15-فبراير-2023
بؤرة "جفعات أرنون" الاستيطانية كما تظهر من بلدة عقربا جنوب نابلس (JAAFAR ASHTIYEH/ Getty Images)

بؤرة "جفعات أرنون" الاستيطانية كما تظهر من بلدة عقربا جنوب نابلس (JAAFAR ASHTIYEH/ Getty Images)

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

خلُص المعلّق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" رون بن يشاي إلى أنّ استراتيجية "الضم الزاحف" التي تنفّذها الحكومة الإسرائيلية الحالية تُهدد علاقة "إسرائيل" بالولايات المتحدة الأمريكية، وتسهم في "تآكل الوضع الأمني".

يديعوت: "الأمر المُلحّ هو تهدئة الأوضاع في القدس، لكن وزير الأمن القومي يطالب الآن بهدم المنازل على نطاق واسع"

واستهل بن يشاي مقاله التحليلي الذي حمل عنوان "الضم الزاحف تحت ستار انقلاب على القضاء: تهديد للعلاقات مع الولايات المتحدة وتآكل الأمن"، بالقول: إنّ "تدهورًا كبيرًا طرأ على الأمن القومي الإسرائيلي على كل الجبهات: في القدس تصريحات ايتمار بن غفير تصب الزيت على النار، والردع في غزة يتلاشى. كما أدّت شرعنة البؤر الاستيطانية وقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية إلى مواجهة مع إدارة جو بايدن، والضمُّ الزاحف ستكون له عواقب وخيمة".

ورأى كاتب المقال الإسرائيلي أنه ورغم المداهمات التي ينفّذها جيش الاحتلال وجهاز "الشاباك" إلّا أن هناك نحو 40 إنذارًا يوميًا حول نوايا لتنفيذ هجمات، ما يجعل الوضع العام للأمن القومي في "إسرائيل" في "تدهور كبير". 

ويشير بن يشاي إلى أنه وفي القدس مثلًا، فإن هناك تدهورًا للوضع الأمني، وغياب الشعور بالأمن الشخصي لدى المستوطنين، بسبب سلسلة الهجمات. وتحت عنوان: "حاجة ملحة للتهدئة لكن بن غفير يدفع نحو التصعيد"، كتبت الصحيفة عن الوضع الأمني في القدس: "الأمر المُلحّ هو تهدئة الأوضاع في القدس، لكن وزير الأمن القومي يطالب الآن بهدم المنازل على نطاق واسع، ويستخدم قوات الشرطة لتنفيذ دوريات مكثفة جدًا في شرقي القدس. الذعر الذي تسببه هذه العملية يزيد حنق السكان. وإثارة الهلع لا ينتج الثقة، بل العكس. وعلى سبيل المثال فإن الحواجز في نقاط غير ضرورية، لا تحمي السكان اليهود في المدينة، بل تزيد الاحتكاك، وفي الوقت الحالي من الضروري تقليص الاحتكاك والتصريحات المثيرة".

وفي الضفة الغربية، رجحت الصحيفة استمرار التصعيد لأن أسبابه ما تزال قائمة، بسبب غضب الشبان على السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، وضعف الأجهزة الأمنية، إضافة لسقوط عشرات القتلى، وهؤلاء هم الوقود الفعلي للنيران الملتهبة.

وفيما يتعلق بقطاع غزة توقع بن يشاي أن جيش الاحتلال يُعد لعدوان كبير: "في غزة، يبدو أنه لن يكون هناك مناص في المستقبل القريب من توجيه ضربة موجعة بشكل مركّز، على نحو يجدد الردع ويسمح بفترة تهدئة أخرى. بالإمكان الافتراض أن هناك عملية عسكرية  كبيرة أخرى قيد الإعداد".

ولفت إلى أنّ عشرات الصواريخ أطلقت من قطاع غزة مؤخرًا، ما يعني أن "الردع الذي حققته" عمليات "حارس الأسوار" و"بزوغ الفجر" آخذ في التآكل على نحو سريع. 

وتحت عنوان فرعي: "التوترات بين تل أبيب وواشنطن" جاء في مقال "يديعوت" أنّ هناك تطورًا سلبيًا آخر في المجال الأمني يتمثّل في "توتر العلاقات بين تل أبيب وواشنطن"، بسبب قرار "الكابينت" الإسرائيلي شرعنة 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، والبدء في تنفيذ خطط بناء لحوالي 10 آلاف وحدة استيطانية في مناطق مصنّفة (ج). وهي عوامل أخرى تضاعف حالة التوتر التي تطورت في الأيام الأخيرة مع الولايات المتحدة وأوروبا، بعد إطلاق الحكومة الإسرائيلية عملية سريعة لتشريع قوانين تحدّ من استقلال منظومة القضاء، وهو توجّه لا يتماشى مع توجهات الإدارة الأمريكية.

وأضاف كاتب المقال أنّ من المهم أن نلاحظ في هذا السياق أنه وبمجرّد تشكيل الحكومة، وصل رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز ومستشار بايدن للأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكين إلى "إسرائيل" واحدًا تلو الآخر. وقد كشف الصحفي الإسرائيلي ناحوم بارنيع من صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنّ بلينيكن عرض على نتنياهو صفقة تتمثل في أن يلعب (الأخير) دور الشخص الذي يتحلّى بالمسؤولية في الحكومة، من خلال العمل على تهدئة الساحة الفلسطينية والتأكد من أنّ الحكومة التي يرأسها لا تنفّذ إجراءات أحادية الجانب في الضفة الغربية من شأنها أن تمنع تطبيق حل الدولتين، بالإضافة إلى إجراء الإصلاحات القضائية بالإجماع، على نحو يحافظ على "إسرائيل" كدولة ديمقراطية ليبرالية تتشابه قيمها مع قيم الولايات المتحدة.

في المقابل -وفق الصحيفة- تعهّد بلينكن، بمنح "إسرائيل" تعاونًا وثيقًا في الملف الإيراني، ومساعدة أمريكية لتعزيز التطبيع مع السعودية، واستمرار الدعم السياسي لـ "إسرائيل" على صعيد المنظمات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة، وإجراء مناورة عسكرية مشتركة تحاكي هجومًا عسكريًا صريحًا على إيران، وتطوير التعاون التكنولوجي لمنح "إسرائيل" قدرات عسكرية لم تكن لديها، وهي قدرات مهمة في أي مواجهة مع إيران.

واعتبرت الصحيفة العبرية أنّ قرار "الكابينت" شرعنة بؤر استيطانية الأحد الماضي، يهدد بشكل أو بآخر "التعاون" مع الولايات المتحدة. وأشار إلى أنّ الوزير الأمريكي أنتوني بلينكن عبّر في رسالة نُشرت نيابة عنه، الإثنين، عن الانزعاج من القرار الإسرائيلي ببناء نحو 10 آلاف وحدة استيطانية في المستوطنات، والبدء في عملية شرعنة بأثر رجعي لتسع بؤر استيطانية في الضفة الغربية. مضيفًا أنّ "أي شيء من هذا القبيل يُبعدنا عن رؤية دولتين لشعبين، ويضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل".

واعتبر بن يشاي أنّ "التلميح الأمريكي واضح جدًا، كما أن الأوروبيين لا يتورعون عن إدانة "إسرائيل" بسبب قرارات "الكابينت" الأخيرة، لكن ما يجب أن يثير قلقنا على الفور هو الإدانة الأمريكية بسبب حقيقة أن بنيامين نتنياهو وحكومته يرفضون بالفعل الصفقة الأمريكية التي تم اقتراحها عليهم".

كما كتب بن يشاي عن التطوّرات على الساحة الإيرانية التي تثير قلق تل أبيب، جرّاء اقتراب طهران من مرحلة الحصول على المواد الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية، كما أنّ التحالف التكنولوجي العسكري بين إيران وروسيا صار أقوى وأكثر إحكامًا.