يتواصل الصراع على إدارة محمية واد القف في الخليل منذ قرابة نصف عام، فيما تتحول المحمية تدريجيًا لمكرهة صحية، بعد أن كان مُفترضًا تحويلها إلى منتزه وطني، بناء على قرار صادر من مجلس الوزراء في تشرين الثاني/نوفمبر 2016.
وأوكلت وزارة الزراعة لبلدية الخليل إنشاء المنتزه الوطني، بناءً على قرار مجلس الوزراء، لكن ما إن بدأت آليات بلدية الخليل عملها في تأهيل المحمية، حتى تدخل أهالي بلدة ترقوميا ومنعوا ذلك، لتبدأ أزمة لم يتم حلها حتى هذه اللحظة.
محمية تاريخية في الخليل تتحول تدريجيا لمكرهة صحية، في ظل خلاف بين البلديات على حق إدارة منتزه وطني يُفترض أن يُقام فيها
وتقع محمية واد القف في المنطقة الشمالية الغربية من الخليل، على بعد 6 كم من المدينة، وتبلغ مساحتها الإجمالية نحو 4600 دونم، بينها 2000 دونم مزروعة بالأشجار الحرجية، وهي مأوى للطيور والحيوانات البرية، وملاذًا لسكان المنطقة الذين تحاصرهم الكتل الاسمنتية والجدار الفاصل والمستوطنات، إضافة لاستخدامها في الرعي.
اقرأ/ي أيضًا: مجاري المستوطنات تهلك الحرث والنسل
بلدية ترقوميا القريبة من المحمية، اعترضت على توكيل بلدية الخليل بإقامة المنتزه، معللة ذلك بمخاوف أهل البلدة على أراضيهم. يقول سامي عواد رئيس البلدية، إن أراضي المحمية مسجلة لعائلات من ترقوميا، وأخرى مسجلة للمملكة الأردنية، والبقية باسم الاتحاد العربي.
ويضيف، "قبل صدور قرار مجلس الوزراء، أبلغت بلدية ترقوميا غرفة محافظة الخليل ووزارة الحكم المحلي بأن أراضي المحمية مملوكة ولا يجوز التعدي عليها، وأن مؤسسات بلدة ترقوميا هي الأحق بإدارة المشروع".
ويبين عواد، أن بلديته كانت قد حصلت على تمويل لإقامة منتزه قومي يحمل كافة المواصفات اللازمة لهذه المنتزهات، إلا أن جهات لم يسمها تدخلت لدى القنصلية الأمريكية وتسببت بوقف الأخيرة للتمويل.
ويبين عواد لـ"ألترا فلسطين"، أن أراضي المحمية مسجلة لعائلات من ترقوميا، وأخرى مسجلة للمملكة الأردنية، والبقية باسم الاتحاد العربي، مضيفًا، "قبل صدور قرار مجلس الوزراء، أبلغت بلدية ترقوميا غرفة محافظة الخليل ووزارة الحكم المحلي بأن أراضي المحمية مملوكة ولا يجوز التعدي عليها، وأن مؤسسات بلدة ترقوميا هي الأحق بإدارة المشروع".
ويوجد في محمية واد القف 15 نوع من الفراش، من أصل 45 نوعًا منتشرًا في الضفة الغربية، وأربعة أنواع من الأفاعي، وخمسة ينابيع ماء، بالإضافة إلى كهف يضم مئات طيور الخفافيش الموجودة في المنطقة، ويعتبر مصدرًا للعديد من أنواع الأعشاب الطبية مثل الزعتر والمرمية والشيح.
الناشط عمر الفطافطة من الحراك الشبابي في ترقوميا، يقول إن احتجاج أهالي البلدة بدأ بعد شق بلدية الخليل طرقًا في المحمية، على حساب أراضي خاصة تملك عائلات عديدة ما يثبت ملكيتها لها، مبينًا، أن قرار السّماح لبلدية الخليل تجاوز أهالي ترقوميا ومؤسساتها، "وهم أولى بإدارة المحمية".
وأكد الفطافطة لـ"ألترا فلسطين" نية أهالي البلدة التوجه للقضاء الفلسطيني لوقف المشروع، مشددًا على امتلاك البلدية كافة الأوراق الرسمية التي تثبت ملكية العديد من عائلات البلدة لمئات الدونمات في محمية واد القف، "بعد تهميش وزارة الزراعة لبلدة ترقوميا ومؤسساتها"، وفق قوله.
عضو المجلس السابق لبلدية الخليل محمد عمران، قال إن شق الطرق في المحمية تم بناء على الاتفاقية الموقعة بين وزارة الزراعة وبلدية الخليل، مضيفا، أن المنتزه الذي كان من المفترض إقامته سيخدم جميع أهالي المحافظة، ولذلك استغرب تحرك أهالي ترقوميا ضده.
ادعاءات أهالي ترقوميا بأن التخطيط لإقامة المنتزه تم بعيدًا عنهم، أكدها محمد الشحبري الوكيل المساعد في وزارة الزراعة، مبينًا، أن اجتماعات جرت في محافظة الخليل ولم يحضرها سوى بلديتي الخليل وحلحول.
وأكد الشحبري لـ"ألترا فلسطين"، أن المنتزه سيُقام على الأراضي التي تعود ملكيتها للحكومة، ولن يتم المساس بقطع الأراضي المسجلة بأسماء أهالي ترقوميا أو القرى المجاورة، وهو ما يخالف أقوال الفطافطة الذي أكد أن شق الطرق تم بالفعل في أراضيهم.
يقول أهالي ترقوميا إنهم يملكون أراضي في محمية واد القف، ولم يتم التشاور معهم حول إقامة المنتزه، فيما تنفي وزارة الزراعة المساس بأراضيهم
وتابع، "هناك لجنة وزارية تشكلت عضويتها من ست وزارات للإشراف على المشروع"، مضيفًا، "هناك تكاليف مالية عالية لتنفيذ المشروع، وبلدية الخليل لديها الإمكانيات لتطبيق الخطة الإدارية المصادق عليها، ولا يجوز تنفيذ خطة إدارية إلا من خلال مؤسسة معينة، ولا يوجد مشكلة لدى وزارة الزراعة من التعاون مع من لديه القدرة المالية لتنفيذ الخطة".
وطالب الشحبري بلدية ترقوميا بالتوجه لمكاتب الوزارة، "إن كانت جادة في الشراكة الحقيقة في تنفيذ أولى مراحل المشروع"، منوهًا إلى أن خدمة الدخول إلى المحمية ستكون بدفع رسوم رمزية.
وحسب تقديرات سلطة جودة البيئة فإن عمليات التحطيب وقطع الأشجار، تشكل خطرًا كبيرًا على المحمية، بالإضافة إلى تحويل أجزاء منها لمكب نفايات، ما ينذر بتحولها إلى مكرهة صحية، وتدمير التنوع الحيوي فيها.
وتشير مصادر إلى أن المحمية كانت موجودة قبل الحكم العثماني لفلسطين، وأنها أقدم المحميات في الضفة الغربية على الأقل، ومن أقدمها في فلسطين، وقد استخدم العثمانيون أشجارها وقودًا للقطارات، كما ظلت مأوى للطيور المهاجرة والمقيمة، رغم توقف عمليات التشجير فيها في القرن الأخير من الزمن.
اقرأ/ي أيضًا:
خيمة للزواج حلم مستحيل في سوسيا