الترا فلسطين | فريق التحرير
أقرّت الحكومة الفلسطينية بداية نيسان/ ابريل، ميزانية العام 2023 وقالت إنّها "ميزانية طوارئ" الأمر الذي أثار حفيظة عدد من المراقبين والمختصّين في الشأن الاقتصادي، سيما وأنّها موازنة الطوارئ الرابعة التي يتم إقرارها في عهد حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية.
إقرار الحكومة لميزانية 2023، باعتبارها "ميزانية طوارئ" الأمر الذي أثار حفيظة مراقبين ومختصّين في الشأن الاقتصادي
طارق مصطفى مدير عام الموازنة في وزارة المالية قال لـ "الترا فلسطين" إن موازنة العام الجاري أخذت صفة "الطوارئ" في آليات التنفيذ، بسبب القرصنة الإسرائيلية المستمرة لأموال المقاصة، ولتراجع الدعم الخارجي، لافتًا إلى أنّ "إسرائيل" رفعت منذ بداية العام الخصم من أموال المقاصة بدل رواتب أسر الشهداء والأسرى من 51 مليون شيقل شهريًا إلى أكثر من 100 مليون، أي بمعدّل يقارب مليار ومئتي مليون شيقل سنويًا.
غير أنّ الخبير في الشأن الاقتصادي نصر عبد الكريم يعتقد أنّ "حالة اللايقين" هي التي دفعت الحكومة ووزارة المالية لتسميتها موازنة طوارئ، باعتبار أنها تريد أن تخفف التزامها بالقواعد الاعتيادية التي تضبط إعداد وتنفيذ الموازنة والرقابة عليها، وبالتالي أن لا تخضع الموازنة للاعتبارات الطبيعية، وربما تريد أن تعطي حالها بعض المرونة بحيث لا تكون ملزمة أمام الجهات الأخرى، بأن تقدّم معلومات أو توضيحات ويكون عندها صلاحيات أوسع للتصرّف، ما يعني أنّها لا تريد أن تلتزم بالسقوف والضوابط التي تلزمها عادة الموازنة التقليدية.
الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم: "حالة اللايقين" هي التي دفعت الحكومة ووزارة المالية لتسميتها موازنة طوارئ، باعتبار أنها تريد أن تخفف التزامها بالقواعد الاعتيادية التي تضبط إعداد وتنفيذ الموازنة والرقابة عليها
وأفاد لـ "الترا فلسطين" مصدر شديد الاطلاع، رفض الإفصاح عن اسمه، أنّ الظرف الحالي لا يستدعي اعتماد موازنة طوارئ، وبالتالي فما يحدث غير قانوني، حتى ولو كان الأمر متعلِّقًا بالاقتطاعات الإسرائيلية من الرواتب. مشيرًا إلى أنّ الخصميات الإسرائيلية ليست جميعها مستجدة، والمستجد فقط الذي له علاقة برواتب أسر الشهداء والأسرى، وما دون ذلك كله يحدث منذ سنوات، وبعضه ضمن اتفاقيّات وتفاهمات، وبالتالي فما يحدث "ليس جديدًا على الوضع المالي للسلطة الفلسطينية".
وفيما يتعلّق بعدم نشر تفاصيل موازنة ونفقات العام 2022، بيّن مدير عام الموازنة في وزارة المالية أن "كل شيء موجود ومنشور على موقع الوزارة"، بما في ذلك المنح والدعم الخارجي المباشر للأجهزة الأمنية أو أي مؤسسة حكومية مدنية، ولكن ثمّة تفاصيل يجري "التحفّظ على نشر بعضها"، مُرجعًا سبب ذلك إلى أنّ "هناك تفاصيل يمكن أن تستخدم في قضايا مرفوعة ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في الولايات المتحدة والمحاكم الإسرائيلية، وأي بيانات قد تستخدم ضد السلطة نحجبها، لأن ذلك قد يكلف الخزينة مئات ملايين الدولارات.
وردًا على هذه النقطة، يرى الاقتصادي نصر عبد الكريم أنّ عدم نشر الأرقام الإجمالية للموازنة بسبب المحاكم المرفوعة ضد السلطة، ذريعة ليس لها ما يبررها، لكون المحاكم الأمريكية والقضاء الأمريكي والأجهزة الأمنية الأمريكية بإمكانها ربما الوصول إلى هذه المعلومات "قد تستطيع حجبها عن المواطن، ولكن لا تستطيع حجبها عن الجهات الخارجية"، كما أنّ الملاحقات موجودة سابقًا، وكسبت السلطة عددًا من القضايا في المحاكم، وكانت الأرقام تنشر بشكل اعتيادي.
على ماذا سوف تنفق الحكومة؟ ما هي أولويات الصرف؟
ويشير إلى أنّ من الواضح أنّ الموازنة "لم تأت بأي جديد"، وواضح أن هناك شكوكًا لدى الحكومة ووزارة المالية تحديدًا بخصوص الإيرادات المتوقّعة واستدامتها، بمعنى أنه ليس لديها تطمينات كافية بأن المساعدات ستتدفّق، أو أن الاقتطاعات المبررة أو غير المبررة ستتوقف أو يعاد النظر فيها، كما أنه ليس هناك تطمينات بأن المقاصة سيستمر تحويلها في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي.
وأضاف، وفي نفس الوقت ليس لدى الحكومة تطمينات بخصوص النفقات في ظل ما يجري من احتجاجات ومطالبات نقابية، بالتالي تسمية الموازنة بموازنة "طوارئ" يعني أن القاعدة التي ستصرف على أساسها الموازنة هي الصرف والإنفاق بحسب ما يتوفّر، وحتى لو كان هذا صحيحًا، على ماذا سوف تنفق؟ وما هي أولويات الصرف؟ وحتى في ظل هذا الوضع يجب أن يتم التوضيح لنا على ماذا سوف تنفق إن كان على التعليم والصحة والفقراء أو ماذا بالتحديد، ويجب أن يكون هناك أولويات.