14-مارس-2020

"المدرسة كلها بتهز، ونشعر أنها ستقع علينا" يقول الطالب مجدي محمد، واصفًا ما يحدث في مدرسة بزاريا الثانوية نتيجة انفجاراتٍ تُنَفَّذ لتفتيت الصخور في كسارات الحجارة التي تبعد حوالي 500 متر عنها، وقد سبّبت تشققات في جدران المدرسة وأرضيتها.

تصدعات في منازل ومدرسة بزاريا بسبب تفجيرات في كسارات الحجارة القريبة من القرية

هذه التصدعات أصبحت مؤخرًا مشكلة عامة في قرية بزاريا إلى الشمال الغربي من محافظة نابلس، إذ طالت التصدعات منازل كثيرة في القرية أيضًا.

تصدعات في أرضية مدرسة بزاريا
تشقق في جدار مدرسة بزاريا

محمد نصر، أحد أصحاب المنازل المتضررة بسبب الأعمال الجارية في الكسارات، يصف ما يحدث بأنه "شغل إرهاب يؤدي إلى اهتزاز مش طبيعي كأن صاروخًا أصاب البيت، وهذا يُسبب خوفًا كبيرًا لدى الأطفال".

تشقق في جدار مدرسة بزاريا

وأضاف، "أنا تحملت 17 سنة حياة في بيت مُستَأجر، وفي النهاية بنيت دار متت وأنا أبني فيها، بالآخر بسبب جماعتنا البيت سوف يتعرض للهدم"، مؤكدًا أنه خلال بناء البيت وضع حديدًا بكميات كبيرة تزيد عن المستخدمة في بناء المدارس والجوامع، ورغم ذلك فإن التصدعات طالت البيت بالكامل.

يزيد أهل بزاريا من الحديد في منازلهم لتقاوم التفجيرات في الكسارات لكن دون فائدة

ماهر حسين، يسكن على بعد 150 مترًا من الكسارات، وبسبب الأضرار التي تعرض لها بيته توجه إلى بلدية بزاريا ومحافظة نابلس، ومحافظة طولكرم، وتم إبلاغه باتخاذ قرار بوقف التفجيرات، لكنه أكد أن التفجيرات هذه مستمرة، وهي تتم بحضور شرطة الاحتلال التي تتجول في المنطقة وتطلب من سكانها مغادرة بيوتهم قبل التفجيرات، بحجة حمايتهم من أي أضرار قد تحصل.

كسارة بالقرب من بزاريا

يُبين الناشط الحقوقي في مجال البيئة تيسير سفاريني، أن الكسارات تُفجر أطنانًا من الديناميت مستعينة بشركة إسرائيلية، دون أن تراعي أي شروط بيئية، مطالبًا بفتح تحقيق في هذا الملف والتراخيص الممنوحة لهم، بما يضمن عدم ضياع الحقوق.

وأشار إلى أن بلدة بزاريا تتبع لمحافظة نابلس، بينما الكسارات تتبع لمحافظة طولكرم.

وأضاف سفاريني، أن التفجيرات في الكسارات أسفرت عن تضرر مدرسة بزاريا ومنازل فيها، وقد طال الضرر آبار مياه، كما أثر على مربي المواشي الذين يعانون من نقص في المياه وصعوبة في تخزينها، هذا عدا عن الأضرار النفسية والخوف الشديد بين سكان المنازل المجاورة، خاصة النساء والأطفال.

تشقق في جدار أحد منازل بزاريا

هذه الكسارات ألحقت الضرر بأراضي بزاريا وحتى زيتونها منذ 20 سنة، وفق ما أفادنا به نائب رئيس بلدية بزاريا جهاد رزق، موضحًا أن السنتين الأخيرتين شهدتا تطوّر آثار التفجيرات لتُسبب تصدعات في المدرسة والبيوت الموجودة في الحي القريب من الكسارة.

وأكد رزق، أن التفجيرات في الكسارات تجري بحماية شرطة الاحتلال، ورغم أن هذه الكسارات لم تكن تأخذ أي احتياطات لمنع الغبار الذي لوَّث المنطقة، ولم تُحِط منطقتها بسياج يحددها، إلا أن بلدية بزاريا لم تقم بأي إجراءات حيال ذلك لـ20 سنة، بل حاولت كثيرًا منع المظاهرات من أهل البلدة ضد الكسارات.

شركة إسرائيلية تشارك في التفجيرات في كسارات بزاريا بحماية شرطة الاحتلال

يصف المهندس جمال فواز تفجيرات الكسارات، "علميًا"، بأنها "زلازل صغيرة جعلت البيوت غير آمنة، كونها غير مهيأة للزلازل من ناحية أعمدة البناء والحديد المستخدم"، مشيرًا إلى أن مواصفات الأبنية المضادة لمثل هذه التفجيرات فوق طاقة العائلات الفلسطينية التي تشقى من أجل بناء بيوت عادية.

وكان مركز علوم الأرض والزلازل التابع لجامعة النجاح الوطنية قد أجرى فحصًا علميًا للآثار الناتجة عن الانفجارات التي تنفذها هذه الكسارات، وذلك بطلبٍ من محافظة نابلس.

وبيّن مدير المركز جلال الدبيك، أن المركز فحص التربة وسرعة جزيئات التربة قرب قواعد البيوت الأقرب للكسارات، ثم قام بتحليل علمي وقياس لسرعة جزيئات التربة مع سرعة الاهتزاز والانفجار، "ووجدنا أن سرعة حركة جزيئات التربة أقل بكثير من الرقم الذي يشكل خطرًا على المباني، وكان هذا الفحص في شهر تموز/يوليو 2018" كما قال.

مركز علوم الأرض: فحوصاتنا أظهرت أن لا مخالفات في تفجيرات كسارات بزاريا

وأعاد المركز هذا الفحص مرة أخرى في عام 2019، وعلى إثره عقدت وزارة الاقتصاد اجتماعًا مع محافظتي نابلس وطولكرم، وجامعة النجاح الوطنية.

محافظة نابلس رفضت التعقيب على هذا الموضوع، وطلبت منا الرجوع إلى محافظة طولكرم التي تقع الكسارات ضمن مناطق سلطتها، والأخيرة أعلمتنا، على لسان مسؤول ملف الخدمات الإنسانية مجدي أبو ليمون، أنها طلبت من الكسارات وقف التفجيرات لحين تصويب أوضاعها من ناحية كمية المتفجرات وحفر التفجير، مؤكدًا أن هذه الكسارات حاصلة على ترخيص من وزارة الاقتصاد الوطني.

وطلبت منا محافظة طولكرم الرجوع إلى وزارة الاقتصاد الوطني من أجل الحصول على القرار النهائي بهذا الخصوص، وعندما تحدثنا مع مدير عام الوزارة في طولكرم كمال غانم، أكد لنا أن هذه الكسارات مرخصةٌ من الوزارة وكافة جهات الاختصاص منذ أكثر من 25 سنة مع قدوم السلطة.

وزارة الاقتصاد: كسارات بزاريا مرخصة منذ 25 سنة، وهي مدرجة ضمن الاتفاقيات مع الاحتلال

وأشار غانم إلى أن الوزارة أوقفت التفجيرات منذ ثلاثة شهور وراسلت أصحاب الاختصاص لإجراء كافة الفحوصات الزراعية وفي التربة والأبنية، موضحًا أن النتائج كانت إيجابية، وبناءً على ذلك استأنفت الكسارات عملها بما فيها التفجيرات.

وأضاف، "سنُتابع كل كسارة على حدة من أجل توفير كافة الإجراءات التشغيلية، وإن كانت هناك كميات فسيتم توزيعها على فترات متفاوتة".

يُعلق مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس على ما يجري بالقول إن "من يحكم هو رأس المال"، مؤكدًا أن "من غير المقبول وطنيًا أن تقوم بالتفجيرات هي شركات إسرائيلية بحماية جيش الاحتلال". بينما قال غانم، إن هذه التفجيرات تندرج ضمن اتفاقيات الموقعة بين السلطة والاحتلال، مبينًا أن "الارتباط المدني" يُبلغ بوجود تفجيرات، والوزارة "تتابع إجراءات الكسارات أثناء التفجير" كما قال.


اقرأ/ي أيضًا: 

بردلة.. الموت عطشًا

عرّابة بلا ألغام