نشرت صحيفة "هآرتس" تحقيقًا مطولًا بعنوان "منظمة إلعاد الاستيطانية تستولي على هدف جديد والسلطات الإسرائيلية تقدم الدعم"، يبحث في أساليب منظمة إلعاد الاستيطانية في الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في حي سلوان المقدسي والمناطق المجاورة بمساعدة وزارات الاحتلال وجيشه.
منظمة إلعاد الاستيطانية تستولي على هدف جديد والسلطات الإسرائيلية تقدم الدعم
واستعرضت الصحيفة مشروع تهويد حي سلوان وسلب ملكية الأرض من الأهالي عبر إنشاء مناطق سياحية استيطانية على أرض الحي وكتبت: "في هذا الصيف، نمت منطقة جذب سياحي جديدة في وسط القدس مزرعة في واد ضيق. أطلق عليها اسم غاي وهي تجربة زراعية تحاول جذب الآلاف من المستوطنين لتجربة ممارسة الزراعة بالطرق القديمة وفقًا للمواسم، تمامًا كما في العصور القديمة".
وعن طرق الترويج لجلب المستوطنين لأجراء جولات في أرض الحي كتب الموقع الإلكتروني لمنظمة إلعاد ونقلت عنه "هآرتس": "يعدك الموقع الإلكتروني لمشغل المزرعة منظمة إلعاد، بأن النجاح سيكون فوري، فقد جاء الآلاف من الطلاب إلى المزرعة في الأشهر الأخيرة من الجنود والمتطوعين، وخلال العطلة الصيفية وصل النشاط إلى ذروته حيث جاءت مئات العائلات إلى المزرعة للقيام بجولات والمشاركة في ورش عمل عن قطف العنب والزيتون، وفي المساء، أقيمت العروض في المكان وقبيل الأعياد سيتم تجديد التعاون مع نادي زابا، وجلب المطربين إيفي ليدر ويوفال دايان إلى المكان".
وتؤكد الصحيفة على أن النشاطات الاستيطانية التي تنظمها منظمة إلعاد جزء من مخطط شامل يستهدف تهويد سلوان: "النشاط في المزرعة الاستيطانية ليس سوى جزء صغير من جهد شامل من قبل إلعاد لتوسيع مناطق نشاطها من سلوان إلى الغرب. وفوق المزرعة، كان هناك قاعة عامة للمناسبات الخاصة للمنظمة تعمل منذ عدة سنوات، وليس بعيدًا عن هناك، تدير المنظمة منطقة تخييم، وعلى الجانب الآخر من الوادي، تسلمت مسؤولية مقبرة أثرية ويقوم عمالها بإجراء ترميم شاملة، ويخضع الوادي بأكمله لعملية ترميم فقد أقام مستوطني إلعاد شرفات جديدة والأسوار وقاموا بتعبيد الممرات، والمراقبين من منتقدي إلعاد يؤكدون أن هذا ليس ترميمًا حقيقيًا بل إنشاء مقبرة استيطانية جديدة".
وأكدت الصحيفة أن دولة الاحتلال متورطة بالكامل في ذلك: "بمساعدة الدولة، استولت إلعاد على غابة السلام، وشيدت قاعةً بشكلٍ غير قانوني في داخلها ولم تتخذ سلطة الطبيعة والحدائق ضدها أي إجراء، وتحت رعاية بلدية القدس بدأت إلعاد نشاطها في الأراضي الفلسطينية الخاصة".
لم يكن هذا النشاط ممكناً لولا الدعم الهائل من حوالي عشر سلطات محلية اسرائيلية ووزارات مختلفة والوصي على أملاك الغائبين وسلطة الطبيعة والمتنزهات، فقد نفذت بلدية القدس أوامر تنسيق الحدائق، أما سلطة الآثار فقد غضت الطرف عن الحفريات دون إشراف أثري، ووزارة التربية والتعليم ترسل الطلاب إلى المكان والجيش الإسرائيلي يرسل الجنود، وتمول وزارة القدس والتراث خدمة تنظيم نقليات مجانية إلى المزرعة الاستيطانية، وتقوم هيئة تنمية القدس بتقديم موازنة للمشاريع المختلفة، وتسهل شركة قاديشا المسؤولة عن المقابر العمل في المقبرة، باختصار تحتشد السلطات الإسرائيلية لمساعدة منظمة إلعاد".
وعن تهويد وادي الربابة قرب سلوان جاء في تحقيق الصحيفة: "أنه وادي عميق بين حي أبو طور وجبل صهيون، كما أن الخط الأخضر يقطع الوادي في المنتصف. وحتى السنوات الأخيرة، كان الوادي منطقةً مفتوحةً ومهجورةً، لكن معظمه كان بساتين زيتون تزرعها عائلات فلسطينية من قرية سلوان المجاورة. وتدعي منظمة إلعاد وسلطة الطبيعة والحدائق أن المنطقة كانت مهملة ومليئة بمخلفات البناء وأن سكان القدس لم يعودوا يتجولون في المكان"، باعتبار ذلك ذريعةً من أجل السيطرة عليه. تستكمل الصحيفة سردها من خلال مقابلة مع نعومي زوسمان التي تستوطن في حي أبو طور وناشطة ضد إلعاد المكان بشكلٍ مختلف تمامًا عن الادعاءات السابقة، قائلةً: "كانت المنطقة محط رعاية ملاك البساتين، كنا نذهب للتنزه ونحتفل بأعياد ميلاد الأطفال، المنطقة الشرقية كانت الأقل إقبالًا، لكن كان لها رونق في غاية العظمة إنها منطقة برية. كان الفلسطينيون يتجولون هناك مع الخيول وكان من الجميل رؤيتهم"، بحسب ما جاء في الصحيفة.
وبحسب الصحيفة: "منذ سنوات عديدة، قامت منظمة إلعاد الاستيطانية بتوسيع أنشطتها في المنطقة، ولكن في العامين الماضيين، اكتسبت العملية زخمًا وبدأت المناظر الطبيعية في الوادي تتغير. تدعي سوسمان أن المنظمة الاستيطانية استغلت إغلاق كورونا للدخول المنطقة دون معارضة من السكان الفلسطينيين. ونتيح عن عملها تغير في طبيعة المنطقة إلى درجة لا يمكن التعرف عليها. وتم إحاطة بساتين الزيتون بأسوار وأسيجة جديدة، ووضعت لافتات وأعلام إلعاد وسلطة الطبيعة والحدائق في المنطقة، ومجموعات من المتطوعين والعمال تصل يوميًا إلى المكان، فيما يتصاعد التوتر في المنطقة واندلعت عدة حوادث بين العمال والسكان الفلسطينيين، وتدخلت الشرطة وطردت الفلسطينيين، كل هذا لم يكن ممكنا بدون مساعدة كبيرة من الدولة ومؤسساتها المختلفة".
ووفقًا للصحيفة: "في 5 كانون ثاني/يناير 2021، اكتشف أفراد من عائلة سمرين من سلوان أن مستوطني إلعاد دخلوا قطعة الزيتون التي كانوا يزرعونها في وادي الربابة وبدأوا العمل هناك، وتلا ذلك مواجهة في مكان الحادث، وفي نهاية تم اعتقال أفراد الأسرة من قبل الشرطة. وبعد ثلاثة أسابيع ، تم تسجيل الأرض في الطابو باسم الوصي على ممتلكات الغائبين، وهو هيئة تابعة لوزارة المالية وتعمل بموجب قانون أملاك الغائبين الذي صدر عام 1950 لمصادرة الممتلكات التي التي هُجر أصحابها عام 1948".
وتمضي الصحيفة في رواية مراحل نزع ملكية الوادي من أهالي سلوان: "في حالة وادي الربابة، تذكر الوصي الاستيلاء على قطعتين كبيرتين من الأرض بعد حوالي 70 عامًا من شرائهما من قبل أحد الغائبين وفي وقت مناسب إلى حد ما، خاصةً مع بدأ عمل إلعاد في الموقع. وفي الواقع، تم تسجيل الأرض باسم الوصي بعد حوالي ثلاثة أسابيع من العمل في الموقع، ولكن قبل ذلك بعامين منح الوصي سلطة الطبيعة والحدائق الحق بالعمل في الأراضي. فيما نفت وزارة المالية تلقي الوصي أيّ طلب من إلعاد أو أي جهة أخرى للاستيلاء على الأرض".
ولفتت الصحيفة إلى أن: "أفراد عائلة سمرين قاموا من خلال المحامي مهند جبرا برفع دعوى قضائية أمام محكمة الصلح وما زالت قيد المناقشة. وفي رد الدولة ادعت أن هذه ممتلكات لأشخاص تم تعريفهم بأنهم غائبون، وبالتالي إلقاء عبء إثبات الملكية على المحامي جبرا الذي قال أنه ولو كانت الأرض فعلًا ملكية غائبين وهو ما يعارضه بشدة، فإنه من المطلوب على الوصي على أملاك الغائبين التصرف وفقًا للقانون والمطالبة بإخلاء الأرض وعدم اقتحام الأراضي دون إذن من يملكها".
وتحت عنوان فرعي "تحيز سياسي" كتبت الصحيفة: "أهم هيئة حكومية إسرائيلية في المنطقة هي سلطة الطبيعة والحدائق، فمعظم منطقة الوادي مدرجة في الحديقة الوطنية حول أسوار القدس. وفي آب/ أغسطس 2020، وقعت سلطة الطبيعة والحدائق ومنظمة إلعاد الاستيطانية اتفاقية مشروع مشترك". وتعتبر الصحيفة أن هذه الاتفاقية سوف "تعزز قوة المنظمة الاستيطانية وتخولها العمل نيابةً عن سلطة الطبيعة في أرض وادى الربابة، ولأن هذا المشروع "مشترك" بين إلعاد وسلطة الطبيعة، لم يتم عقد أيّ مناقصة. فيما تمتعت إلعاد بتعاون وثيق مع سلطة الطبيعة لسنوات عديدة. كما تدير المنظمة مدينة ديفيد الاستيطانية المحاذية لسلوان نيابةً عن سلطة الطبيعة. وعندما انتقدت المنظمات اليسارية هذا التعاون، جادلت سلطة الطبيعة وإلعاد بأن الأخيرة لديها العديد من الممتلكات في سلوان، لذلك من المنطقي أن يتم اختيارها لإدارة الحديقة الاستيطانية الوطنية".
وعن تواطؤ بلدية الاحتلال مع المنظمة الاستيطانية جاء استقصاء صحيفة هآرتس تحت عنوان "مخالفات البناء" وكتبت الصحيفة: "على الجانب الآخر من الوادي، احتاجت إلعاد إلى مساعدة سلطة أخرى، وهي بلدية القدس للعمل في الميدان. في هذه الحالة وقع رئيس البلدية "أوامر البستنة"، وهذا ما يطلق عليه مرسوم تنسيق الحدائق، هو أداة قانونية تسمح للبلديات بالاستيلاء على منطقة مهملة في المدينة من أجل زراعتها. وعادةً ما يتم إصدار أوامر تنسيق الحدائق للمناطق الصغيرة في قلب التجمعات الحضرية، للسماح للبلدية بتنفيذ أعمال التشجير المؤقتة. وفي حالة وادي الربابة، صدرت أوامر الاستيلاء على مساحة تبلغ حوالي 200 دونم -وهي على الأرجح أكبر أوامر البستنة التي صدرت في إسرائيل على الإطلاق- ولم تنفذ البلدية الأعمال بنفسها، لكنها سلمتها إلى سلطة الطبيعة والحدائق التي سلمتها بدورها إلى إلعاد. وفي الأسبوع الماضي، رفضت قاضية منطقة القدس ريفكا فريدمان التماسًا قدمه السكان ضد القرار، وبذلك تمت المصادقة على الخطوة التي اتخذتها البلدية".
وضمن المساعي لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى الوادي نشط عناصر من تنظيم جباية الثمن الإرهابي والذين يطلق عليهم الإعلام العبري "فتية التلال" بالتجوال في الوادي وبحسب الصحفية: "في العام الماضي، بدأت مجموعات مختلفة في الوصول، بما في ذلك أولئك الذين يبدو أنهم من فتية التلال وفي أيار/ مايو الماضي، هاجم شبان يهود وصلوا إلى المنطقة رياض سمرين ونجله ليث، اللذين كانا في طريقهما إلى المنزل. وأصيب الاثنان واحتاجا إلى العلاج في المستشفى لفترات طويلة. فيما لم يتم القبض على أيّ شخص، رغم أن الأسرة قدمت للشرطة شريط فيديو يظهر مجموعة المهاجمين. وفي الفيديو، عرّف أحد اليهود عن نفسه بعبارة "نحن من مدينة داود". من جانبه رد مدير منطقة القدس في سلطة الطبيعة والحدائق زئيف هكوهين على شكوى قدمتها منظمة علماء الآثار "عميق شافيه" أن المهاجمين ليسوا على صلة بـ سلطة الطبيعة وإلعاد وأنهم زاروا الموقع بشكل مستقل".