بعد ساعات لم تتوقّف فيها أصوات صافرات الإنذار جرّاء صواريخ حزب الله التي أطلقها على الجولان والجليل الغربي وصفد، أقرّ جيش الاحتلال بعد ظهر الجمعة، بتنفيذه "غارة دقيقة" في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت.
تطوّرات متسارعة على الجبهة الشمالية مع لبنان.. قادة أمنيون سابقون وصحافيون إسرائيليون يتحدّثون
وذكرت مراسلة "التلفزيون العربي" أنّ مسيّرة إسرائيلية أطلقت صواريخ على مبنى في منطقة الصفير بالضاحية الجنوبية لبيروت. وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أنّ الطيران الإسرائيلي استهدف مبنى في منطقة الرويس بالضاحية الجنوبية.
وأشار موقع أكسيوس الأميركي إلى أنّ هدف الغارة الجوية الإسرائيلية في بيروت كان قائدًا عسكريًا كبيرًا في حزب الله.
صورة | توثيق آخر لموقع الغارة الإسرائيلية على منطقة سكنية في ضاحية بيروت الجنوبية pic.twitter.com/GgwOy3nMc3
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) September 20, 2024
وبحسب إذاعة جيش الاحتلال نقلًا عن مصدر أمني فإنّ إبراهيم عقيل، رئيس قسم العمليات في حزب الله، كان هدف الهجوم، دون وجود تأكيد بشأن مصيره. وتحدّث مصدر أمني إسرائيليّ ليديعوت أحرونوت: "نحن في مرحلة جديدة من الحرب ونستمر في ملاحقة حزب الله، ونستعد للرد، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة".
وعقد رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي مشاورات أمنية في وقت سابق اليوم مع قائد المنطقة الشمالية في الجيش وقادة الفرق العسكرية.
فيما تحدّث مصدر نيابي في حزب الله لـصحيفة "العربي الجديد" عن أنه لا معلومات بعد عن الشخصية المستهدفة في الضاحية ومصيرها، ولا كلام الآن بانتظار انتهاء عمليات انتشال المصابين والضحايا.
وبعد أن شنّ الطيران الإسرائيليّ سلسلة غارات مساء الخميس، على ما قال إنّها مواقع لحزب الله ومرابض صواريخ في جنوب لبنان، ردّ الحزب منذ صباح الجمعة بإطلاق رشقات متواصلة من صواريخ الكاتيوشا على موقع المطلة، وعلى قاعدة الدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا، وكذلك مقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع، ومقرّ قيادة لواء المدرعات 188 التابع للفرقة 36 في ثكنة العليقة، ومقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف، ومقر قيادة الجمع الحربي لفرقة الجولان في ثكنة يردن، والمقر المستحدث للفرقة 91 في اييليت هشاحر.
كما أعلن حزب الله عن استهداف بصواريخ الكاتيوشا، لمقر قيادة الفيلق الشمالي في قاعدة عين زيتيم، وكذلك مقر الاستخبارات الرئيسية في المنطقة الشمالية المسؤولة عن الاغتيالات في قاعدة ميشار، ومقر وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات الجوية في قاعدة ميرون.
عشرات القذائف الصاروخية التي انطلقت من لبنان، ومحاولات اعتراضها في شمال البلاد وسماء صفد. pic.twitter.com/GuSW0SyG7g
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) September 20, 2024
ودوّت صافرات الإنذار في نحو 20 مستوطنة شمالي الجولان والجليل الأعلى، والجليل الغربي، وجبل الجرمق، وصفد التي انقطع عنها التيار الكهربائي، واندلعت فيها بعض الحرائق.
نصر الله يتلافى التصعيد لكن ماذا عن الخطوة القادمة؟
وتناولت وسائل إعلام عبرية، التطوّرات المتسارعة على الجبهة الشمالية مع لبنان، وتداعياتها. وأعرب ايهود إيعاري، محلل الشؤون العربية في القناة 12، عن اعتقاده بأن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يحاول تفادي تصعيد الأوضاع، وتجنّب جر لبنان إلى الحرب.
وتساءل داني ياتوم، الرئيس السابق لجهاز الموساد، عن الهدف من العمليات العسكرية الأخيرة ضد ّحزب الله، قائلًا: "رغم النجاح في تحييد عناصر من حزب الله، لا يزال السؤال قائمًا حول الخطوة التالية".
ذاهبون إلى هناك!
وحذّر يسرائيل زيف، الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، من احتماليّة الذهاب لتصعيد كبير. وأضاف: "هذه الضربة (البيجر) قد توفّر لنصر الله الذريعة لتصعيد الصراع مع إسرائيل، رغم محاولات إسرائيليّة سابقة للتهدئة".
أمّا يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في قناة I24 فقد رأى أن "إسرائيل" قد تستفيد من الوضع الراهن لتحقيق مكاسب إضافيّة. وقال إنّ "إسرائيل" قد تستغل الفرصة لتوجيه ضربة مكمّلة لحزب الله، خاصة في ظل حالة الضعف التي يمر بها الحزب"، على حدّ قوله.
وأوضح يارون أبرهام، مراسل الشؤون السياسية في قناة 12، أن هناك تحضيرات متزايدة لأي احتمالية للتصعيد في الجبهة الشمالية. وقال إن "المستوى السياسي الإسرائيلي عقد اجتماعات مكثفة، تم خلالها إقرار خطط استعداد لأي تصعيد محتمل في الجبهة الشمالية، بناءً على ما صدر من المجلس المصغر".
من جهته، أشار إيتاي بلومنتال، مراسل الشؤون العسكرية في التلفزيون الإسرائيلي "قناة كان" إلى توقّعات بشن هجوم كبير في لبنان من قِبل إسرائيل. وأضاف أن "أجهزة الأمن الإسرائيلية تستعدّ لاحتمال شنِّ هجوم كبير في لبنان بهدف إعادة الاستقرار للسكان في الشمال، بالتوازي مع توقّعات لانتقام حزب الله خاصة بعد الهجمات الأخيرة المنسوبة لإسرائيل".
تحذيرات متبادلة
وكشف نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية في قناة 12، عن خطوة إسرائيلية لتعزيز الجبهة الشمالية، حيث قال إنّ "نقل الفرقة 98 إلى الشمال جاء كرسالة تحذير للطرف الآخر، وأن إسرائيل مستعدة لأي احتمال قد يطرأ، وأن هناك جهوزية عالية في مختلف أذرع الأمن والدفاع".
وفي تحليل للاستعدادات والخطوات القادمة، قال حيزي سيمانتوف، محلل الشؤون العربية في قناة 13 إن حسن نصر الله يخطط لهجوم كبير ضدّ إسرائيل، لكنّه قد يأخذ وقته في التخطيط، في حين يترقب خطوة إسرائيلية مفاجئة خلال الساعات أو الأيام القادمة.
أما رونين بيرغمان، من صحيفة يديعوت أحرونوت، فسلّط الضوء على الغرض من الهجوم الأخير (هجوما الثلاثاء والأربعاء) مشيرًا إلى أنه كان خطوة استراتيجية من قبل منفذيه.
وأوضح: "من قام بالهجوم الأخير كان بحاجة إلى إثبات قدرته على توجيه ضربة موجعة لحزب الله، مؤكدًا أن هذه العملية كانت مخططة مسبقًا".
هل إسرائيل مستعدة؟
وحذّر عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان، من معضلة استراتيجية ستواجهها "إسرائيل" في حال توسعت الحرب إلى حيفا. وقال إن السؤال الرئيس هو: هل لدى إسرائيل خطة واضحة للتعامل مع هذا التصعيد؟".
كما حذّر تامير هايمان، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي الرسمي (قناة كان) من قوة الرد المتوقع من حزب الله، وأشار إلى أنّ "الرد من حزب الله سيكون كبيرًا وقد يصل إلى مستوى الحرب".
وفي تقييم شامل، أعرب افرايم سنيه، نائب وزير الجيش الإسرائيلي السابق، عن قلقه من غياب استراتيجية إسرائيلية واضحة. وأوضح أن "الحكومة الإسرائيلية الحالية قد تجر البلاد إلى مواجهة كبرى دون استعداد سياسي كاف".
وحرص تسفيكا حاييموفيتش، قائد الدفاعات الجوية الإسرائيلي السابق، عبر القناة 12 على التأكيد على أن الردع وحده لا يكفي. وقال إن الردع وحده لا يكفي، ويجب أن تكون هناك خطوات تكميلية لتجنّب دوامة التصعيد المستمرة".