كشف "كمين رفح" عن مأزق إسرائيل في غزة، انطلاقًا من موقف رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، بالتوجه إلى صفقة تبادل ووقف للحرب في قطاع غزة.
وقال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "إن انفجار ناقلة الجنود المدرعة في رفح صباح يوم السبت، والذي قُتل فيه ثمانية جنود من الجيش الإسرائيلي، يجسد الثمن الباهظ الذي تواصل إسرائيل دفعه مقابل القتال في قطاع غزة".
وأضاف هارئيل: "بينما يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الترويج لـ’النصر الكامل’ الذي يفترض أنه ينتظر قاب قوسين أو أدنى، وبينما يناشده الجيش سحب القوات من غزة، بحجة أن الإنجاز الكبير قد تم تحقيقه بالفعل، فإن حقيقة الحرب تكشف عن نفسها".
وأشار إلى أن حماس "لا تنخرط في مواجهة مباشرة في رفح، ولكنها تترك وراءها ما يكفي من العبوات المتفجرة الكبيرة والمباني المفخخة لإحداث خسائر في الجانب الإسرائيلي"، يشار إلى أن كتائب القسام أعلنت استهداف مدرعة النمر الإسرائيلية بقذيفة "الياسين 105".
أكد المعلق العسكري لصحيفة هآرتس وجود خلافات بين الجيش والحكومة في إسرائيل
وتابع هارئيل: "تستمر العملية في رفح منذ خمسة أسابيع، بعد أن تأخرت قبل ذلك لمدة شهرين. وقد طرحت الإدارة الأميركية مطالب وتحفظات على إسرائيل، وخاصة القلق بشأن الضرر الذي لحق بالعدد الكبير من اللاجئين الفلسطينيين الذين تم دفعهم إلى المدينة".
واستمر في القول: "حتى الآن، تم احتلال أقل من نصف المدينة. وكانت ناقلة الجنود المدرعة الهندسية من طراز نمر التي انفجرت ودمرت بالكامل يوم السبت يديرها فريق لإزالة الألغام من سرية هندسة قتالية تابعة للجيش النظامي الإسرائيلي. قُتل جميع من كان في المركبة، ضابط وسبعة جنود".
واستمر في سرد تفاصيل كمين رفح، بالقول إنه "وقع في وقت مبكر من الصباح، بعد أن أنهى فريق قتالي من اللواء 401 مدرع احتلال المباني في حي تل السلطان. وكانت القوات الإسرائيلية على وشك اتخاذ مواقعها في مبان أخرى، قبل حلول النهار، عندما مرت ناقلة الجنود المدرعة فوق عبوة ناسفة، في مكان كانت قد مرت فيه عدة مدرعات أخرى قبل أن تصاب".
وانتقل من الكمين الذي وصفه بـ"الكارثة" للصورة السياسية الأوسع، قائلًا إنه حدث على "خلفية تفاقم الخلاف بين الحكومة والجيش". وأكد هارئيل أن التصريحات التي نشرت على صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوم الجمعة، التي تتحدث عن إمكانية وقف الحرب حال وجود صفقة تبادل، صادرة عن رئيسة هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، الذي أصدر "نسخته من النصيحة الشهيرة التي تلقاها الرئيس الأميركي ليندون جونسون عندما تعثرت بلاده في حرب فيتنام: أعلن النصر، وارجع إلى بيتك".
ويستمر هارئيل، بالقول: "بحسب هاليفي، فإن الجيش الإسرائيلي على وشك هزيمة حماس عسكريًا، وهو ما سيتم تحقيقه قريبًا، بعد إلحاق أضرار بكتائب حماس المتبقية في رفح. وفي مثل هذه الحالة لا داعي للقلق بشأن إنهاء الحرب بهذا الشكل مع السعي للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى. وبالتالي، سيكون من الممكن التركيز على الاستعدادات للجبهة المتصاعدة مع حزب الله في لبنان، وإذا لزم الأمر، العودة إلى قطاع غزة وإكمال الضربة لحماس".
وعقب هارئيل على التصريحات التي يفترض أنها تعود إلى هليفي، بالقول: "هناك قدر كبير من المنطق في اقتراح هاليفي وهذا بشكل أو بآخر، هو ما أوصى به رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت في الشهر الأخير، عندما كان عضوا في حكومة الحرب. لكن يبدو أن وصف الضرر الذي لحق بحماس مفرط في التفاؤل. وحتى لو قُتل بالفعل أكثر من ثلث القوة المسلحة للتنظيم، كما يقدر الجيش، فإن ذلك لا يشكل هزيمة كاملة للتنظيم، لأنه لا يمكن قياس القتال بالمصطلحات المستخدمة لتقييم الصراع بجيش منظم".
وحول تكتيك حماس، قال: "في العديد من المجالات، استبدلت حماس شكلها العسكري بالتنظيم الفضفاض وحرب العصابات".
وأوضح هارئيل: "لا يمكن تجاهل أن القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، وخاصة أثناء الهجمات، تظل ضعيفة نسبيًا. تستغل حماس بشكل جيد نقاط ضعفها، المرتبطة أيضًا بالتآكل والعبء الثقيل للمهام الموكلة إلى القوات".
وأشار إلى أن "توصية الجيش بالتركيز الآن على المفاوضات من أجل إطلاق سراح الأسرى تنبع من التزام أخلاقي ثقيل تجاههم، من جانب القيادة التي وقع 7 تشرين الأول/أكتوبر تحت إشرافها. كما أنها مبنية على إدراك أنه من غير الممكن أن تتكرر في المستقبل القريب، إلى حد كبير، العملية التي نفذت في مخيم النصيرات للاجئين في 7 حزيران/يونيو".
ويتابع هارئيل: "المشكلة هي أن الفرصة المتاحة للتوصل إلى اتفاق قد أهدرت إلى حد كبير. لقد تردد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عمدًا بشأن الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة خلال الأشهر الأولى من هذا العام".
وحول مأزق إسرائيل، أوضح هارئيل تحت عنوان "لبنان يخاطر"، أن "رفح ليست الجبهة الوحيدة التي تقلق إسرائيل كثيرًا الآن. وتستمر التوترات الشديدة على الحدود اللبنانية منذ سقوط قائد وحدة نصر في حزب الله طالب سامي عبد الله الثلاثاء الماضي".
واستمر في القول: "في الأيام القليلة الماضية، أطلق حزب الله مئات الصواريخ وعشرات الطائرات المُسيّرة الهجومية على منطقة الجليل والجولان وطبريا. وتعمل الحكومة والجيش الإسرائيلي تحت ضغط مكثف من وسائل الإعلام وسكان الشمال لوقف هجمات حزب الله، التي تسببت في إجلاء 60 ألف إسرائيلي من منازلهم وتدمير المجتمعات الحدودية".
وواصل التحليل، بقوله: "استنادًا إلى تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت وكبار ضباط الجيش الإسرائيلي، يبدو أنهم يؤيدون تكثيف العمليات. والسؤال هو هل هذه الإجراءات ستؤدي بالضرورة إلى ردع حسن نصر الله ووقف التصعيد أم أنها ستؤدي إلى نتيجة عكسية تصل إلى حد التدهور إلى حرب شاملة".
ويجيب على ما سبق، بالقول: "حتى الآن، لا يوجد دليل على أن سياسة القتل المكثف ستكبح جماح حزب الله. وفي المقابل، يعلن قادة حزب الله أنهم لن ينسحبوا ويعتزمون مواصلة الهجمات طالما استمرت العملية الإسرائيلية في غزة".
وحول تطورات جبهة الشمال، قال هارئيل: "من المحتمل ألا يكون أمام إسرائيل في نهاية المطاف خيار سوى الحرب في الشمال. لكن أولئك الذين يبشرون به يجب أن يأخذوا في الاعتبار الضرر الهائل المتوقع على الجبهة الداخلية الإسرائيلية (بما في ذلك وسط البلاد) نتيجة لعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف التي يمتلكها حزب الله والصعوبة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في نشر قواته على جبهتين".
وأشار إلى أن "بعض التقديرات التي تتوقع بأن الجيش الإسرائيلي سوف يتغلب بسهولة على حزب الله في جنوب لبنان، تبدو منفصلة عن الواقع وتعتمد على قراءة خاطئة للقوة العسكرية الإسرائيلية".