 الإسرائيلية، مزاعم جيش الاحتلال، بتواجد عناصر المقاومة، في مستشفى الشفاء، زاعمةً أن "البنية التحتية المركزية لحماس" تتواجد في المستشفى.

وفي تقرير على موقع "واي نت"، النسخة الإلكترونية من صحيفة يديعوت أحرونوت، تفاخر الصحفي الإسرائيلي إيتمار إيشنر، في فعالية ما يروجه المتحدث باسم جيش الاحتلال.

وأشار المقال التحريضي، إلى أن صحيفة "التلغراف" و"صن"، اعتمدتا على المتحدث باسم جيش الاحتلال، للحديث عن "المستشفيات في قطاع غزة"، وحركة حماس.

وأكد على أن هذا النشر، لم يحدث، إلّا بعد تصريحات المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري.

ويواصل رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق مئير بن شبات، توجيه تعليماته التحريضية، وقال في مقال: "بقدر ما تكون المستشفيات في غزة بمثابة مقر قيادة، وتوفر المأوى لنشطاء حماس وقناة إمداد منتظمة لهم، فمن الأفضل العمل ضدهم مبكرًا.. وبما أنه سيتعين علينا التعامل معهم في كل الأحوال، فمن الأفضل أن يتم ذلك مبكرًا وتجنب الأضرار المحتملة بسبب التأجيل"، وفق مقاله.

مستشفى الشفاء في قطاع غزة

تاريخ من التحريض

ظهر التحريض الأول على مستشفى الشفاء، في عام 2008-2009، خلال العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، بعد حوالي عام من حصاره الشامل.

وكان من تصدر هذا التحريض صحيفة "هآرتس"، عن طريق معلقها العسكري عاموس هارئيل، الذي قال: "يختبئ كبار مسؤولي حماس في غزة في "مخبأ" بنته إسرائيل، كما يشتبه مسؤولو المخابرات: يُعتقد أن العديد منهم موجودون في أقبية مجمع مستشفى الشفاء في مدينة غزة، الذي تم تجديده أثناء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة".

وكررت وسائل إعلام إسرائيلية، وكذا صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية" التحريض على المستشفى، في العدوان الكبير عام 2014.

أمّا الطابق السفلي، الموجود تحت المستشفى، والذي تتحدث عنه دولة الاحتلال، فهي من قامت بتشيّده، وقامت باستخدامه على أساس عسكري.

ومنذ بداية العدوان، طالب جيش الاحتلال بإخلاء عدة مستشفيات، وهي مهمة مستحيلة، وارتكبت "إسرائيل" مجزرة في المستشفى المعمداني، كما أخرجت 16 مستشفى عن الخدمة، وحوالي 34 مركزًا صحيًا، كما هددت عدة مستشفيات بالنار، من بينها مستشفى الشفاء، الذي قصفت مدخله قبل أيام، وقامت بقصف أحد مبانيه أمس، بالإضافة إلى قصف محيط مستشفى القدس طوال اليوم الماضي.

ويسعى جيش الاحتلال إلى تحقيق "صورة نصره"، فوق المجزرة المستمرة، من خلال السيطرة على المركز الطبي الأكبر في قطاع غزة.

وتبنت الولايات المتحدة الأمريكية، رواية الاحتلال الإسرائيلي عن المستشفيات في قطاع غزة، وتحديدًا مستشفى الشفاء، وذلك وسط حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي للمستشفى، مما أدى إلى استشهاد 40 جريحًا، وتهديد حياة حوالي 38 طفلًا من الأطفال في الخداج.

وفي وقت سابق من يوم أمس، قال البيت الأبيض والبنتاغون إن "حماس تستخدم أكبر مستشفى في غزة لتخزين الأسلحة وتدير مركز قيادة من مستشفى الشفاء في غزة"، على حدِّ قولهم.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي: "إن حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني يستخدمان بعض المستشفيات في قطاع غزة، بما في ذلك مستشفى الشفاء، والأنفاق تحتها، لإخفاء ودعم عملياتهما العسكرية واحتجاز الرهائن"، وفق قوله.

من جانبها، قالت حركة حماس: "ندين بشدة ونرفض تصريحات البنتاغون والبيت الأبيض التي يتبنون فيها أكاذيب الاحتلال حول استخدام حركة حماس المستشفيات لإخفاء جنود الاحتلال الأسرى، أو مراكز للقيادة والسيطرة".

وأضافت: "نعتبر التصريحات بمثابة ضوء أخضر أمريكي لارتكاب الاحتلال لمزيد من المجازر الوحشية بحق المستشفيات بهدف تدمير القطاع الصحي والضغط على شعبنا لتهجيره من أرضه تنفيذًا لمخططات يروّج لها النازيون الجدد أمثال نتنياهو وسموتريتش".

وجددت الدعوة للأمم المتحدة، من أجل تشكيل لجنة دولية للتجوال والإطلاع على كافة المستشفيات للوقوف على كذب رواية الاحتلال وحليفته واشنطن التي تتحمل مسؤولية مباشرة عن حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.