يستمر الجمود في ملف مفاوضات التهدئة والتبادل في قطاع غزة، في ظل تعنت إسرائيلي، بعد رد حركة حماس على المقترح الإسرائيلي الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن.
وبمناسبة عيد الأضحى، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان بمناسبة عيد الأضحى: إن "العيد يأتي في وقت صعب يعاني فيه المدنيون الأبرياء في غزة ويلات الحرب"، وأضاف: "عدد كبير جدًا من الأبرياء الفلسطينيين قتلوا بينهم آلاف الأطفال وفرت عائلات من منازلها ودمرت مجتمعاتهم".
وتابع بايدن: "أرى بشكل راسخ أن اقتراح وقف إطلاق النار الذي قدمته إسرائيل لحماس هو أفضل وسيلة لإنهاء العنف والحرب".
وفي السياق نفسه، قال مسؤول إسرائيلي في فريق التفاوض الإسرائيلي إنه "بما يتعلق بإسرائيل، فإن رد حماس على مخطط بايدن سلبي تمامًا"، وأضاف "نحن مستعدون للمضي قدمًا فقط وفقًا للمخطط الذي قدمه الرئيس الأميركي ووافق عليه مجلس الأمن الدولي". وعلى حد زعمه فإن "حماس غيرت الخطوط العريضة لعشرات المقاطع بشكل جوهري".
ووفق المصدر الإسرائيلي، "يجب على الوسطاء العمل على تعزيز المفاوضات بين الطرفين، على أن تكون النقطة المرجعية المطروحة على الطاولة هي فقط المخطط الذي قبله مجلس الأمن الدولي وبايدن. ولا يمكن أن يكون هناك تفاوض على أي مخطط آخر غير هذا المخطط".
قال بايدن: "أرى بشكل راسخ أن اقتراح وقف إطلاق النار الذي قدمته إسرائيل لحماس هو أفضل وسيلة لإنهاء العنف والحرب"
وقال مصدر إسرائيلي لهيئة البث الإسرائيلية: "إسرائيل مستعدة لمناقشة إنهاء حرب غزة، لكن من خلال اتفاق يستند إلى الخطوط التي حددها بايدن، وبعد إعادة جميع المحتجزين، بما فيهم الجثث والجنود".
وأشار إلى أن "إنهاء الحرب لا يمكن تحقيقه إلا من خلال اتفاق وليس من خلال التزام مسبق".
وفي سياق متصل، أكد المتحدث الرسمي باسم حركة حماس جهاد طه لصحيفة وموقع "العربي الجديد" أن الحركة، وفصائل المقاومة، أبدت تجاوبًا كبيرًا مع مقترحات بايدن، بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وكان لديها بعض التعديلات البسيطة التي من شأنها أن تعزّز تنفيذ مشروع اتفاق غزة، خاصة المرحلة الأولى.
وأوضح طه لـ"العربي الجديد" أنه "وعلى الرغم من ذلك فإننا منفتحون على الإجابة، وتوضيح أي استفسار خلال عملية التفاوض، والمساعي والجهود ما زالت مستمرة من قبل الوسطاء، وهذا حق لشعبنا ومقاومته لإنهاء العدوان".
وتابع: "لا شك في أن الظروف الدولية تنتقد سلوك الاحتلال وما يقوم به من مجازر وجرائم مروعة بحق شعبنا وأرضنا، وهذا دليل عجز جيش الاحتلال، وفشله في تحقيق أهدافه بسحق المقاومة وإطلاق سراح أسراه، ومن هنا لا بد للاحتلال أن يستجيب للنداءات والقرارات الدولية التي تدعو لوقف إطلاق النار".
وكشف مصدر مصري مطلع على اتصالات وتحركات القاهرة بشأن الحرب على قطاع غزة لـ"العربي الجديد" عن ضغوط على حماس للقبول بالشروع في تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع اتفاق غزة المطروح حاليًا، ويتضمن ثلاث مراحل.
وقال المصدر المصري، لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، إن الأيام القليلة الماضية شهدت ضغوطًا واسعة على قيادة حركة حماس من أجل دفعها للقبول بالمرحلة الأولى من مشروع اتفاق غزة والذي يتضمن ستة أسابيع، تسري خلالها هدنة غزة ووقف لإطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى المدنيين وكبار السن وخمس مجندات.
وشدد على أن جهود الإدارة الأميركية منصبّة خلال الأيام القليلة الماضية التي أعقبت تقديم حركة حماس وفصائل المقاومة ردّها على التصور الإسرائيلي الذي أعقب مبادرة بايدن، على دفع حماس للقبول بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع اتفاق غزة من دون إدخال تعديلات عليه.
وأوضح المصدر المصري أن الضغوط الأميركية على حماس تأتي بعدما فشلت الإدارة الأميركية في إقناع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتمرير اتفاق شامل، إضافة إلى فشل الضغوط التي مارستها خلال الفترة الأخيرة عبر توافقات مع قادة المعارضة في تل أبيب لدفعه نحو اتفاق شامل ينهي الحرب والشروع في خطط اليوم التالي.
وأشار إلى أن لدى الإدارة الأميركية تقديرًا بأن الشروع في اتفاق هدنة طويلة وإطلاق سراح جزء من الأسرى من شأنه أن يحدث خلخلة في التركيبة السياسية لحكومة نتنياهو، ويعطي مجالاً أوسع للمعارضة للشروع في إجراءات سياسية تخدم هذا الاتجاه.
وقال المصدر إن واشنطن وجهت ضغوطها كافة لحماس بعدما تيقنت صعوبة تمرير مشروع اتفاق غزة من الجانب الإسرائيلي في الوقت الراهن، مضيفًا أن "المؤشرات الحالية تقول إننا أمام جولة جديدة فاشلة وينتظر الإعلان الرسمي عن الفشل، خلال أيام قليلة".
وأوضح المصدر أن هناك صعوبة في تمرير اتفاق هدنة قصيرة لمدة 48 ساعة خلال أول وثاني أيام عيد الأضحى، لافتًا إلى أن الجانب الإسرائيلي رفض المقترح. ورجّح أن يكون الرفض الإسرائيلي في إطار الضغوط على حماس لدفعها للقبول بالتصور المقدم إليها دون شروط.
وفي صباح اليوم، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، على استعداد الحركة وفصائل المقاومة لإنجاز اتفاق التهدئة، حال تضمنه الوقف الشامل لإطلاق النار، وانسحاب الاحتلال الكامل من قطاع غزة، والبداية في إعادة الإعمار، وصفقة تبادل للأسرى، و"أن يكون ذلك كله واضحًا لا لبس فيه ولا يحتمل تفسيرات ولا تأويلات ولا يخضع للتأجيل أو المساومة أو المناورة"، بحسب ما ورد في خطاب هنية صبيحة أول أيام عيد الأضحى.
وأوضح إسماعيل هنية: "لقد أبدت الحركة ومعها كل فصائل المقاومة جدية كبيرة ومرونة عالية من أجل الوصول لاتفاق يحقن دماء شعبنا ويوقف العدوان".
وحول هذه الإيجابية، أضاف هنية: "تمثل ذلك في موافقتنا على اقتراح الوسطاء في السادس من أيار/مايو والإيجابية التي عبرنا عنها تجاه خطاب الرئيس بايدن، وترحيبنا بقرار مجلس الأمن الذي صدر قبل أيام، وردنا الذي سلمناه للوسطاء بوفد مشترك مع حركة الجهاد الإسلامي في قطر، وهو متوافق مع الأسس التي وردت في خطاب بايدن وقرار مجلس الأمن بشأن المراحل الثلاث للصفقة وشروط وقف إطلاق النار".
وحول موافقة حماس على مقترح التهدئة، قال هنية: "الاحتلال وحلفاؤه لم يتجاوبوا مع هذه المرونة وواصلوا مناوراتهم ومحاولاتهم للتحايل والخداع من خلال مقترحات وأفكار هدفها الحصول على الأسرى والعودة لاستئناف حرب الإبادة من جديد، وشنوا حملات إعلامية وتحريضية للضغط على الحركة وفصائل المقاومة للموافقة على مخططاتهم ولكننا ما زلنا وسنبقى ثابتين على مواقفنا التي تضع مصالح شعبنا وأمنه وحمايته فوق كل اعتبار".
ووضع هنية ثلاثة أبعاد لملف التبادل والتهدئة، الأول: "تحقق الحل من خلال مفاوضات تفضي إلى اتفاق متكامل مهما تهرب العدو وعطل الوصول إليه"، والثاني: "التمسك بدور الوسطاء وأهمية ما يقومون به والاستعداد لإعطاء الفرصة والمساحة الكافية لإنجاز مهمتهم النبيلة"، والثالث: "استمرار العمل على كل المسارات من أجل إنهاء حرب الإبادة ضد شعبنا".