ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أمس الإثنين، أن الهجوم الأخير الذي نفذته طائرة مسيرة تابعة لحزب الله كشف بشكل واضح عن ضعف في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وهو ما أدى إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين وإصابة العشرات في هجوم بطائرة مسيّرة شنّه حزب الله على قاعدة تابعة للواء غولاني، مما ألقى الضوء على قصور كبير في قدرة "إسرائيل" على التعامل مع تهديدات الطائرات المسيّرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشرطة الإسرائيلية كانت قد تلقت تقارير من المواطنين حول طائرة تحلّق على ارتفاع منخفض فوق المنطقة، وقامت بإبلاغ سلاح الجو، ولكن الرد جاء مطمئنًا بأن الطائرة تابعة لإسرائيل، مما دفع الشرطة إلى إغلاق الملف دون اتخاذ أي إجراء إضافي. وبعد دقائق فقط، تبين أن هذا التقييم كان خاطئًا، مما أدى إلى وقوع الهجوم.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن هذا الهجوم ليس حادثة منفردة، بل يأتي ضمن سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيّرة التي أظهرت نقاط ضعف خطيرة في أنظمة الرصد الإسرائيلية. ففي تموز\يوليو الماضي، استهدفت جماعة أنصار الله الحوثي اليمنية مبنى سكنيًا في تل أبيب، مما أسفر عن مقتل إسرائيلي. وفي الأسبوع الماضي، هاجم حزب الله شمال تل أبيب، ما تسبب في أضرارٍ مادية دون وقوع إصابات. كما بثّ حزب الله سابقًا مقاطع فيديو تم تصويرها بواسطة طائرة مسيّرة حلقت فوق منشآت حساسة في حيفا دون أن يتم اكتشافها، مما أثار مزيدًا من التساؤلات حول كفاءة النظام الدفاعي الإسرائيلي.
النظام الإسرائيلي لرصد الطائرات المسيرة يعتمد بشكل رئيسي على الرادارات التقليدية التي صُممت لاكتشاف الأجسام الكبيرة والمعدنية مثل الطائرات الحربية، مما يجعل رصد الطائرات المسيرة الصغيرة التي تحتوي على كميات أقل من المعدن والحرارة أكثر صعوبة
الهجوم الأخير الذي استهدف قاعدة تدريب جنوب مدينة حيفا، أكد قدرة حزب الله على توجيه ضربات مؤلمة لإسرائيل على الرغم من الهجمات الإسرائيلية المستمرة ضد قيادة حزب الله وبنيته التحتية، بحسب الصحيفة. وأثار هذا الهجوم المخاوف داخل الأوساط العسكرية الإسرائيلية، حيث أعلنت السلطات فتح تحقيق شامل في الخلل الذي حدث، واعترف المتحدث الرسمي باسم الجيش بأن هناك حاجة ماسة لتحسين أنظمة الدفاع الجويّ الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام الإسرائيلي لرصد الطائرات المسيرة يعتمد بشكل رئيسي على الرادارات التقليدية التي صُممت لاكتشاف الأجسام الكبيرة والمعدنية مثل الطائرات الحربية، مما يجعل رصد الطائرات المسيرة الصغيرة التي تحتوي على كميات أقل من المعدن والحرارة أكثر صعوبة. وأوضحت أنّ الطائرات المسيرة تتحرك عادة بسرعات منخفضة وفي ارتفاعات منخفضة، مما يجعل تمييزها صعبًا وتُعتبر طائرات إسرائيلية خاصة أو تجارية.
كما ذكر الخبراء أن نظام الدفاع الجويّ الإسرائيلي، رغم قدرته العالية على اعتراض الصواريخ الباليستية والمقذوفات التي تطلق من غزة ولبنان، يواجه تحديات أكبر في التعامل مع الطائرات المسيّرة. وفي هذا السياق، تعتزم الولايات المتحدة تعتزم إرسال نظام دفاعي إضافي لإسرائيل يعرف بـ "نظام الدفاع الجوي على ارتفاعات عالية" (THAAD) لتعزيز قدراتها الدفاعية.
وتدعى الطائرة التي نفذت الهجوم على قاعدة "بينامينا" بـ"الصياد 107"، ويمكن برمجة مسارها لتغيير ارتفاعها واتجاهها بشكل متكرر، ما يصعّب اكتشافها وتتبّعها، كما أنّ مدى سيرها يصل 100 كيلومتر، وهي صغيرة الحجم وتصدر صدى راداري ضعيف للغاية، على عكس الطائرات المسيّرة الكبيرة المصنوعة من المعدن.
ويمكن اكتشاف الطائرة من خلال الحرارة المنبعثة من محرّكها، إلا أنه يصعب رصدها باستخدام الوسائل البصرية التقليدية.
وقال الخبير العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي: "يواصل الجيش الإسرائيلي التحقيق في الهجوم. ومن الواضح أن الطائرة المسيّرة، التي أصابت هدفًا حسّاسًا، لم تكن طائرة عادية، بل كانت تستخدم تكتيكات معقدة، وعلى الرغم من نجاح القبة الحديدية في اعتراض إحدى الطائرات، فقدت القوات الجوية الإسرائيلية قدرتها على متابعة مسار الطائرة الأخرى بشكل مفاجئ، ويعتقد أنها تمت برمجتها مسبقًا للاندفاع بشكل حادّ نحو الأرض أو المياه، ما ساعدها على الإفلات من الرصد".
وأضاف بن يشاي أن التحليلات تشير إلى أن الطائرات المسيّرة المتفجرة التي تنتجها إيران مزودة بنظم ملاحة تعتمد على القصور الذاتي والملاحة عبر الأقمار الصناعية، وهذا يتيح لها تنفيذ مهماتها بدقة حتى في حالة وجود تشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).