15-سبتمبر-2022
إقبال على شراء الذهب في السوق الفلسطيني - Majdi Fathi/Getty

Majdi Fathi/Getty

يشهد سوق الذهب في الأراضي الفلسطينية هذه الأيام، زيادة غير مسبوقة على شراء الذهب يشهدها السوق الفلسطيني، بحسب مديرية المعادن الثمينة، وتجّار ذهب. يحدث ذلك لأسباب عديدة، أهمّها ما يتعلق بالتغيّرات الاقتصادية على المستوى العالمي والمحلي.

دمغ 2 طن ذهب خلال شهر.. إقبال تاريخي على شراء المعدن الأصفر في السوق الفلسطيني 

محمد مسالمة صاحب محل لبيع الذهب والمجوهرات وسط مدينة رام الله، يؤكد لـ"الترا فلسطين" أن السوق الفلسطيني يشهد نشاطًا غير مسبوق على شراء الذهب مقارنة بالسنوات الماضية. ويوضح أنّ انخفاض سعر الذهب هذه الأيام، سبب مهم لزيادة الإقبال على شراء الذهب، حيث يباع الغرام الواحد من عيار 21 بدون مصنعية (غير مصنّع) بسعر 35 دينارًا ونصف، ويرتفع السعر بشكل تدريجي بحسب ما يدخل على القطعة من تصنيع وذلك من دينارين حتى عشرة.

Majdi Fathi/ Getty
Majdi Fathi/ Getty

وهذا السعر يعدّ منخفضًا مقارنة بالعام الماضي بحسب مسالمة الذي يشير إلى أنّ سعر غرام الذهب بدون مصنعية وصل في مثل هذا الوقت العام الماضي نحو 39 دينارًا (عيار 21). 

ويقول مسالمة إن دخول أعداد كبيرة من المغتربين إلى البلاد صيف 2022، بعد سنتين من تفشي جائحة "كورونا" وزوال القيود المفروضة على السّفر، أسهم في ارتفاع الطلب على الذهب في السوق الفلسطيني. حيث يشتريه المغتربون (من أمريكا تحديدًا) كهدايا.

وتقدّر كمية الذهب الموجودة في الأراضي الفلسطينية بنحو 105 أطنان، ويباع الكيلوغرام الواحد بسعر يصل 40 ألف دينار أردنيّ. كما يعمل في صناعة وبيع المعادن الثمينة نحو 556 مصنعًا ومحلًا تشغل نحو ثلاثة آلاف عامل.

HAZEM BADER/ Getty
HAZEM BADER/ Getty

ويرى الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن هناك أكثر من سبب لزيادة الإقبال على شراء الذهب، حيث أن جزءًا منه يتمثّل بالطلب الموسمي بسبب مناسبات الزواج التي تزيد صيفًا، ولكن الآن هناك طلب خارج المواسم يتعلّق بانخفاض سعر الذهب، وهو السبب الثاني لزيادة الإقبال.

بالتالي بحسب عبد الكريم أي شخص لديه سيولة نقدية ويريد الاستثمار بملاذ آمن بعيدًا عن المخاطر والتقلّبات يبحث عن فرصة استثمار، وبدلًا من وضع وديعة في البنك يقوم بشراء الذهب، بالتالي عند نزول السعر ساعد هؤلاء الناس على أن يكون الذهب فرصة للاستثمار.

ويشير عبد الكريم في حديثه لـ "الترا فلسطين" إلى أن السبب الثالث هو انسحاب المستثمرين من الاستثمار الخطر في السندات والأسهم والأملاك والمشاريع، بسبب الظروف العالمية وحتى المحلية، ففيها تقلبات ومخاطر غير مقدور عليها، وبالتالي جرى التوجه نحو الذهب كملاذ أكثر أمانًا، وفي فلسطين ثمة علاقة تاريخية بين الفلسطينيين والذهب، إذا يُنظر له كاستثمار طويل الأمد، وادّخار، ويُلجأ له وقت الأزمات.

دمغت مديرية المعادن الثمينة في وزارة الاقتصاد الشهر الماضي 2.17 طن ذهب تقريبًا، وهو الرقم الأعلى منذ تأسيسها 

وقبل أيام، أعلنت مديرية المعادن الثمينة في وزارة الاقتصاد أنها دمغت في آب/ أغسطس الماضي 2.17 طن ذهب تقريبًا، وهو الرقم الأعلى منذ تأسيس المديرية عام 1998. وقد حققت إيرادات عملية دمغ المصوغات الذهبية التي تحمل الدمغة الفلسطينية "قبة الصخرة" 2.2 مليون شيقل تقريبًا.

وتشير المديرية إلى أن الكميات التي دمغت في آب سجّلت ارتفاعًا بنسبة 43 في المئة مقارنة مع ذات الشهر من العام الماضي. وسجّلن الإيرادات ارتفاعًا بنسبة 46 في المئة عن الشهر ذاته من العام السابق.

وتبيّن المديرية أن متوسط سعر أونصة الذهب كان في شهر آب/ أغسطس الماضي 1765 دولارًا، في حين سجّل متوسط سعر الأونصة عن آب/ أغسطس 2021 مبلغ 1784 دولارًا، أي بانخفاض بنسبة 1 في المئة.

مديرية المعادن الثمينة: ندمغ سنويًا ما معدله 8 أطنان من المصوغات الذهبية 

يقول أمجد رمضان مدير التحصيل المالي في مديرية المعادن الثمينة في وزارة الاقتصاد، إن دمغ كمية معينة من الذهب في أي فترة زمنية، يرتبط بزيادة الطلب على الذهب بشكل عام خلال هذه الفترة. ويوضح في حديثه لـ "الترا فلسطين" أن هناك تعميمًا على محلات الذهب بأن لا تبيع الذهب إلا بعد دمغه بالدمغة الفلسطينية "قبة الصخرة"، لذا فإن أي صاحب محل يريد عرض ذهب جديد، مطلوب منه دمغه، بالتالي الكميات التي كانت مطلوبة للعرض في شهر آب/ أغسطس الماضي هي 2.17 طن وهي كمية تاريخية وغير مسبوقة.

وينوّه رمضان إلى أن هناك قطاعين يعملان في الذهب؛ القطاع التجاري والقطاع الصناعي، ومن يحضر الذهب للدمغ إلى المديرية هو القطاع الصناعي والمشاغل، وذلك للفحص والتأكّد من العيار ومطابقة العيار ومن ثم الدمغ بالدمغة الفلسطينية المعتمدة. 

في حالات القلق وعدم الاستقرار تصبح الثقة بالعملات وثباتها أقلّ، لذا يلجأ الناس إلى الذهب 

وحول أسباب الزيادة على الطلب، يوضح رمضان أن هناك عدة أسباب أهمّها أنه على المستوى الدولي بشكل عام في حالات القلق وعدم الاستقرار تصبح الثقة بالعملات وثباتها أقلّ، لذا يلجأ الناس إلى الذهب. كما أن هناك أسبابًا تتعلق بمديرية المعادن الثمنية والدور الذي قامت به من عمل ضوابط لهذا السوق، وتتمثل بعدة إجراءات لحماية المستهلك والتاجر على حد سواء، منها شهادة الضمان التي يأخذها الزبون، وشهادة عقد البيع التي تعطى للشخص عند العملية العكسية والبيع للمحل وهو عقد ملزم، وهناك إجراءات تتعلق بقضايا الفحص وما أدخل عليها من تقنيات حديثة بالأشعة السينية والدمغ بالليزر وهي تؤدي إلى تقليل الجهد وتقليل الوقت وجودة الخدمة وتقليل كميات التالف.