25-فبراير-2017

آثار دماء شهداء المذبحة في المسجد الإبراهيمي - Getty

يستذكر الفلسطينيون، اليوم السبت 25 شباط/فبراير، مذبحة المسجد الإبراهيمي في الخليل، التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين فجر هذا التاريخ، بحماية ومساعدة قوات الاحتلال التي تواجدت في محيط المسجد، إذ ارتقى داخل المسجد 29 شهيدًا.

وارتكب غولدشتاين المذبحة في مثل هذا اليوم من عام 1994، خلال أداء نحو 500 مصلٍ فلسطينيٍ صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي، الذي كان يشهد خلال تلك الفترة محاولات تهويدٍ، واقتحاماتٍ متفرقةٍ للمستوطنين تُشبه ما يحدث في المسجد الأقصى هذه الأيام.

المستوطن غولدشتاين تسلل للمسجد الإبراهيمي مرتديًا بزة عسكرية وفتح الرصاص عشوائيًا، فيما أغلق الجنود أبواب المسجد

ويفيد شهودٌ على المذبحة، بأن المستوطن غولدشتاين باغت المصلين خلال السجود في الركعة الثانية، وقد كان حينها مختبئًا خلف أحد أعمدة الإسحاقية، حيث فتح الرصاص بشكل عشوائيٍ عليهم، ما أدى لاستشهاد وإصابة العشرات منهم.

آثار دماء شهداء المذبحة في المسجد الإبراهيمي - Getty
آثار الدماء والخراب في المسجد الإبراهيمي

ويؤكد الشهود، أن قوات الاحتلال التي كانت قد قللت من انتشارها في محيط المسجد بشكلٍ ملحوظٍ يوم المذبحة، أغلقت أبواب المسجد ومحيطه فور بدء إطلاق الرصاص، ومنعت تقديم المساعدة للمصلين أو محاولة عددٍ منهم الانسحاب من المسجد، وهو ما ساهم في وصول عدد الضحايا لـ29 شهيدًا.

تشييع شهداء المذبحة - Getty

اقرأ/ي أيضًا: يوم أن قُسِّمت فلسطين

ويوضح الشهود أيضًا، أن غولدشتاين تسلل إلى المسجد مرتديًا بزةً عسكريةً، رغم أنه كان جنديًا احتياطيًا في الجيش، ولم يكن جنديًا على رأس عمله، معتبرين ذلك دليلاً آخر على تبييت الاحتلال النية لارتكاب المذبحة، بالشراكة بين المستوطنين والجيش، هذا إضافةً إلى استبعاد المصلين إمكانية تسلله بالسلاح وكل هذه الذخيرة إلى المسجد، دون أن يراه الجنود.

واستطاع عددٌ من المصلين التصدي للمستوطن وقتله فورًا، ليُدفن بالقرب من مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل، ويتحول قبره إلى مزارٍ للمستوطنين الذي ينظرون إليه كـ"شهيد" و"بطل".

مستوطنون يؤدون طقوسًا تلموديةً على قبر المستوطن باروخ

وحسب سكان البلدة القديمة في الخليل، الذين عاصروا الجريمة، فإن غولدشتاين كان معروفًا لسكان المنطقة، ويُشتهر بينهم بالحقد على العرب والدعوة الدائمة إلى الانتقام منهم وقتلهم، وكان قد توعد المصلين مراتٍ عديدةٍ بالانتقام منهم، وشاركه في ذلك مستوطنون كثر، وذلك على مسمع الجنود الذين كانوا ينتشرون باستمرارٍ في محيط المسجد.

وقال مراقبون حينها، إن غولدشتاين أراد في ذلك الحين تفجير الأجواء المتوترة أصلاً في الخليل، وبالتالي في الضفة الغربية، إذ كان المستوطن الذي يوصف بأنه من أحفاد حركة "كاخ" الإرهابية الإسرائيلية، غير راضٍ عن توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل، قبيل المجزرة.

وتبعت المذبحة احتجاجاتٌ ومظاهراتٌ فلسطينيةٌ، تصدى لها جيش الاحتلال بعنفٍ كبيرٍ، ما أسفر عن استشهاد 31 فلسطينيًا آخرين، وإصابة العشرات، لترتفع حصيلة شهداء المذبحة وتبعاتها إلى 60 شهيدًا فلسطينيًا، فيما كان عدد الجرحى بالمئات.

مواجهات أعقبت المذبحة - Getty

 

مواجهات أعقبت المذبحة - Getty
اعتقال أحد المحتجين خلال مواجهات أعقبت المذبحة - Getty

وتأكيدًا للثقة الفلسطينية بأن المذبحة كانت مبيتة ومدروسة، شكلت سلطات الاحتلال إثر الجريمة لجنة أسمتها "شمغار" بدعوى تقصي الحقائق، لكن هذه اللجنة لم تتردد في استغلال المذبحة لتحقيق ما خطط له المستوطنون والمؤسسة الرسمية على حد سواء، بالاستيلاء على المسجد، إذ تم خلال عمل اللجنة إغلاقه ومنع رفع الأذان فيه، وتمكين المستوطنين من السيطرة عليه.

وانتهى الأمر بعد ذلك، إلى تقسيم المسجد بين المستوطنين والمسلمين، بحيث أصبح الاحتلال يسيطر على 60% من أجزائه، ورُفعت أي قيودٍ على اقتحام المستوطنين له والاحتفال بداخله. وحتى اللحظة، يُغلق المسجد بشكلٍ كاملٍ أمام المصلين في أيام الأعياد اليهودية الذين يستبيحونه بالكامل، فيما تُقام عند أبوابه حواجز لجيش الاحتلال بشكلٍ دائمٍ، يجري عليها تفتيش المصلين وإذلالهم.

وشهدت الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في شهر أيلول/سبتمبر 2015، ارتقاء عددٍ من الشهداء والشهيدات عند أبواب الحرم الإبراهيمي، وفي محيطه، إثر جرائم إعدامٍ ميدانيٍ نفذها جنود الاحتلال، بزعم نية الشهداء تنفيذ عمليات طعن.

اقرأ/ي أيضًا: 

العفو الدولية: إسرائيل لا تعاقب جنودها القتلة

شلومو ساند وديناصور الشعب اليهودي

بالوثائق: مقام يوسف: لا يوجد إلا التراب والحجارة