في الأسبوع الأخير من شهر شباط/فبراير، نزل وفدٌ سياحيٌ يونانيٌ في فندق "انجل" في بيت لحم، وبعد مغادرته بأيام تلقى الفندق اتصالاً هاتفيًا من المكتب السياحي في اليونان، المسؤول عن زيارة الوفد اليوناني، لإبلاغه أن الفحوصات التي أُجريت للوفد بعد عودته من فلسطين أظهرت إصابة أحد أعضائه بفايروس كورونا، ومن هنا كانت بداية ظهور المرض الذي استدعى إعلان حالة الطوارئ في الضفة، وأغلق بيت لحم بالكامل.
علم فندق انجل بإصابة الوفد اليوناني من خلال المكتب السياحي اليوناني المسؤول عن الزيارة
تقول مريانا العرجا، مالكة فندق "انجل"، إنها أعلمت وزارة السياحة بما أبلغها به المكتب السياحي اليوناني، وبدورها أبلغت الأخيرة وزارة الصحة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
اقرأ/ي أيضًا: انجل - كورونا: شهادات من داخل أشهر فندق في فلسطين
رأت العرجا، أن وزارة الصحة فعلت ما بوسعها وأجرت الفحوصات اللازمة لجميع موظفي الفندق، كما أبلغتهم بوضعهم في الحجر الصحي الاحترازي.
سلطان ناصر، مدقق ليلي في فندق "انجل" يتابع كافة الحجوزات والأمور المالية، تلقى اتصالاً من الفندق لإجراء الفحوصات يوم الأربعاء (4 آذار/مارس)، وبعد أخذ العينة طُلِب منه أن يلتزم هو وبقية الموظفين منازلهم، لكنه عاد ليداوم في الفندق عند الساعة 11 من مساء اليوم ذاته، وحتى الساعة السابعة من صباح يوم الخميس، ثم بعد عودته لبيته تلقى اتصالاً لإبلاغه بالعودة إلى الفندق ووضعه في الحجر.
يقول: "في البداية لم تكن الوزارة مهيّأة للتعامل مع الأمر، لكن في ما بعد تمت متابعتنا جيدًا".
أسامة كنعان، موظفٌ آخر في الفندق، أُصيب بضربةٍ في أنفه مساء الأربعاء، وقبل أن يتوجه إلى المستشفى أخذت طواقم وزارة الصحة منه عينة للفحص، ثم توجه بعدها إلى مستشفى الجمعية العربية للتأهيل، لتلقي العلاج من إصابته، وقد رافقه مدير الفندق، لكنهما لم يخبرا الطاقم الطبي الذي عاينه بوجود شكوك باحتمالية إصابة المريض بفايروس كورونا.
تُرك موظفون في فندق انجل يذهبون لبيوتهم ومستشفى الرعاية رغم الاشتباه بإصابتهم بفايروس كورونا
وأضاف كنعان، أن ثلاثة أطباء وممرضين اثنين أشرفوا على علاجه، وسرعان ما أُدخِلوا إلى الحجر المنزلي بعد نشر أسماء أول 7 مصابين بالفايروس، قبل أن يتبين أن نتائج الفحوصات التي أُجريت لهم جميعًا كانت سلبية، أي خالية من الإصابة.
اقرأ/ي أيضًا: صور | بيت لحم تقاوم حصار الكورونا
وتابع، "لو كان لدينا أي شك بأننا مصابون لما توجهنا حتى إلى منازلنا ومخالطة عائلاتنا، فالصحة أوضحت أن هذه إجراءات طبيعية بعد اكتشاف أن أحد أعضاء الوفد اليوناني مصابٌ بفايروس كورونا، ولم نكن نقدر خطورة الوضع".
تُعلل العرجا عدم إبلاغ المستشفى بشبهة المرض، بأن "من الطبيعي أن يكونوا محتاطين ويرتدون الكفوف والكمامات".
الوفد السياحي اليوناني لم يكن الأول الذي يزور فلسطين ثم يتبين إصابته بفايروس كورونا، فقد سبقه وفدٌ كوريٌ جنوبيٌ زار البلاد في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، ولذلك فإن كثيرين رأوا في انتقال العدوى من الوفد اليوناني "تقصيرًا" من جانب وزارة السياحة التي كان عليها أن تأخذ كافة الاحتياطات اللازمة في التعامل مع الوفود السياحية، خاصة بعد حادثة الوفد الكوري، وتفشي فايروس كورونا في دول العالم، بما فيها دولٌ مجاورة.
لم يكن الوفد السياحي اليوناني هو الأول الذي يزور فلسطين ثم يتبين إصابته بفايروس كورونا
نقلنا هذه الملاحظات إلى وزارة السياحة، فأجاب الناطق باسم الوزارة جريس قمصية قائلاً إن الوزارة عملت بالتعاون مع كافة الجهات الشريكة، والتزمت بكافة التعليمات التي وصلت من وزارة الصحة بحذافيرها وتفاصيلها من ناحية منع السياح من 10 جنسيات من العالم -أهمها الصين وإيطاليا وكوريا- من الدخول للأماكن السياحية والأثرية والفنادق الفلسسطينية.
وأشار إلى أن الوزارة أصدرت تعميمات للمكاتب السياحية بالامتناع عن تنظيم زيارات السياح من الجنسيات المسموحة للمؤسسات العامة كالمدارس والجامعات.
وأضاف قمصية، أن وزارة السياحة التزمت أيضًا بتعليمات وشروط السلامة التي أعلتنها وزارة الصحة، سواء الخاصة بالسياح وضرورة ارتدائهم للكمامات واستخدام المعقمات الخاصة باليدين، ومن ناحية إجراءت السلامة والوقاية للفنادق من استخدام المعقمات والقفازات وغيرها .
وزارة السياحة: التزمنا بتعليمات وزارة الصحة، ولا نستطيع وقف كافة الوفود السياحية لعدم سيطرتنا على المعابر والحدود
وردًا على السؤال حول لماذا لم يتم وقف كافة الوفود السياحية، قال قمصية، إن قرارًا كهذا لا يمكن لوزارة السياحة أن تصدره، فلا سيطرة فلسطينية على المعابر والحدود، "وليس لدينا القدرة على وقف استقبال أو منع السياح من الوصول للأماكن السياحية الفلسطينية".
اقرأ/ي أيضًا: يوميات في الحجر الصحي.. عائلة فلسطينية في بكين
وإن كان الطاقم الطبي في مستشفى الرعاية العربية قد نجا من العدوى، فإن عماد خاطر، وهو سائق سيارة أجرة، تلقى العدوى من ثلاثة موظفين في فندق "انجل"، ويجلس الآن في الحجر الصحي داخل الفندق ذاته، وفق ما أفادنا به ابنه مجد.
وأشار مجد إلى أن والده لم يتناول في أول يومين من الحجر إلا ساندويش فلافل، لكن الوضع تغير للأفضل بعد مناشدة نشرها عن ظروف والده ومن معه في الحجر.
هذه الملاحظة تُشبه ما حدث مع المصاب الوحيد بفايروس كورونا في طولكرم، حيث أفادت العائلة بأنه يخضع للحجر الصحي في ظروف شديدة السوء داخل قسم مهجور في مستشفى الهلال بالمدينة. وهي تتشابه مع انتقادات كبيرة لظروف الحجر الصحي في الأكاديمية العسكرية بمدينة أريحا، ما يُشير، وفق تعليقات كثيرة في السوشال ميديا، إلى تأخر لدى وزارة الصحة وبقية الجهات المعنية في استيعاب هذه الأزمة والتعامل معها.
وكانت رئاسة الوزراء أوقفت المكتب الإعلامي لوزارة الصحة عن الإدلاء بأي تصريحات في هذا الموضوع، وتم تكليف الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم بهذه المهام، وعندما تواصلنا مع مكتب ملحم بهذا الخصوص أُبلغنا أننا سنتلقى الرد لاحقًا، لكن ذلك لم يحدث حتى لحظة نشر التقرير.
أخصائي الأمراض المعدية في مستشفى المطلع علي سباتين، أكد أن الفكرة في عدم انتشار المرض هي العزلة، وهو ما ساعد الصين على السيطرة على هذا المرض ومحاصرته، موضحًا أن أي اختلاطٍ سواءً كان في المناطق الطبيعية أو حتى في قاعة مغلقة سيُساهم في انتشار الفايروس.
وبيّن سباتين، أن حامل فايروس كورونا لا تظهر عليه الأعراض، فقد يكون الشخص في فترة حضانة الفايروس، وبالتالي يصعب التفريق بين الحامل للفايروس والمصاب به، إلا أن الشخص الذي لا تظهر عليه أعراض المرض تكون نسبة العدوى لديه أقل من الشخص الذي تظهر عليه الأعراض.
وأكد سباتين، أن طرق الوقاية العملية هي السبيل الوحيد للحماية، من ناحية تجنب الاختلاط والمصافحة والتقبيل واتباع النظافة والتعقيم.
اقرأ/ي أيضًا: