10-أبريل-2024
كعك العيد في غزة

برغم مرور نصف عام من الحرب على قطاع غزة، وما حملته في طياتها من عذابات وآلام لا متناهية، حيث سُجلت أرقام مفزعة للضحايا وخسائر كارثية طالت البشر والشجر والحجر، بالإضافة لأعباء اقتصادية واجتماعية وصحية أنهكت كاهل المواطن الفلسطيني في غزة، إلا أنه يظل صامدًا كطائر العنقاء ينهض من الرماد.

تقول "أم المجد"، إن صناعة الكعك لا تعني أنها ليست حزينة على بعض أفراد عائلتها الذين ما زالوا متواجدين في مدينة جباليا، تحت القصف والتجويع، أو على ما آل إليه حالها من فقر وعوز وضيق في المعيشة

شعر المواطنون في قطاع غزة بالتخوف بعض الشيء من قدوم شهر رمضان المبارك عليهم بالتزامن مع ما يعيشونه من تشرد، حيث يعيش معظم السكان في خيام ومراكز إيواء بعد أن دمر الاحتلال الإسرائيلي منازلهم وأجبرهم على النزوح من شمال القطاع إلى جنوبه، في أوضاع غير إنسانية وشح في المواد الغذائية وصل حد المجاعة.

لكن، سرعان ما انقضى الشهر الفضيل، ووجد المواطنون أنفسهم أمام عيد الفطر السعيد، الذي لن يحمل من السعادة شيئًا لغزة هذا العام، فقد جاء لينكأ جراح آلاف الأمهات المكلومات اللواتي يتلوعن على فقدان فلذات أكبادهن، وآلاف الأطفال الأيتام، بالإضافة لدموع المصابين والمفقودين والمعتقلين والمبتورين... وغيرهم الكثير.

رغم ذلك كانت هناك من قررت أن تُدخل فرحة ولو "منقوصة" لقلب أطفالها الصغار، وتنشر رائحة الكعك المميزة في زوايا الخيمة، لتعلن قدوم العيد، إذ تقول حفيدتها "غصب عن الاحتلال الاسرائيلي بدنا نعمل كعك، وبدي ألبس جديد، وبدي أحتفل في العيد".

تجلس السيدة "أم المجد" النازحة من مدينة جباليا شمالي قطاع غزة إلى خيمة داخل مدرسة في دير البلح، وسط بناتها وحفيداتها، لتصنع الكعك بهمة ونشاط، وتنشر رائحته المحببة في أرجاء الخيمة، علها تنجح في إدخال بعض البهجة وملامح العيد في قلب أسرتها.

كعك العيد في غزة

وتوضح أن أكثر ما شجعها على إعداد الكعك لأبنائها، هي حالة الكآبة التي أصابتهم مع اقتراب عيد الفطر، ودخولهم في دوامة من المقارنة بين استعدادهم للعيد فيما مضى، وكيف كانت تقوم بكسوتهم بملابس جديدة تليق بالمناسبة المباركة، ويساعدونها في تنظيف المنزل وإعداد الكعك والحلويات للعيد، وكيف أصبحت حياتهم صعبة داخل الخيام، فقررت أن تصنع "ولو جزءًا بسيط من مراسم استقبال العيد".

وتقول "أم المجد"، إن صناعة الكعك لا تعني أنها ليست حزينة على بعض أفراد عائلتها الذين ما زالوا متواجدين في مدينة جباليا، تحت القصف والتجويع، أو على ما آل إليه حالها من فقر وعوز وضيق في المعيشة بعدما كانت تعيش في بيت جميل ورفاهيه شمالي القطاع، ولكن عليها أن "تتماسك من أجل أسرتها".

كعك العيد

وتشير "أم المجد" أنها عملت لعدة أيام في مشروع إعداد كعك لمؤسسات مقابل عائد مادي، وأنها استخدمت تلك الأموال التي تحصلت عليها في شراء المواد الخام الخاصة بصناعة حلوى العيد، وذلك لإدخال الفرحة لأبنائها.

أفادت "أم المجد" أيضًا بانخفاض أسعار المواد الغذائية في الأسواق، وهذا ما شجعها هي وغيرها من النساء في مركز النزوح على إعداد الكعك

وأفادت أيضًا بانخفاض أسعار المواد الغذائية في الأسواق، وهذا ما شجعها هي وغيرها من النساء في مركز النزوح على إعداد الكعك، حيث استخدمت التمر الذي حصلت عليه من الطرود الغذائية التي توزع على النازحين، وأضافت إليه بعض العجوة التي أصبح سعر العبوة منها 12 شيكل فقط، بينما توفر "السميد" الخاص بالمعمول وأصبح يباع الكغم منه بـ 9 شواكل بعدما كان مفقودًا وإن وجد يباع بـ 32 شيكل، وانخفض سعر كيلو السكر من 70 شيكل إلى 9 شواكل فقط، وأصبحت تباع عبوة السمنة بـ 15 شيكل بعدما كانت بـ 45 شيكل.

وفي نهاية هذا اليوم المتعب، لم يكن لـ "أم المجد" سوى أمنية واحدة، وهي انتهاء الحرب على قطاع غزة، والعودة لمنزلها "المدمر" في شمالي القطاع.