24-مارس-2018

مجاهدون في موقع معركة شعفاط

أصدر ديفيد شلتائيل، القائد العام لقوات "الهاغاناه" في القدس، أوامره إلى كتيبة "موريا" التابعة لـ"لواء عتصيوني"، بإرسال رتل عسكري محمل بالإمدادات إلى مستوطنتي "النبي يعقوب" و"عطروت" شمالي القدس. كان ذلك بتاريخ 24 آذار/مارس من عام 1948، وهو التاريخ الذي تحوّل بنيران المجاهدين الفلسطينيين إلى صفحة سوداء في وثائق الصهيونية عن منظمة "الهاغاناه" التي يفاخرون بها كثيرًا.

توجه الرتل إلى المستوطنتين؛ مكونًا من شاحنة مصفحة وناقلة جند مصفحة، يرافقها 25 مقاتلاً. انطلق في تمام الساعة 12:00 ظهرًا من جبل المشارف الذي يقع  شمال شرق القدس، عند مدخل قرية شعفاط قرب الكيلو الخامس من شمال المدينة المقدسة، حيث كان المجاهدون قد أعدوا كمينًا محكمًا.

وقعت معركة شعفاط بتاريخ 24 آذار، عندما نصب المجاهدون كمينًا محكمًا لرتل عسكري تابع لمنظمة "الهاغاناه" الصهيونية

صعدت ناقلة الجند فوق لغم أرضي، انفجر بها وأدى لعطبها. فتح المجاهدون نيران بنادقهم، ما أدى لمصرع قائد المدرعة كرمي ايزنبرغ، فيما رد الصهانية بإطلاق النار من النوافذ، وفقًا لتقارير "الهاغاناه" عن المعركة.

مجاهدون خلال الكمين استعدادًا للهجوم

حاولت الشاحنة المصفحة تجاوز المدرعة المعطوبة، لكن المجاهدين عاجلوها بوابل من الرصاص، وقذفوها بقنابل "المولوتوف"، ما أدى لاشتعالها بشكل جزئي. كان الجنود في ناقلة الجند المحاصرة يراقبون ما يحدث، ويشاهدون كيف يتساقط رفاقهم قتلى أثناء محاولتهم فتح أبواب الشاحنة من أجل الفرار.

اقرأ/ي أيضًا: في واد عقربا.. الثورة تصطاد كبار جيش الاحتلال

كان بين قتلى الشاحنة، الإرهابي أبراهام غولدبرغر، وهذا يعرفه المجاهدون جيدًا، لدوره في الاشتباكات التي دارت بين الطرفين إبان ثورة عام 1936. لقي أبراهام حتفه بعد أن التهمته النيران داخل الشاحنة التي عجز عن مغادرتها.

أطبق المجاهدون على ناقلة الجند "المدرعة" ومن فيها، حاول أحد الصهاينة إلقاء قنبلة يدوية لكنها انفجرت بيده فقطتها، فيما تقدم مجاهد خلال الاشتباك المسلح نحو المدرعة، حاملاً لغمًا أرضيًا يريد زراعته أسفل منها، لكن الصهاينة قذفوه بنقبلة يدوية أصابته بجروح حالت دون إنجاز مهمته، وفق المصادر الصهيونية.

في الساعة 12:45، وصلت أنباء حول الكمين إلى "شلتائيل"، فأصدر أمرًا بقصف شعفاظ من جبل المشارف بقذائف الهاون من طراز 3 إنش، ولم تجرؤ "الهاغاناه" على إرسال المدد إلى الرتل العسكري المحاصر، بعد تدفق المجاهدين من القرى المجاورة لمآزرة القوة التي تضرب الحصار على الصهاينة، ما أدى لمصرع 14 مقاتلاً في "الهاغاناه"، وإصابة 11 آخرين.

تعترف وثائق الصهيونية بأن معركة شعفاط أسفرت عن مصرع 14 مقاتلاً، وإصابة 11 آخرين.

المؤرخ الفلسطيني عارف العارف، عرض في كتابه "النكبة"، أسماء قادة المجاهدين الذين شاركوا في المعركة، وهم الشيخ عبد الفتاح المزرعاوي من المزرعة الشرقية، ومحمد عبد الله الأسمر من ترمسعيا، وسليم حسين محمد عوض من شعفاط. كان القادة الثلاثة من قيادات الثورة بين عامي 1936 – 1939.

200 مجاهد من 5 قرى شاركوا في معركة شعفاط - صورة من الموقع

ووفقًا لكتاب "النكبة"، فإن المجاهدين المشاركين في المعركة أتوا من قرى حزما، وعناتا، والمزرعة الشرقية، ومزارع النوباني، وترمسعيا، وبلغ عددهم حوالي 200 مجاهد، وقد أُصيب منهم مجاهدان فقط.

انتهت معركة شعفاط دون ضحايا بين المجاهدين - صورة من الموقع

وتلتقي الرواية التي قدمها العارف مع المصادر الصهيونية، بأن المعركة تصادفت مع مرور الجنرال ماكميلان، قائد القوات البريطانية في فلسطين، والفريق غلوب باشا، رئيس أركان حرب الجيش الأردني، ومساعده العقيد أحمد صدقي الجندي، حيث كانوا يقومون بجولة تفتيشية لبعض وحدات الجيش الأردني المرابطة في فلسطين، لحراسة بعض قواعد الجيش البريطاني ومراكز مواصلاته.

يشير العارف إلى أن ماكميلان طلب من المجاهدين وقف إطلاق النار. امتنع المجاهدون عن قتل الصهاينة الأسرى والجرحى، وقد نُقل هؤلاء بإحدى سيارات الجيش الأردني إلى مدينة القدس، فيما غنم المجاهدون السلاح والذخائر.

قوات بريطانية في موقع معركة شعفاط بعد انتهائها

اقرأ/ي أيضًا:

عملية بيت ليد.. الأقسى في تاريخ جيش إسرائيل

معركة القعدة: أبناء النكبة يقولون كلمتهم

معركة الدريجات: قاتلوا حتى نفدت ذخيرتهم