13-سبتمبر-2024
اشتباكات جنين

أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير اليوم الجمعة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية صعّد من استخدامه للقوة ضد الفلسطينيين، حيث منع وصول الكوادر الطبية إلى المرضى والمصابين المحتاجين إلى الرعاية الصحية العاجلة، وجرّف الطرقات الحيوية مما جعلها غير سالكة أمام حركة الإسعافات والطواقم الصحية. بالإضافة إلى ذلك، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلية غارات جويّة باستخدام الطائرات الحربية والمسيّرات، أسفرت عن استشهاد عشرات الفلسطينيين، بينهم عدد من الأطفال. وتعتبر هذه الإجراءات تصعيدًا خطيرًا للأوضاع في الضفة الغربية، بحسب المنظمة.

وزعم المسؤولون الإسرائيليون أن هذه العمليات تأتي في إطار "مكافحة الإرهاب"، لكن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ذهب أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن إسرائيل "يجب أن تتعامل مع التهديد في الضفة الغربية بالطريقة نفسها التي تتعامل بها مع البنية التحتية للإرهاب في غزة"، مضيفًا أن هذا التعامل قد يشمل "الإخلاء المؤقت للسكان الفلسطينيين".

تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن إسرائيل تتبع أساليب قتالية أكثر فتكًا في الضفة الغربية، وتعود لاستخدام تكتيكات أقرب إلى "الحربية"

وقالت المنظمة إن هذا التصعيد العسكريّ الإسرائيليّ يحدث في سياق احتلال عسكري طويل الأمد، حيث دعمت الحكومة الإسرائيلية على مدى عقود توسّع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية، وموّلت بناءها، ووفرت تسليحًا وحماية للمستوطنين الذين يمارسون العنف ضد الفلسطينيين.

وكانت "محكمة العدل الدولية" قد قضت في تموز/يوليو بأن إسرائيل تتبع سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين، وأمرت بإخلاء المستوطنين من الضفة الغربية والقدس الشرقية. ومع ذلك، لم تلتزم إسرائيل بالقرار، بل على العكس، فقد نزح أكثر من 5 آلاف فلسطيني من منازلهم في الضفة الغربية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، إما بسبب عمليات الهدم العسكريّة أو بسبب العنف المتزايد من المستوطنين.

وتشدد "هيومن رايتس ووتش" على أن القانون الدولي لحقوق الإنسان ما زال ساريًا على سلوك إسرائيل في الضفة الغربية، حتى في ظلّ هذا الاحتلال العسكريّ الطويل. وإذا ما تدهورت الأوضاع في الضفة الغربية ووصلت إلى مستوى نزاع مسلّح، فإن القانون الإنساني الدولي قد يصبح قابلًا للتطبيق هناك، لكنه في الوقت الحالي لا ينطبق. وبناءً على ذلك، يتوجب على القوات الإسرائيلية الامتثال للقواعد القانونية التي تحكم إنفاذ القانون، والتي تتيح استخدام القوة القاتلة فقط في ظروف محدودة جدًا، وفقط حينما تكون الوسائل الأقلّ شدة غير كافية لتحقيق الأهداف الأمنية.

لكن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن إسرائيل تتبع أساليب قتالية أكثر فتكًا في الضفة الغربية، وتعود لاستخدام تكتيكات أقرب إلى "الحربية". فبعد سنوات من عدم استخدام الغارات الجوية في الضفة الغربية، أفادت الأمم المتحدة أن 95 فلسطينيًا استشهدوا في غارات جويّة إسرائيلية منذ بداية العام، نصفهم تقريبًا خلال شهر أب/أغسطس وحده. وتعتبر الأمم المتحدة أن أيّ استخدام متعمد للقوة القاتلة في غير الحالات الضرورية لمنع تهديد وشيك للحياة، يُعد استخدامًا غير مشروع للقوة في سياق إنفاذ القانون. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، استهدفت خلالها أطفالًا داخل منازلهم وفي الشوارع، وحتى رجلاً كان يعدّ الحليب لطفله داخل مطبخه.

ودعت "هيومن رايتس ووتش" الحكومات الدولية، لا سيما الولايات المتحدة التي أعلنت التزامها بإجراء تقييمات لمخاطر الفظائع في ظلّ تصاعد العنف، إلى التحرك بناءً على مؤشرات الخطر في الضفة الغربية. وطالبت بتجنيد حكومات أخرى للاستجابة إلى هذه الأزمة المتصاعدة والضغط على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات.

وفي هذا السياق، أعرب رئيس السياسة الخارجية في "الاتحاد الأوروبي" جوزيب بوريل، ووزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني، عن قلقهما العميق إزاء التصعيد الأخير في الضفة الغربية، واعتبرا ذلك خطوة أولى نحو التدخل الدبلوماسي. وقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا عقوبات على بعض المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، لكن "هيومن رايتس ووتش" تؤكد على ضرورة توسيع نطاق هذه العقوبات لتشمل المسؤولين الإسرائيليين الذين يقودون هذا التصعيد العسكري غير القانوني. من بين هؤلاء وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يدعم تسليح المستوطنين ويوجه الشرطة لتجاهل العنف الذي يرتكبه المستوطنون ضد الفلسطينيين.

وتختتم المنظمة تقريرها بالتحذير من أن الأضواء قد تكون مسلطة على غزة في الأشهر الأخيرة، لكن الضفة الغربية تشهد أيضًا تصعيدًا خطيرًا، ويجب على المجتمع الدولي التدخل لمنع الفظائع والانتهاكات الجسيمة هناك أيضًا.