03-أبريل-2019

أظهرت نتائج الاستطلاع الذي نشرته القناة 13 قبل أسبوعٍ من الانتخابات العامة في إسرائيل، تفوق حزب "الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو، على خصمه بني غانتس زعيم تحالف "أزرق أبيض"، وأن الأول سيحصد لو جرت الانتخابات اليوم 29 مقعدًا، فيما سينال الثاني 28 معقدًا في الكنيست، بينما تراجع تكتل الأحزاب اليمينية إلى 62 مقعدًا، وحصل تكتل الأحزاب اليسارية على 58 مقعدًا.

نتنياهو وضع غانتس في دور المدافع عن نفسه طوال الحملة الانتخابية

تراجعُ غانتس وتفوق نتنياهو بالإمكان إرجاعه إلى الأداء الإعلامي المنخفض نسبيًا لغانتس في مواجهة اتهاماتٍ استغلتها حملة نتنياهو الانتخابية منذ انطلاق المعركة الانتخابية، ووضعت غانتس في دور المدافع عن نفسه، فيما كان أداءُ الأخير ضعيفًا، واستهلك الدفاع مساحة معظم جهوده، مقابل مواصلة نتنياهو هجومه مستخدمًا ذخائر كبيرة.

اقرأ/ي أيضًا: نتنياهو الدائم

نتنياهو منذ اللحظة الأولى لتشكيل ائتلاف "أزرق أبيض"، رأى في شخص غانتس مركز الثقل الذي جلب معظم التأييد، فكان من المنطقي أن يلجأ لاستهدافه بشكل مباشر وخاص، لأن ضرب مركز الثقل يخل بالتوزان ويبعد الأصوات العائمة، فكانت استراتيجية نتنياهو في حملته الانتخابية الهجوم على شخص غانتس، أولاً من خلال التشكيك فيه من الناحية الأخلاقية باستثمار شهادة امرأة قالت إنه تحرش بها جنسيًا قبل 40 عامًا، ثم الإشارة لعجزه عن الحفاظ على أمنه الشخصي مستغلاً نبأ اختراق هاتفه من قبل المخابرات الإيرانية، ومواصلة نشر تسجيلاتٍ صوتيةٍ مسربةٍ لاجتماعاته مع مقربيه، وقد تضمنت هذه التسريبات أقوالاً فشل غانتس في برهنة صحتها مثل ادعائه بأن نتنياهو كان يتطلع لاغتياله.

ماكينة نتنياهو الدعائية لم تترك لغانتس مجالاً للراحة، بعد كل اتهام كان يأتي اتهامٌ آخر، فبعد التشكيك في مستواه الأخلاقي وإظهاره بصورة العاجز عن الحفاظ على أمنه الشخصي،  ركز حملة نتيناهو على تقرير للمراقب العام الإسرائيلي نُشِرَت نتائجه قبل أيام يظهر أن شركة كان يديرها غانتس نشرت معطيات كاذبة ضخمت فيها أرباحها، وبذلك تبين للناخب العائم أن غانتس ليس فاشلاً أخلاقيًا وأمنيًا فقط، وإنما إداريا واقتصاديًا أيضًا.

مسلسل الاستهداف الشخصي لغانتس لم يتوقف، وأحدث حلقاته كانت نشر معلوماتٍ في تحقيقٍ تلفزيونيٍ هام بثته القناة 13 أشار لقصورٍ في أدائه العسكري خلال الانتفاضة الثانية؛ وفي عدوان 2014 على قطاع غزة، حيث كان يشغل منصب رئيس أركان جيش الاحتلال، وقد تلا ذلك كشفت معلوماتٍ تشير إلى أن غانتس كان خاضعًا لعلاج نفسي وأنه كان يتناول أدوية في إطار ذلك. غانتس في هذه القضية -كما بقية الاتهامات باستثناء تهمة التحرش الجنسي- لم ينفها بشكلٍ كاملٍ، وإنما نفى تناوله الأدوية فقط.

الاستهداف الشخصي لغانتس كان منطقيًا من جانب نتنياهو، بل أنه الخيار الوحيد المتاح، فهو أصلاً لم يأتِ ببرنامجٍ سياسيٍ بديل عن نتنياهو سواءً على الصعيد الاقتصادي أو ملفات الدين والدولة، أو حتى على صعيد الملف الفلسطيني الذي تقلصت أهمية الجدل حوله في هذه المعركة الانتخابية الى حدود دُنيا غير مسبوقة.

وائتلاف "أرزق أبيض" جمع في صفوفه موشي يعلون "الليكودي السابق"، ويائير لابيد زعيم "هناك مستقبل"، لتحقيق هدف واحد هو إقصاء نتنياهو بصفته الشخصية، وليس لطرح بديل عنه، فتمحورت ذخيرتهم في مهاجمة نتنياهو على الأمور الشخصية، وعلى الرغم بأن جبهة نتنياهو الداخلية أضعف، خصوصًا أن ما يلاحقه ليس مجرد شائعاتٍ بل ملفات جنائية، ومع ذلك يتفوق نتنياهو في الاستطلاع الأخير ويتراجع خصمه.