12-مايو-2019

أماني زوربا

ما إن تنتهي أماني زوربا، الأم لسبعة أطفال، من أعمالها المنزليّة، حتى تصعد إلى سطح بيتها في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وهُناك تراها بين آلات النجارة وقطع الأخشاب. 

  أمّ لسبعة أبناء، ثلاثة منهم يحتاجون عناية خاصّة، بدأت مشروعها بإنتاج مصنوعات خشبية، فوق سطح منزلها بنابلس  

تقول أماني إن ثلاثة من أبنائها يحتاجون عناية خاصّة، وهو الأمر الذي حال دون إكمالها تعليمها، فتفرّغت للعناية بهم، وبدأت منذ عامين ممارسة العمل في النجارة وصناعة التحف الخشبية بأدوات بسيطة وبدعم ومساعدة زوجها علاء الدين زوربا. 

على سطح منزلهما، أنشأ الزوجان ورشة متواضعة تحتوي على أدوات النجارة الأساسيّة، تصنع فيها أماني تحفًا خشبية متنوعة، أبرزها سيارات الانتيك، تسوّقها عبر صفحتها في فيسبوك أنشأتها لهذه الغاية.

اقرأ/ي أيضًا: لنقل لهنَّ مرحبًا أو شكرًا 

في العام الماضي، خضعت أماني لتدريبات عمليّة في مجال عملها، بعد أن تقدّمت إلى جانب ثلاثين من الأمهات، للحصول على تمويل لمشاريع خاصّة لأمهات ذوي الاعاقة من جمعية ايطالية بهدف دعم المعاقين ذهنيًا. 

تروي أم الأطفال السبعة لـ "الترا فلسطين" أنه وفي فترة التدريب ضمن المشروع، كانت ابنتها سندس ترقد في وحدة العناية المكثفة، وأرادت أماني الانسحاب من التدريبات للاعتناء بابنتها، لكنّ القائمين عليه أصرّوا عليها أن  تواصل طريقها والاعتناء بابنتها في آن واحد، فكانت أماني تزور ابنتها صباحًا ومن ثم تتوجه للتدريب.

تزامن انتهاء التدريب مع خروج سندس من المستشفى، وكانت سعيدة بأن والدتها تخطو خطوتها الأولى في مشوارها الطويل الألف ميل، وبعد نحو شهرين، وقع الاختيار على أماني وثماني أمهات لإنشاء مشروعاتهن الخاصّة، فكانت فرحة لم تعش سندس لتراها، إذ توفيت بعدها بشهرين.

مع بداية مشروعها الجديد، اشترت أماني أدوات نجارة جديدة، أتاحت لها صناعة التحف الخشبية بدقة واحتراف أعلى، وكانت تصنع سيارات الانتيك، والميداليات الخشبية، وما يطلبة المشتري، فصنعت خارطة فلسطين من الخشب، وحامل للقرآن الكريم، وسفينة.

تقول أماني: "النجارة مهنة صعبة، وتحتاج للدعم والمساعدة، والأدوات تعتبر خطيرة، لكن وجدت أن النجارة أسهل عليّ من افتتاح مشروع إعداد وجبات طعام وحلويات، إذ أن المطبخ يحتاج لوقت طويل وأيدي، أما النجارة فأتفرغ لها في وقت الفراغ، وبعد أن يعود زوجي من عمله، نصعد سويًا ونعمل حتى ساعات الليل".

   تعمل وزوجها سويًا في ورشتهما على سطح المنزل، بعد أن يعود من عمله نهارًا   

وتضيف أن لكل منهما دوره في صناعة الخشب، فزوجها يتولى مهمة القصّ، إذ أن القطع المقصوصة يجب أن تكون قياساتها مطابقة لبعضها، وتبدأ هي التصميم والتركيب بتوجيهاته. ويتراوح سعر سيارات الانتيك التي تصنّعها ما بين 100-300 شيكل حسب حجم السيارة.

أما أنواع الخشب المستخدمة فهي: خشب الزيتون، اللوز، الزان، البلوط، الجوز، وكل نوع يدخل في صناعة تحف معينة، فخشب الجوز مثلًا تُصنع منه اللوحات الخشبية للمكاتب، أمّا أغلى أنواع الخشب فهما الزيتون والجوز.

اقرأ/ي أيضًا: صور | شوقية.. مرأة في وجه الاحتلال

شاركت أماني في أربعة معارض في مدينة نابلس، وتعتبر أنّ المعارض تتيح لها تعريف الناس بها وبمكانها ومنتجاتها دون بيعها، فأغلب زبائنها من مدينة نابلس، وتقول إن الانترنت وسيلتها لبيع منتجاتها.

كانت أول سيارة صنعتها أماني هي تلك التي أهدتها لشقيقتها في الولايات المتحدة الأمريكية، ما أثار إعجاب زائريها الذين طالبوها بشراء مثيلتها عند زيارتها لنابلس، كما أن زبائن أماني كان لهم دور في تسويق منتجاتها للأخرين.

وعرضت أماني بضع تحف خشبية من سيارات الانتيك في محل للأثاث وتم بيعها، وتسعى لتسويق منتجاتها خارج نطاق نابلس، إذ تواصلت مؤخرًا مع محال في بيت لحم. وتخطط مستقبًلا لافتتاح متجر لها، تعرض فيه كل ما تنتجه للبيع، ولكن في البداية تسعى لتعريف الناس أكثر بها وبمنتجاتها.

وفي رسالة وجهتها أماني عبر "الترا فلسطين" لأمهات ذوي الإعاقة تحديدًا، وللنساء عامة أن "لا يستسلمن، ويطالبن بحقوق أبنائهن"، ومن لديها القدرة للعمل في أي مهنة، أن تمارسها بلا تردد، مشيرةً إلى أنها استطاعت فتح مشروع خاصّ يؤمن لها ولعائلتها دخلًا ماديًا. 


اقرأ/ي أيضًا:

زليخة الخليل التي سجنت نفسها!

سيدات الأسواق الشعبية في غزة.. أيقونات تجارية وتاريخية

فتاة من المخيم: "الكليشيه" و"الكليشيه" المُضاد