17-يونيو-2017

يتحسس مزارعون يعملون منذ سنواتٍ في زراعة البطيخ جيوبهم، واضعين أيديهم على قلوبهم، مع دخول موسم البطيخ حاملاً مؤشراتٍ غير إيجابية، إذ وجدوا أنفسهم يخسرون أمام البطيخ المنافس القادم من السوق الإسرائيلي، والسوق المصري أيضًا، خاصة أن هذا الأخير يعد وافدًا جديدًا لم يكن متوفرًا في الأسواق لسنواتٍ مضت.

ودخل البطيخ المصري الأراضي المحتلة، كثمرة لتنسيق آخذ في التطور خلال السنوات الأخيرة بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطات المصرية، بدت ملامحه واضحة في الجانبين العسكري والاقتصادي، وفقًا لما أفادت به جهات إسرائيلية.

المزارع عماد صالح من برقين، يقول إن منتجه بات مهددًا بعد أن كان يبيع كيلو البطيخ للتجار بـ10 شواكل، فيما تراجعت قيمته السوقية الآن إلى شيكلين فقط، نتيجة انفتاح السوق الفلسطيني على المنتج الإسرائيلي والمصري معًا.

بطيخ إسرائيلي يُسقى من مياه تنقية الصرف الصحي يغزو الأسواق الفلسطينية مكبدًا المزارعين الفلسطينيين خسائر فادحة

في أرضه الممتدة لمساحة 50 دونمًا في سهول مرج ابن عامر في جنين، والمزروعة على مد النظر بالطبيخ، يعدُّ المزارع صالح الصناديق بإحدى يديه، ويحاول الاتصال بيده الأخرى بتاجر يقبل شراء منتجاته بسعر أعلى مما فرضه عليه السوق المليء بالبطيخ الإسرائيلي الرخيص. يقول: "منذ بداية الموسم فوجئنا بالمنتج الإسرائيلي يغزو السوق بإغراءات كبيرة للمستهلك، فالبطيخ الإسرائيلي هو الأرخص ثمنًا بسبب التطور الإنتاجي الذي يُقلل تكاليف الإنتاج".

[[{"fid":"62711","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":333,"width":444,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

اقرأ/ي أيضًا: السلطة الفلسطينية فشلت حتى في زراعة البطيخ

ويبين صالح لـ"ألترا فلسطين"، أن البطيخ الإسرائيلي ينضج بشكل مبكر مقارنة مع المنتج المحلي، بسبب زراعته في مناطق ذات حرارة عالية، "بالتالي يفضل التاجر المحلي التعامل مع المزارع الإسرائيلي بدلاً من المزارع المحلي لزيادة مكاسبه".

وتشير تقديراتٌ إلى أن ما ينتجه سوق الضفة الغربية من البطيخ، شاملاً لطوباس وأريحا والأغوار وجنين، لا يسد إلا 5% من حاجة السوق في الضفة.

وفي جنين تحديدًا، لم تعد التربة ملائمة لزراعة البطيخ كالسابق، بسبب وجود فطريات تفتك بالشتلة، وتقلل من نموها، ما يكلّف المزارعين مبالغ أكبر للزراعة، وفقًا لما أفادنا به مزارعون ومصادر في وزارة الزراعة.

على الرغم من ذلك، فإن البطيخ المحلي أعلى جودةً من الإسرائيلي. يقول صالح: "ما يصلنا من بطيخ إسرائيلي لا يصنف بذات الجودة أ، بل يقال له "برارة" المزارع، وهذه نسبة التلوث فيها أكتر من 50%، لأنها تُسقى من مياه تنقية للصرف الصحي، ولا يستهلكونه قطعًا في الداخل المحتل، علما أن البطيخ المحلي بناءً على فحص أجريناه للبطيخ في إسرائيل، لا تتعدى نسبه التلوث فيه 2% لأنه يسقى من الآبار النقية".

[[{"fid":"62716","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":333,"width":441,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

وأصدرت وزارة الزراعة قرارًا يقضي بحظر استيراد البطيخ من المستوطنات، "للمساهمة في نهضة السوق المحلي"، لكن المزارع صالح يؤكد أن هذا القرار غير كافٍ كونه لا يشمل البطيخ المنتج في الأراضي المحتلة عام 48.

[[{"fid":"62731","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"5":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":444,"width":333,"class":"media-element file-default","data-delta":"5"}}]]

منذ توقيع اتفاقية باريس الاقتصادية، تقلّصت زراعة البطيخ في الضفة الغربية، إذ كانت تمتد على مساحة 7 آلاف دونم في مرج ابن عامر، لتصل إلى 50 دونم فقط

ويلجأ كثير من التجار إلى تهريب "البطيخ" من المستوطنات، إذ ضبطت الضابطة الجمركية في مدينة جنين ما يقارب 237 صندوقًا مهربًا منذ مطلع العام الجاري، وفقًا لما أفاد به رامي أبو عرة مدير العلاقات العامة للضابطة الجمركية في جنين.

[[{"fid":"62726","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"4":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":333,"width":444,"class":"media-element file-default","data-delta":"4"}}]]

ومنذ توقيع اتفاقية باريس الاقتصادية عام 1993، تقلّصت زراعة البطيخ في الضفة الغربية، إذ كانت تمتد على مساحة سبعة آلاف دونم في مرج ابن عامر، لتصل إلى 50 دونم فقط، حسب إحصائيات وزارة الزراعة وبعض المزارعين، يزرعها فقط المزارع عماد صالح ضريبة شهرة، لأنه ينتمي إلى عائلة معروفة بزراعة البطيخ منذ أكثر من 100 سنة.

ولا يزال صالح يتذكر كيف كانت عائلته تنقل البطيخ من جنين إلى الأردن، ثم إلى دول الخليج والمغرب العربي، إذ بلغت الصادرات حينها ألف طن في الموسم، تقتصر تكاليفها على أجرة النقل. أما الآن، فتبلغ تكلفة نقل سيارة واحدة محملة بـ20 طن فقط من البطيخ، ألفي دينار.

وحسب التقرير السنوي لوزارة الزراعة، فإن تصدير البطيخ خارج فلسطين متوقف تمامًا، بينما تم استيراد بطيخ إسرائيلي بقيمة 89 ألف شيكل عام 2016.

 

المزارع  محمد فهمي من قرية كفر دان قضاء جنين، يقول، إنه لا يوجد اكتفاءٌ ذاتي من البطيخ في جنين، "فكيف سنفكر بتصديره؟". يبين فهمي، أن أراضي كفر دان الزراعية تقلصت بنسبة 60% بسبب الزحف العمراني، فيما تراجع التصدير لدول الخليج التي كانت سوقًا رئيسيًا للمنتجات الفلسطينية، وخاصة البطيخ والشمام.

[[{"fid":"62721","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":333,"width":444,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

ويقترح فهمي، أن يتم تنظيم عملية التسويق وتوزيع الرقعة الزراعية للبطيخ على مدار العام، بدلاً من تدفق المنتجات في شهرين أو ثلاثة أشهر، ما يغرق السوق بمنتجاتٍ تزيد عن حاجته.

ويدعو إلى التفكير بإنشاء وحدات تبريد في المناطق الفلسطينية، لاستيعاب الفائض من المنتجات، وبيعها لاحقًا عندما يحتاج السوق الفلسطيني لصرف معين، مضيفًا، "هذا لا يتم إلا إذا كانت هناك سيطرة على المعابر من الجانب الفلسطيني، واستقلال تام، لكي يكون استقلال اقتصادي، وبذلك يتحقق الأمن الغذائي".

مصر تستورد معدات إسرائيلية ذات إنتاجية زراعية عالية وخاصة لمنتج البطيخ، ما يجعل تكلفه زراعة البطيخ، وبالتالي منافسة البطيخ المحلي

يعلّق رائد شرار على إغراق الأسواق المحلية بالمنتج الإسرائيلي قائلاً، إن الوزارة تحاول إصدار قرارٍ برفع الضرائب على الاستيراد من المنتج الإسرائيلي، بالتعاون مع مؤسسة الجودة والمقاييس، التي تحاول أن تفرض مواصفات على المنتج الذي يتم استيراده من الطرف الإسرائيلي.

ويؤكد شرار لـ"ألترا فلسطين"، وجود مؤشرات لغزو البطيخ المصري أيضًا للسوق الفلسطيني، مضيفًا، "مصر تمتاز بوجود أيدي عاملة رخيصة، كما بدأت حديثا وخاصة بعد التقارب الذي في علاقتها مع إسرائيل باستيراد آلات ومعدات إسرائيلية ذات إنتاجية زراعية عالية وحديثة وخاصة لمنتج البطيخ".

ويعترف شرار، بأن البطيخ المحلي سيواجه تهديدًا كبيرًا، "يُعرض الآن على التجار في جنين 600 دولار للطن الواحد من البطيخ المصري، الذي يمر عبر الجانب الاسرائيلي، بينما يعرض عليهم 1800 دولار للطن الواحد من البطيخ المحلي، وهناك تفاوت ملحوظ في السعر قد يؤدي إلى عزوف التاجر المحلي، ما لم يتم ضبط العملية".


اقرأ/ي أيضًا: 

حسبة رام الله.. هل هي مكب لخضار وفواكه إسرائيل؟

منسف ومفتول وخبز.. ما علاقتها برمضان؟

مستوطنات جنين.. هل هذا ما سنفعله بعد التحرير؟