07-أبريل-2024
وليد دقة

وليد دقة

الترا فلسطين | فريق التحرير

أعلنت هيئة شؤون الأسرى، مساء الأحد، استشهاد الأسير وليد دقة في مستشفى أساف هروفيه، بعد صراع مع مرض السرطان، تخلله إهمال طبي إسرائيلي ورفض الإفراج عنه.

ونظمت عائلة الأسير وليد دقة حملة إعلامية وقانونية لمحاولة إطلاق سراح وليد دقة قبيل موعد انتهاء محكوميته، بالنظر إلى حالته الصحية، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت الطلبات المقدمة لها، وظلت حالته الصحية تتدهور حتى استشهاده.

من هو وليد دقة؟

وليد دقة، ابن بلدة باقة الغربية داخل الخط الأخضر، ولد عام 1962، وهو من عائلة مكونة من ثلاث شقيقات و6 أشقاء.

وليد دقة، ابن بلدة باقة الغربية داخل الخط الأخضر، ولد عام 1962، وتعرض للاعتقال عام 1986، بعد أسر الجندي موشي تمام عام 1984 وقتله

تعرض وليد دقة للاعتقال عام 1986، بعد أسر الجندي موشي تمام عام 1984 وقتله، برفقة إبراهيم ورشدي أبو مخ، وإبراهيم بيادسة، وهي العملية التي شكّلت طعنة في قلب التقديرات الإسرائيلية حول السيطرة التامة على الفلسطينيين داخل الخط الخضر الأخضر.

طوال سنوات اعتقاله، رفضت سلطات الاحتلال أي إفراج عن الأسير وليد دقة، حتى ضمن صفقة وفاء الأحرار عام 2011، وكذلك في التفاهمات مع السلطة الفلسطينية التي نصت على الإفراج عن الأسرى المعتقلين قبل اتفاق أوسلو.

حكم على وليد دقة بالسجن المؤبد، ومدد الاحتلال اعتقاله سنتين إضافيتين بعد قضية إدخال هواتف إلى الأسرى في عام 2016، التي سجن على إثرها النائب من حزب التجمع باسل غطاس.

وخلال اعتقاله، تزوج وليد دقة بالصحافية سناء سلامة، عام 1999، بعد أن زارته داخل السجن لتكتب عن معاناة الأسرى الفلسطينيين. وقد شكّل زفافهما سابقة في تاريخ الحركة الأسيرة، إذ أجبر الأسرى سلطات الاحتلال على السماح لهما بالتقاط صور وفيديو خلال الزفاف، ومشاركة 9 أسرى في الحفل، وتشغيل موسيقى كأي حفل زفاف آخر.

وليد دقة وسناء سلامة

وأنجبت سناء سلامة في عام 2020 طفلتها من وليد دقة ميلاد، بعد أن نجح وليد دقة قبل أشهر بتهريب نطفة من داخل السجن. حينها، قالت سناء سلامة: "اليوم حطّمت ميلاد جدران السجن وحرّرت والدها من قيده مبشّرة بميلاد الحرية، ميلاد التحدي، اليوم جاءت ميلاد إلى الدنيا في مدينة البشارة - الناصرة لتكون ميلادًا للبشارة، حاملة نور المحبة والسلام".

ميلاد وليد دقة
ميلاد، ابنة الشهيد وليد دقة

وفي شهر كانون أول/ديسمبر 2022، تم تشخيص الأسير وليد دقة بنوع نادر من السرطان يصيب النخاع، بعد سنوات من معاناته لسنوات من مشاكل في الدم، دون أن يتم تشخيصها كمرض سرطان، ومماطلة إدارة سجون الاحتلال في إجراء الفحوصات الطبية اللازمة.

تدهورت صحة وليد دقة نتيجة امتناع الاحتلال عن تقديم العلاج اللازم لمرضه، ثم إصابته بالتهاب حاد وتلوث في الرئة، ما استدعى إخضاعه لعملية جراحية في الرئتين خلال شهر نيسان/ابريل 2023، تم خلالها استئصال جزء من رئته اليمنى، وأدخل على أثر ذلك إلى العناية المكثفة.

وفي شهر أيار/مايو 2023، رفضت لجنة الإفراجات المبكرة الإسرائيلية النظر في طلب بالإفراج عن الأسير وليد دقة، وأحالت الأمر إلى لجنة الإفراجات الخاصة المسؤولة عن الأسرى المحكومين بالحبس المؤبد، وهو القرار الذي اعتبرته عائلة وليد دقة تصريحًا بإعدامه.

وتزامن رفض الإفراج عن وليد دقة مع تحريض إسرائيلي ضده، كان منه تنظيم مستوطنين وقفات ضد الإفراج عنها تخللها هتافات "الموت لوليد دقة". بينما تمنى عضو الكنيست ألموغ كوهين عن حزب القوة اليهودية انتشار السرطان في جسد الأسير وليد دقة.

ارتبط اسم وليد دقة بمسرحية "الزمن المتوازي"، التي تستند إلى نصّ كتبه عن تجربته في الأسر، وقد تم تمثيلها على مسرح الميدان في حيفا.

يقول وليد دقة في إحدى رسائله من داخل السجن: "إن مسيرة النضال هي ذاتها مسيرة المعرفة، فهي مسيرة باردة يعتريها الشعور بالوحدة والخوف من المجهول. في حالة السجن كما في حالة الحصار، قمة النضال هو أن تبقى قادرًا على السؤال، وأن تكون مستعدًا حتى للنوم في فراش أسرك".

وليد دقة: إن مسيرة النضال هي ذاتها مسيرة المعرفة، فهي مسيرة باردة يعتريها الشعور بالوحدة والخوف من المجهول. في حالة السجن كما في حالة الحصار، قمة النضال هو أن تبقى قادرًا على السؤال

وبعث وليد دقة رسالة من سجن جلبوع، في أواخر شهر تموز/يوليو 2009، وصف فيها أساليب التعذيب والقمع في سجون الاحتلال مؤكدًا أنها لا تُشبه القمع في أي سجن في العالم. يقول:

لا يشبه القمع والتعذيب في السجون الإسرائيلية حالات القمع والتعذيب التي تصفها أدبيات السجون في العالم. ليس هناك حرمان فعلي من الطعام أو الدواء، ولن تجدوا من هم محرومون من الشمس ومدفونون تحت الأرض. لا يكبل الأسرى كما في الروايات بسلاسل مشدودة لكتل حديدية طوال النهار. فلم يعد الجسد الأسير في عصر ما بعد الحداثة هو المستهدف مباشرة، وإنما المستهدف هو الروح والعقل.

لا نواجه هنا ما واجهه ووصفه فوتشيك في ظلّ الفاشية في كتابه "تحت أعواد المشانق"، وليس الحديث هنا عن ما يشبه سجن "طوزمارت" في رواية "تلك العتمة الباهرة" للطاهر بن جلون. ولن تجدوا وصفًا يشبه ما وصفته مليكة أفقير للسجون المغربية.

نحن هنا لا في سجن "أبو زعبل" ولا حتى "أبو غريب" أو "غوانتنامو" من حيث شروط الحياة. ففي كل هذه السجون تعرف معذِّبك وشكل التعذيب وأدواته المستخدمة. وأنت تملك يقينًا على شكل تعذيب حسّي مباشر. لكنّك في السجون الإسرائيلية تواجه تعذيبًا أشد وطأة بـ "حضاريته" يحوّل حواسك وعقلك لأدوات تعذيب يومي. فيأتيك هادئًا متسللًا لا يستخدم في الغالب هراوة ولا يقيم ضجّة. إنه يعيش معك رفيق الزنزانة والزمن والباحة الشمسية والوفرة المادية النسبية.