- هويتك قدس! أنتِ بتنتخبي بالكنيست الإسرائيلي؟
- لا.
- ليش؟
- لا أعترف بالكيان اليهودي كدولة.
- الرئيس اعترف وأعطاهم حق الوجود بفلسطين.
- الأمر منوط بسياسة منظمة التحرير، ورؤيتها السياسية والحل المطروح للوضع.
- يعني بما إنه أعطاهم الحق، فهل الرئيس خائن؟
- لا.. بأي بند أعطاهم الحق؟
- ابحثي وستجدي في خطاباته أنه أعطاهم الحق، وطبعًا هو رمز لفلسطين اليوم وغدًا وللأجيال القادمة.
هذا الحوار ليس في مقابلة صحافية، وليس في مقهى، ولا داخل غرفة تحقيق لدى أحد الأجهزة الأمنية، بل خلال مقابلة لتوظيف معلمين في وزارة التربية، في شهر "آب/أغسطس" الجاري، استعدادًا للعام الدراسي المقبل (2017 – 2018)، وهي المقابلات التي لقيت احتجاجات من المتقدمين عبروا عنها على موقع "فيسبوك"، وانقسموا بين اعتبارها دليلاً على التوظيف بالواسطة، أو سياسة جديدة في اختيار المعلمين على أساس ولائهم للسلطة وتبنيهم لأفكارها.
"هل الرئيس خائن؟"، "وماذا قدمت فتح لفلسطين؟"، "وهل صحيح أن فتح تتحكم في التوظيف؟"، أسئلة في مقابلات توظيف معلمين بوزارة التربية في الضفة
إيناس العيدة تحمل هوية القدس، وتقدمت للحصول على وظيفة مدرس لتخصص التربية الإسلامية، لكنها فوجئت بالأسئلة السياسية والشخصية السابقة، لا علاقة لها بتخصصها، ولا يمكن تصنيفها مع الأسئلة العامة.
اقرأ/ي أيضًا: مشاهد عنصرية معتادة
"هل الرئيس خائن؟" كان السؤال الأكثر سخرية، والذي لا تعلم إيناس كيف ستقيّم اللجنة إجابتها عليه مهنيًا، فتُقبل في الوظيفة أو تُرفض، لكنها تعتبر ذلك تجاوزًا خطيرًا لن تقبله أبدًا.
تقول العيدة في حديثها لـ"ألترا فلسطين"، إنها تعتزم تقديم شكوى رسمية لوزارة التربية والتعليم، لتعرف علاقة هذا النوع من الأسئلة بتخصصها، وإذا ما كانت الوزارة تعتمد الإجابات كتقييم منطقي ومهني لمدى استحقاقها للوظيفة.
ولم تكن الأسئلة الموجهة للمتقدمة (إ. غ) أفضل حالاً، إذ بدأت اللجنة بسؤال "ماذا قدمت حركة فتح لفلسطين؟". وعلى الرغم من توضيح المتقدمة للامتحان أن تخصصها لغة عربية وليس علوم سياسية، انهالت عليها الأسئلة التالية: من أي الدول العربية أعلنت حركة فتح انطلاقتها؟ ومتى انطلقت؟ وفي أي الدول لها مقرات؟ وإذا وقع خلاف فصائلي، كيف تتصرفين؟
وأضافت (إ.غ) لـ"ألترا فلسطين"، أنها اعترضت على هذه الأسئلة، فكان ردهم أنها تصنف ضمن المعلومات العامة، وحين تلكأت في الإجابة عليها أبدوا دهشتهم واستغرابهم، على اعتبار أنها "معلومات بديهية"، وفق ادعائهم.
أسئلة أخرى مشابهة، انحصر جزء منها بحركة فتح، طرحت على المتقدم (و.ح)، وكان من بينها؛ هل الإشاعة التي تقول إن تنظيم فتح هو من يتحكم بعملية التوظيف سواء بالتربية أو غيرها صحيحة؟ وكم نسبة تحكم التنظيم بموضوع التوظيف حسب رأيك؟ دون أن يفهم ما علاقة التنظيم وهيمنته على الوظائف بتخصصه وهو " التاريخ".
السؤال عن التطبيع كان حاضرًا أيضًا حسبما أفاد ( و.ح) لـ"ألترا فلسطين"، ومن بينها؛ هل نحن نعيش في واقع يطبّع مع الاحتلال برأيك؟ فأجاب: "لا إحنا بنزرع ليمون وتفاح". غير أن إجاباته على أسئلة أخرى لم تكن بهذه البساطة واتسمت بالغموض، بعدما أخذت مقابلة العمل اتجاهًا بعيدًا عن الهدف الأساسي منها. يقول، إن طريقة تقديم الأسئلة وإدارة النقاش لم تكن ودية، وإنما أشبه بالتهديد، وفق قوله.
المهندس فواز مجاهد، وهو وكيل مساعد للشؤون الإدارية والمالية في الوزارة، قال، إن الوزارة أعطت تعليمات واضحة للّجان العاملة بمقابلات التوظيف تتعلق بطريقة التعاطي مع الأسئلة، والتعامل مع المتقدمين لتستطيع اختيار الأشخاص المناسبين لشغل الوظائف في الوزارة.
وأضاف مجاهد لـ"ألترا فلسطين"، أن لا علم لديه بأي أسئلة حزبية أو سياسية وجهت للمتقدمين، في حين اعتبر الأسئلة المتعلقة بحركة فتح تأتي في إطار المعرفة الواجب على الفلسطينيين الاطلاع عليها كون الحركة مكون أساسي من الشعب الفلسطيني، وتوجيه هذا النوع من الأسئلة لا يُفهم بالسياق الحزبي، وفق قوله.
لكن هذا الرد بقي ناقصًا من توضيح لماذا تركزت جميع الأسئلة حول حركة فتح، دون سواها من الفصائل الفلسطينية التي لا يقل تاريخ بعضها عن تاريخ الحركة. فيما ذهب بعض المتقدمين إلى وصف المقابلات بأنها "فحص أمني وسياسي لهم".
اقرأ/ي أيضًا:
قانون الجريمة الإلكترونية: الأخ الأكبر يراقبك