16-ديسمبر-2019

مازالت السلطة الفلسطينية تنتظر ردًا إسرائيليًا على طلبها السماح بمشاركة الفلسطينيين في القدس في الانتخابات الفلسطينية ترشحًا وانتخابًا، وكذلك إجراء التصويت داخل المدينة، وهو الشرط الذي توافقت الفصائل مع الرئاسة على توفره لإقامة الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية، وبسببه لم يصدر الرئيس مرسوم إجراء الانتخابات بعد.

مقترح بأن يتم التصويت إلكترونيًا في القدس لقطع الطريق أمام تسبُّب إسرائيل بإلغاء الانتخابات

وينص اتفاق أوسلو على السماح للفلسطينيين في القدس بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية، وهو ما حدث في انتخابات 1996 ثم 2006، لكن الإجراءات التهويدية والاستيطانية التي فرضتها "إسرائيل" خلال السنوات الماضية في القدس أوجدت احتمالاً قويًا برفضها إقامة هذه الانتخابات في المدينة، تأكيدًا لسيطرتها التامة عليها، ولذلك خرجت أصواتٌ تطالب بإيجاد بدائل تضمن هذه المشاركة.

الكاتب الإعلامي المتخصص في الشأن القضائي ماجد العاروري، اقترح أن يكون الاقتراع إلكترونيًا، كون قضية القدس "معقدةٌ جدًا، وعليها صراعٌ سياسيٌ قوي" وفق قوله، مطالبًا باستخدام كل الأدوات، وأهم انتصار أن تجري الانتخابات بما يشمل القدس.

ورأى العاروري، أنه طالما يوجد قانون للمعاملات الإلكترونية، وقدرة على إدارة العمليات البنكية وفقًا لأنظمة الإلكترونية، فإنه يمكن أن يتم تعديل قانون الانتخابات العامة ليمنح صلاحية للجنة الانتخابات لبناء نظام انتخابي إلكتروني يمكن الناخبين من المشاركة في الاقتراع في المناطق التي قد يتعذر فيها المشاركة، خاصة في القدس.

وأكد أنه لا مبرر لتاخير إصدار مرسوم بإجراء الانتخابات، ويجب تركيز الجهد على توفير حلول إبداعية لإجراء الإنتخابات في القدس، لا أن تكون ورقة لتعطيلها كما يهوى البعض.

الخبير الإعلامي في الشأن القضائي ماجد العاروري يؤكد أنه لا مبرر لتأخير إصدار مرسوم بإجراء الانتخابات

هل يُمكن تقنيًا إجراء الانتخابات بالتصويت الإلكتروني؟ هذا السؤال أجاب عليه الخبير في شؤون الاتصالات والمعلوماتية عز الدين زعول بالقول إن هناك نظامًا إلكترونيًا كاملاً يُتيح إجراء 500 نوع من الانتخابات، ويضمن نزاهتها عبر أداة ذكية موثوقة لممارسة العملية الانتخابية بجميع مراحلها.

وأوضح زعول، أن الفكرة بدأت بعد الوقوف على التكاليف الباهظة للانتخابات، إلى جانب ما يرافقها من تعطل المصالح والأنشطة أيام الانتخابات، وتعطل الشرطة التي تتفرغ لمراقبة العملية الانتخابية.

وأضاف أنه تم أخذ تجربة انتخابات بلدية جنيف الإلكترونية لتعميمها على انتخابات اتحاد الطلاب في الجامعات والمدارس في البداية، ثم كبرت لتطبيقها على انتخابات النقابات والأندية الرياضية حيث يزيد أعداد الناخبين، مبينًا أن الآلية لا تتم عن طريق الإنترنت فقط، وتحتاج لنظام تشغيل إلكتروني خاص.

وتابع، "المشروع يتوافق مع ما تقوم به البنوك في بطاقات (ATM) التي يتم تشغيلها عبر أكواد وشفرات، وتم إعداده وتحميله ليستوعب وجود 100 مليون مستعمل في وقت واحد".

خبير تقني: هناك موقع عالمي متخصص بإجراء الانتخابات عبر الانترنت، يستعوب 100 مليون مستخدم في وقت واحد

يتكون هذا النظام من جزأين، الأول نظامٌ انتخابيٌ لإجراء الانتخابات عبر الإنترنت من أي مكان في العالم، كونه أداة ذكية موثوقة لممارسة العملية الانتخابية بجميع مراحلها. والثاني هو موقع تواصل اجتماعي يتم إنشاء الحساب فيه بناء على رقم بطاقة الهوية، وبه معظم خواص المواقع الاجتماعية الأخرى المعروفة، لكنه يختلف عنها بأن الحساب الموجود لشخص حقيقي وليس وهميًا، والشخص له حساب واحد فقط.

وأفاد زعول بأن هذا الموقع يحتوي على أرشيف موثق لكل حساب يتضمن كافة عمليات وأنواع التصويت، وبه خاصية الترشيح للانتخابات والإعلان عن البرامج ومعرفة الشعبية الحقيقية للمرشح، وطرح البرامج الانتخابية والمقارنة بين المرشحين والمناقشة عليها.

وشرح زعول آلية عمل الموقع مبينًا أنه أداة ذكية مؤمنة لممارسة العملية الانتخابية بكافة مراحلها، يبدأ عمله بعد تعاقد الجهة التي تقوم بالانتخابات مع إدارة الموقع، وتزود هذه الجهة الموقع بكشوف بيانات تتضمن عدد الناخبين المسجلين لديها وتقسيماتهم، بعدها يتيح الموقع الإعلان عن المرشحين، والمقارنة بين برامج المرشحين الانتخابية المختلفة لاختيار المرشح الأنسب، طبقًا لاقتناع الناخب ببرنامج المرشح.

أما تصويت الناخبين للمرشحين فيتم في الوقت المحدد للعملية الانتخابية، وذلك عبر الإنترنت من أي مكان في العالم، فيقوم النظام المحمل على الموقع بالفرز واختيار الأصوات الصحيحة واستبعاد الأصوات الباطلة أو البطاقات المزورة وعدم إمكانية التصويت مرتين.

خبير تقني: نظام التصويت الإلكتروني مزود بأعلى مستويات الأمان لمنع التزوير والهاكر

إضافة إلى ذلك، يقوم النظام بإعلان عدد الأصوات بمجرد ضغط الناخب على تأكيد اختياره، وتعلن النتيجة النهائية مع انتهاء الوقت المحدد للتصويت، ولا يقبل التصويت بعد انتهاء الوقت المحدد (يحدد الوقت من قبل جهة الإدارة) وإعلان النتيجة، وتتم تلك العملية في ثوان معدودة إلكترونيًا.

ورأى زعول، أن إجراء الانتخابات بهذه الآلية يضمن لها النزاهة والشفافية والحماية الإلكترونية في كافة مراحل،كما لا يمكن التزوير في أرقام بطاقات الهوية، كما يتيح الموقع الإشراف القضائي على الانتخابات، ويسمح بمراقبة المرشحين ومندوبيهم على عملية الانتخابات الخاصة بهم، إلى جانب مراقبة المجتمع المدني والمنظمات المحلية والأهلية ومنظمات المجتمع.

وأضاف أن الموقع يضمن أيضًا عدم التلاعب في نتيجة التصويت والفرز، وحفظ البيانات وتخزينها في أكثر من موقع أصلي وموقع بديل، وسرعة معالجة البيانات واستخراج النتائج، ومن ناحية أخرى الموقع يتمتع بحماية ضد هجمات القرصنة والفيروسات الإلكترونية، حيث يتم تأمين الموقع من خلال فريق عمل محترف.

وبالعودة إلى العاروري، فهو يعتقد أن التصويت الإلكتروني حلٌ قابلٌ للتطبيق، ويضمن إعادة بناء النظام السياسي، ويمنع رهن إجراء الانتخابات بالموافقة الإسرائيلية، ويضمن انتخابات حرة نزيهة، ومشاركة أوسع لأهل القدس دون إخافتهم من الرقابة الاسرائيلية على مشاركتهم.

لجنة الانتخابات: نحن نعمل ضمن القانون، والقانون لا ينص إلا على انتخابات ورقية ويدوية

لكن المتحدث باسم لجنة الانتخابات المركزية فريد طعم الله قال إن ما يحكم موقفهم من هذا الأمر هو قانون الانتخابات، وقانون الانتخابات لا يتحدث عن إجراء انتخابات إلكترونية، مضيفًا في حديث مع الترا فلسطين، أن قانون الانتخابات يتحدث عن الانتخاب بشكل ورقي ويدوي، ولا حديث عن انتخابات الكترونية.

ماجد العاروري يرد على ذلك، بأن لجنة الانتخابات قدمت للرئيس بعد مشاورات مع الفصائل توصية بإجراء تعديل على قانون الانتخابات، وإذا كانت الإشكالية قانونية فالأصل إضافة مادة في هذه التعديلات تتيح إجراء التصويت الإلكتروني في المناطق التي تحددها لجنة الانتخابات.

لكن الإشكالية الحقيقة، وفق اعتقاد العاروري، تتمثل في عدم توفر سجل انتخابي لأهل القدس لدى لجنة الانتخابات، وبالتالي يجب وضع آلية تمكنهم من إجراء سجل وفق هذا النظام الإلكتروني. في حين أفاد طعم الله بأن أي شخص يحمل هوية القدس مسجلٌ تلقائيًا في السجل الانتخابي، ومن يحق لهم الاقتراع في القدس حوالي 150 ألف شخص.

يُذكر أن وزير الخارجية رياض المالكي صرح بأن وفودًا أوروبية وأممية ستبدأ زياراتٍ إلى الضفة الغربية وقطاع غزة بدءًا من اليوم، من أجل الترتيب للانتخابات، في حين أكدت مصادر رسمية أن إصدار المرسوم الرئاسي بموعد الانتخابات مرتبطٌ بالموافقة الإسرائيلية على إجرائها، في حين لم تصدر أي تصريحات أو تسريبات إسرائيلية بهذا الخصوص.


اقرأ/ي أيضًا: 

الترا فلسطين يحاور عبد الستار قاسم: أين وصلت القائمة المستقلة؟

الانتخابات الفلسطينية

أي حوار وطني نريد حول الانتخابات