مع إعلان حالة الطوارئ في الضفة الغربية وقطاع غزة، منذ السادس من شهر آذار/مارس الجاري، ظهرت تساؤلاتٌ حول مصير العام الدراسي 2019/2020، قبل أن تُعلن عددٌ من الجامعات في الأسبوع الثاني من حالة الطوارئ بدء نظام التعلم الإلكتروني، بحيث يشكل منظومة تعليمية توظف تقنيات المعلومات والاتصالات بأنواعها لتقديم البرامج التعليمية في أي مكان وزمان سواءً بالتزامن أو من خلال وضع المحاضرات على منصة إلكترونية يمكن للطلاب الوصول إليها بسهولة.
جامعات تنشر قصص نجاحها في التعليم الإلكتروني خلال حالة الطوارئ، وطلاب يتذمرون
منذ بدء هذا النظام، نشرت العديد من الجامعات قصص "نجاحها" والتعليقات الإيجابية على نظام التعلم عن بعد عبر مواقع التواصل الجتماعي التابعة لها، لكن تعليقات الطلاب أسفل قصص النجاح مختلفة تمامًا، وفقًا لما وثقه الترا فلسطين.
الطلاب غير راضين
في تعليقاتهم، تحدث طلابٌ عن عقباتٍ تواجههم، منها أن البرنامج الذي يعملون عليه لا يتحمل عددًا كبيرًا من المتصلين في ذات الوقت، بينما تحدث آخرون عن سوء خدمة الانترنت التي تؤدي إلى تقطع الاتصال خلال المحاضرة، أو عدم إمكانية العودة للمحاضرة لمشاهدتها مرة أخرى، عدا عن انتقاداتٍ حول التخبط في الحضور والغياب.
يقول عضو مجلس اتحاد الطلبة في جامعة القدس محمد عمرو، إن نظام التعلم عن بعد في جامعته مطبقٌ منذ حوالي 5 سنوات، لكنه كان بشكل جزئي عبر نظام E-CLASS وبرنامج zoom، واصفًا النظام بأنه "جيدٌ وفعالٌ بالنسبة للمواد النظرية التي تشكل حوالي 55% من مجمل المواد الأكاديمية في الجامعة".
ضعيف لكن لا يوجد بديل
وفي هذا الإطار، قال وزير التعليم الأسبق، والمحاضر في جامعة بيرزيت علي الجرباوي، إن التعليم الإلكتروني "ليس أجود وسيلة وقد يكون ليس لدينا الاستعدادية والخبرة الكافية والإمكانيات لذلك، لكن لا يمكن إلا أن نجربه ونطوره لعدم وجود بديل آخر حاليًا".
ويشير الجرباوي إلى أن عدد الطلاب في المساق يلعب دورًا هامًا في فاعلية التعلم الإلكتروني من عدمه، موضحًا أنه يُقدم محاضرات لطلبة الماجستير وعددهم قليل، فتكون المحاضرة أكثر تفاعلية، وحتى نظام البرنامج الافتراضي يكون أكثر قدرة على تحمل محاضرات الفيديو.
يضطر أكاديميون لبث المحاضرات صوتيًا فقط بسبب ضعف الانترنت ومشاكل في النظام
وبيّن أن المشكلة تحدث مع طلبة البكالوريوس، إذ يبلغ عددهم في الشعبة 160 طالبًا، يحضر منهم النصف فقط، لكن الطلاب يعانون من مشاكل في النظام، أو ضعف الانترنت، فيُضطر لأن تكون المحاضرة بالصوت فقط، حتى لا يزيد الضغط على النظام، هذا رغم أن جامعة بيرزيت أضافت سيرفرات "خوادم" جديدة لتحسين النظام وزيادة قدرته على تحمل أعداد الطلاب، خاصة في المحاضرات الصباحية.
وزارة التربية: العقبات متوقعة لكن يجب التأقلم
يؤكد مدير عام التعليم الجامعي في وزارة التعليم العالي رائد بركات، أن الوزارة تعمل منذ فترة على إعداد نظام خاص بالتعليم الإلكتروني من أجل عرضه على مجلس الوزراء، وهذا المخطط قبل إعلان حالة الطوارئ، لكنه لم يُعرَض بعد.
وأوضح بركات، أن الجامعات الفلسطينية تفاوتت في الاستعدادية لهذا النظام، لكن جميعها بدأت بهذا النظام بحسب إمكانياتها وقدراتها.
وحول العقبات التي يعانيها الطلاب قال بركات إن هذا كان متوقعًا، "فهذه هي التجربة الأولى في فلسطين للتعلم عن بعد، لكن نحن نتعامل مع طلابنا الذين هم جيل الانترنت والتواصل الاجتماعي وجيل الحكومة الإلكترونية، والمطلوب التأقلم مع الوضع الجديد".
ودعا بركات، الطلاب إلى حل الصعوبات مع جامعاتهم لأن ذلك سيُغني التجربة، مضيفًا، "نحن في حالة استثنائية فُرِضَت علينا، وسنبذل جهدنا بما هو متاح لدينا من الإمكانيات".
وأشار إلى أن هذه الأزمة إن طالت، فستكون الامتحانات إلكترونيًا أيضًا، "بطريقة علمية ومهنية وشفافة وسرية" حسب وصفه.
قد تلجأ الجامعات إلى عقد الامتحانات إلكترونيًا بطريقة علمية ومهنية وشفافة وسرية
أما أستاذة الإعلام في جامعة خضوري أمل دويكات، فترى أن التعليم الإلكتروني لا يحدث الأثر المطلوب في كافة التخصصات والمساقات، فالمواد النظرية يمكن رفع مواد وشروحات فيها إضافة إلى الواجبات والنقاشات التفاعلية، بينما المساقات العلمية يجد فيها الطالب بعض الصعوبات، بسبب غياب الأدوات التي تتحصل المعرفة عن طريقها، مثل التجريب الصفي والتفاعل بين المحاضر والطالب أولاً بأول.
اقرأ/ي أيضًا: ما هو سر قوة الفلسطينيين في مكافحة فايروس كورونا؟
وأضافت دويكات، أن إمكانات الجامعات واستعداداتها للتعليم الإلكتروني متفاوتة، وبالتالي فإن لذلك أثرٌ على نتائج هذه التجربة.
التجربة غير مجدية في المدارس
في ذات السياق، أصدرت مديريات التربية والتعليم في الضفة الغربية تعلمياتها لمدراء المدارس والمعلمين للبدء بمنح طلابهم أوراق عمل وواجبات من أجل حلّها في منازلهم وإعادة ارسالها للمعلمين. إلا أن معلمين أكدوا عدم جدية الطلاب في التفاعل مع هذه الواجبات، ما طرح تساؤلاً حول جدوى تطبيق هذا النظام من التعليم في المدارس.
طرحنا السؤال على مدير التقنيات التربوية وتكنولوجيا المعلومات في وزارة التربية والتعليم جهاد الدريدي، فأجاب أن هذه الإجراءات هدفها الإبقاء على التواصل ما بين المعلم والطالب، وليس بديلاً عن التعليم الأساسي، خاصة أن التعليم الإلكتروني يعتمد على محددات أهمها توفر حاسوب لدى الطالب، وتوفر خدمة الانترنت بجودة جيدة للاستفادة من المواد التعليمية.
وزارة التربية: التعليم الإلكتروني يعتمد على الانترنت والحاسوب، وهذان لا يتوفران لدى أغلب الطلاب
وأكد الدريدي، أن هاتين الأداتين لا تتوفران لدى كثير من الطلاب، اعتمادًا على أرقام جهاز الإحصاء الفلسطيني، موضحًا أن البعد الثقافي والاجتماعي (لدى الطلاب) يلعب دورًا هامًا في كيفية التعاطي مع هذا النوع من التعليم، فالبعض يأخذه على محمل الجد والبعض الآخر يأخذه وسيلة للتندر والسخرية.
وأشار إلى أن الوزارة تتعاون مع تلفزيون فلسطين مباشر وقناة القدس التعليمية في تسجيل محاضرات ودروس للطلاب، خاصة الثانوية العامة، ضمن جدول زمني، عدا عن إنشاء قنوات يوتيوب للوزارة والمديريات لنشر الحصص التعليمية.
وأكد أن وزارة التربية والتعليم "لا تستطيع القول إن هذا التعلم يمكن أن يكون ملزمًا في الوقت الحالي، لكن وزارته ستتخذ إجراءات أخرى في حال طالت هذه الأزمة".
يُشار إلى أن معطيات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني لعام 2018، أظهرت أن 37% من العائلات الفلسطينية لديها جهاز حاسوب بواقع 41% في الضفة الغربية و30% في قطاع غزة. كما أظهرت نتائج بيانات مسح الظروف الاجتماعية والاقتصادية أن حوالي 361 ألف مشترك فلسطيني في خدمة الانترنت ADSL حتى نهاية عام 2018.
اقرأ/ي أيضًا: