مقال رأي |
يكثر الأخذ والرَّد هذه الأيام حول لقاح كورونا، ليس فقط من ناحية فعاليته، بل أيضًا من ناحية الخطورة المحتملة على حياة من سيتلقاه. وأمام سيل الأسئلة العلمية وغير العلمية والشائعات والمعلومات غير الموثقة، نورد لكم هنا إجابات على 7 أسئلة أساسية يتم تداولها حول اللقاح وآلية تصنيعه وفعاليته واحتمالية خطورته على الحياة أو الصحة.
س: كيف ظهرت اللقاحات بسرعة؟
ج: من الطبيعي أن تظهر بسرعة، فصناعة أي لقاح تحتاج لموضوعين رئيسيين: الأول هو التسلسل الوراثي للفايروس، وهو ما نشره -مجانًا- معهد شانغهاي للصحة العامة منذ 10 يناير 2020، وصار متاحًا لجميع الباحثين عالميًا. والثاني هو العربة (السيارة) التي ستحمل الفايروس الضعيف أو أجزاء منه، وهو أيضًا كان حاضرًا في التطوير الدوائي منذ ما يزيد عن 15 عامًا من خلال تقنيات مختلفة كانت تعمل عليها BioNtech وجامعة أوكسفورد لتطوير لقاحات مضادة لفايروس (MERS) و(SARS).
التكنولوجيا كانت جاهزة للاستخدام، وتطويرها صار أسرع من عهد اللقاحات التي تم تطويرها في الستّينات
إذن، فالتكنولوجيا كانت جاهزة للاستخدام، وتطويرها صار أسرع من عهد اللقاحات التي تم تطويرها في الستّينات وحتى تسعينات القرن الماضي.
س: لقاحات (m-RNA) تغير من طبيعة المادة الوراثية للإنسان وهي تقنية غير مجربة و جديدة؟
ج: غير صحيح، طريقة التسليم عبر (m-RNA) موجودة منذ تسعينات القرن الماضي، وهي تجرب دوائيًا في مجال مكافحة السرطان منذ 2012. والأكيد أن (m-RNA) غير قادر على اختراق الجدار النووي داخل الخلايا البشرية، فهذه حقيقة بيولوجية معروفة.
س: هل حظيت اللقاحات بالدراسة الكافية؟ هل تم التلاعب بالدراسات؟
ج: اللقاحات الثلاثة المتصدرة لسباق الموافقات الأوروبية والأميركية تمت دراستها على أكثر من 100 ألف مريض حتى اللحظة، وهذا ما يفوق أي دراسات أجريت على لقاحات ماضية. سبب سرعة إنجاز هذه الدراسات السريرية أننا أصلًا في ذروة الوباء الذي ندرس لقاحاته، وبالتالي يتوفر عينة ضخمة من البشر لتتبع حدوث الإصابة من عدمه مع استخدام اللقاح.
لا يمكن التلاعب بالدراسات السريرية في مرحلتها الثالثة من قبل شركات الأدوية، لأن من يجري الدراسات هم علماء و أطباء مستقلون عن الشركة الصانعة
هيكليًا، لا يمكن التلاعب بالدراسات السريرية في مرحلتها الثالثة من قبل شركات الأدوية، لأن من يجري الدراسات هم علماء و أطباء مستقلون عن الشركة الصانعة، ويقدمون نتائج دراساتهم الخام الأساسية للهيئات التنظيمية قبل تسليمها لشركات الأدوية. وبذلك تبقى الشفافية مضمونة .
س: من لا يستطيع أخذ اللقاح في المرحلة الحالية؟
ج: هناك ثلاث فئات لا تستطيع أخذ اللقاح حاليًا، وهي التالية:
1. الأطفال: لقاح فايزر موافق عليه لمن هم فوق 16 عامًا، بينما موديرنا فوق 18 عامًا، ويتوقع أن يكون لقاح أسترازينيكا بذات الفئة العمرية.
2. لا ينصح أي شخص يعاني من التحسس تجاه أي دواء أو غذاء بأخذ اللقاح.
3. ينصح مرضى المناعة المثبطة أو المنخفضة باستخدام اللقاح بحذر. يشمل ذلك مرضى زراعة الأعضاء والذين يتلقون العلاج الكيماوي ومرضى الروماتيزم وغيرها. وقد نصح الدكتور أنثوني فاوتشي، مدير معهد الصحة الوطني والطبيب الأول في مكافحة كورونا بالولايات المتحدة، خلال مؤتمر الجمعية الأميركية لأمراض الدم بإعطاء هذه الشريحة من المرضى لقاح كوفيد 19 لفوائده الأساسية.
س: هل مُنحت الشركات المصنّعة للقاح غطاءً قانونيًا؟
ج: تلقت الشركات الصانعة (تحديدًا متصدرة السباق الثلاثة فايزر وموديرنا وأسترازينيكا) غطاء تشريعيًا للحماية القانونية المدنية والجنائية ضد أي دعاوى قضائية يرفعها مرضى متضررون بأعراض جانبية للقاحات .
الحماية تشمل أيضًا عاملي الرعاية الصحية الذين سيعطون اللقاح وأعضاء الهيئات الصحية التنظيمية التي وافقت عليه
في الولايات المتحدة أعاد في شهر شباط/فبراير الماضي وزير الصحة والسكان أليكس عازار تفعيل قانون (PREP Act) ويعني قانون الاستعداد العام والتحضير للطوارئ، وهو قانون مقر منذ 2005 ويوفر ضمن صلاحياته غطاءً قانونيًا للشركات الصانعة للقاح من مطالبات التعويض الناتجة عن أي أعراض جانبية كانت .
اقرأ/ي أيضًا: أوبئة غيرت وجه الحياة في فلسطين
وفي المملكة المتحدة وخلال شهر أيلول/سبتمبر عدّلت الحكومة البريطانية قوانين المسؤولية المدنية، ومنحت شركة فايزر حصانة كاملة، وشركة أسترازينيكا حصانة جزئية لقاء تعديلات في سعر اللقاح الذي ستدفعه المملكة المتحدة. وقد رفض بين أوزبورن، المدير التنفيذي لفايزر في المملكة المتحدة، التعليق أو توضيح سبب طلب فايزر للحصانة، ما زاد من الغموض.
ولم يتضح حتى الآن إذا كانت صفقات الدول الأوروبية الأخرى قد تضمنت ذات بند الحماية أم لا، علمًا أن الحماية تشمل أيضًا عاملي الرعاية الصحية الذين سيعطون اللقاح وأعضاء الهيئات الصحية التنظيمية التي وافقت عليه .
الدراسات السريرية للقاحات المختلفة عانت قصورًا في تنوع المشاركين عرقيًا و جغرافيًا و عمريًا
الدراسات السريرية للقاحات المختلفة عانت قصورًا في تنوع المشاركين عرقيًا وجغرافيًا وعمريًا، ما يحد من قدرتنا على التنبؤ بذات الفعالية والمأمونية التي شهدناها في الدراسات لدى الدول أو الأعراق أو الأعمار غير المشمولة .
اقرأ/ي أيضًا: تجاوزات لإجراءات الوقاية من كورونا في مستشفيات فلسطينية
كما أن فئات الحوامل والمرضع ومرضى المناعة وأمراض نزف الدم لم يتم تمثيلهم بمختلف الدراسات السريرية، بما يحد أيضًا من سهولة توصيتهم بأخذ اللقاح. ويبقى الأمر رهنًا بيد الطبيب المعالج وتقييمه لميزان المخاطر مقابل الفوائد.
س: هل اللقاح آمن على المدى الطويل؟
ج: تتوفر الآن فكرة واضحة عن سلامة اللقاحات على المدى القصير (بين شهر لثلاثة أشهر)، ولكن من الطبيعي أن لا تتوافر معلومات مؤكدة حول السلامة على المدى الطويل لأي دواء أو علاج حديث. إلا أن جميع الشركات الصانعة أطلقت دراسات مراحل ما بعد التسويق التي تتبع السلامة على المدى الطويل، وهو بالمناسبة أمرٌ متبعٌ مع جميع الأدوية الموافق عليها حديثًا.
من الطبيعي أن لا تتوافر معلومات مؤكدة حول السلامة على المدى الطويل لأي دواء أو علاج حديث
تخفف السلطات الصحية عادة من مخاطر هذه القضية بتضييق الفئات التي ستتلقى العلاج. كما سبق وذكرنا أنه لا تتوافر توجيهات واضحة لإعطاء اللقاح للحوامل والمرضعات ومرضى المناعة وأمراض الدم والتحسس المفرط، فيما لم تنل فئة الأطفال موافقة السلطات الصحية لتلقي اللقاح.
س: الكثير من الاطباء يتحدثون علنًا ضد تلقي اللقاح؟
ج: هذا أمرٌ طبيعيٌ. فالأطباء كغيرهم من أفراد المجتمع أصحاب وجهات نظر مختلفة ومدعمة برأي علمي وخبرة مهنية، ولكن من الثابت حتى الآن أن الغالبية الساحقة من الجمعيات الطبية والهيئات الصحية التي تمثل الاطباء والممارسين الصحيين على اختلافهم تشجع الأشخاص العاديين ممن لا يوجد مانع طبي لديهم على تلقي اللقاح.
في النهاية، يبقى أمر تلقي اللقاح من عدمه خيارًا شخصيًا حتى اللحظة ولا يقصد دفع القارئ نحو تلقيه، ولكن أيضًا يجدر بمن يختار عدم تلقي اللقاح بناء قراره على تقييم مدروس ليتناسب اللقاح مع حالته الصحية وفئته العمرية، وليس على معلومات مغلوطة أو نظريات مؤامرة مضخمة، فاللقاح بالتأكيد لن ينبت لحية للنساء ولن يجعل الرجال تماسيح!
المصادر:
American Society of Haematology Conference Dec 2020
Specialist Pharmacy Service , NHS , Dec 2020
اقرأ/ي أيضًا:
منظمة طبية إسرائيلية تُحذر حكومتها من نقل اللقاح الروسي للفلسطينيين