الترا فلسطين | فريق التحرير
تسلّم عشرات المعلمين في محافظة بيت لحم، مؤخرًا، قرارات رسمية بإيقافهم عن العمل، ردًا على إضراب جزئيّ خاضوه يومي الأربعاء والخميس من الأسبوع الماضي، احتجاجًا على صرف أجزاء من رواتبهم.
اعتصم العشرات من المعلمين، الإثنين، أمام مقر مديرية التربية والتعليم في محافظة بيت لحم، مطالبين بالعدول عن القرار، وضمان حقِّهم في المطالبة بحقوقهم المشروعة
يقول المعلّم يوسف اجحا وهم من بين المعلمين الذين طالهم قرار الإيقاف عن العمل، إن إضرابهم يومي الأربعاء والخميس الماضيين لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة عدم الالتزام بالاتفاق الذي عقد بين أولياء الأمور والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان واتحاد المعلمين ووزارة التربية والتعليم، ومختلف الأطراف في شهر أيار/ مايو الماضي، وأعقبه تصريح من رئيس الوزراء محمد اشتية يتعهد فيه بتنفيذ مطالب المعلمين، وبناء عليه عاد المعلمون إلى مقاعد الدراسة آنذاك.
وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومعها عدد من مؤسسات المجتمع المدني قادت جهودًا لإنهاء إضراب دراسي دام نحو شهرين بدعوة من حراك المعلمين الموحد، وانتهت الأزمة حينها باتفاقية من خمسة بنود، وافقت عليها كافة أطراف الأزمة (الحكومة، المعلمون، الاتحاد).
لم تلتزم الحكومة بتنفيذ بنود اتفاق سابق بشأن المعلمين
وتابع المعلم يوسف اجحا في حديث لـ "الترا فلسطين"، أنه ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم تلتزم الحكومة بأي بند من البنود، بما في ذلك بند رفع نسبة غلاء المعيشة، وصرف الرواتب كاملة، وجدولة واضحة وفي فترة زمنية محدد للمستحقات المقتطعة، وعلاوة 15 في المئة على الراتب الأساسي.
وأضاف أن الهيئة المستقلة أخلت قبل أيام مسؤوليتها من الاتفاق نتيجة عدم تجاوب الأطراف الشريكة في الحل، ورافق ذلك جدل في الإعلام بين الهيئة المستقلة وأمين عام الاتحاد سائد ارزيقات الذي رد على اتهام الهيئة بعدم تنفيذ الاتحاد لبند "دمقرطة" الاتحاد، بأنه من الأولى على المؤسسات والوساطات أن تضمن صرف الحكومة لما هو مطلوب منها في الاتفاق، وهو ما أعطى دلالة واضحة للمعلمين أنه حتى الشِّق المالي من الاتفاق لن يطبق مع بداية العام القادم.
لذا أكد اجحا أن استمرار الاقتطاع من الراتب، وتقليل قيمة صرف المستحقات المتأخرة من 20 في المئة بشكل تدريجي وصولًا إلى 5 في المئة، وشعور المعلمين بعدم الثقة والجدية والخذلان، دفعهم للإضراب الأسبوع الماضي.
وعقب عودتهم إلى الدوام المدرسي بداية الأسبوع الجاري، تسلم عدد من المعلمين قرارات بإيقافهم عن العمل، والتحفّظ على الراتب وإحالتهم إلى لجنة تحقيق، وذلك بالاستناد إلى المادة (93) من قانون الخدمة المدنية، والمادة (144) من اللوائح المنظمة لقانون الخدمة المدنية.
ويقول المعلم اجحا، إنه لا يوجد رقم محدد لعدد المعلمين الموقوفين عن العمل، ولكن بحسب ما أعلنت المديرية والاتحاد فإن العدد يزيد عن 118 معلمًا.
المعلم يوسف اجحا: قرارات التوقيف عن العمل غير قانونية رغم استنادها إلى مواد قانونية
ويعلق اجحا على قرار الوزارة بأن قرارات التوقيف عن العمل غير قانونية رغم استنادها إلى مواد قانونية، موضحًا أن "الوزارة تجاوزت القانون، لأن المواد تنص على أن لجنة التحقيق هي المخوّلة بإيقاف المعلمين، ولا يجوز إيقاف المعلمين مباشرة دون أن يكون هناك خطوات قانونية تسبق القرار، إلا أن الوزارة تجاوزت ذلك".
وتابع "ينص القانون أيضًا على أن المعلم الموقوف عن العمل يبقى راتبه يصرف كاملًا ما عدا المواصلات، ولكن كتاب الوزارة هو بالتوقيف والإحالة إلى لجنة تحقيق وحجز الراتب، وهذه العقوبات الثلاث وقعت على المعلمين نتيجة إضرابهم وليس الاستنكاف عن العمل كما ورد في الكتاب بأن المعلمين يمتنعون عن العمل".
وكشف اجحا أن هذه ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها مثل هكذا قرارات في مديرية بيت لحم، بل إنه في كل حراك مطلبي كان يتم استخدام قضية التهديد بالفصل والتوقيف عن العمل، ومن ثم يتم ابتزاز المعلمين بالتوقيع على تعهدات بأنهم ليسوا مضربين، بل ممتنعين عن العمل.
- ابتزاز
وحول إن تم ابتزازهم بنفس الشيء اليوم، أفاد اجحا بأنه عرض عليهم من خلال الوزارة والمدراء في المدارس أن يعترف المعلم بأنه ممتنع عن العمل ومن ثم يعود إلى الدوام، وبعدها يتم إرسال كتاب آخر بإزالة كتاب التوقيف عن العمل، والمعلم الذي لا يلتزم ويعتبر نفسه مضربًا وغير ممتنع، لن يتم إلغاء كتاب توقيفه.
وشدد اجحا على أن المعلمين اليوم كانت لديهم رسالة واضحة بأنهم يطالبون بإلغاء التوقيف فورًا، مع ضمانة بعدم استخدام هذا الأسلوب والإجراء التعسفي، لأن مطالبهم مشروعة ومن حقهم المطالبة بها.
حاولنا التواصل مع جهات مسؤولة في وزارة التربية والتعليم لكن لم نتلق ردًا
تواصلنا في الترا فلسطين مع مديرة التربية والتعليم في محافظة بيت لحم نسرين عمرو إلا أنها رفضت التعليق على القرار الموقّع باسمها، مبررة ذلك بأن القرار هو بتنسيب من وكيل الوزارة.
حاولنا التواصل كذلك مع وكيل الوزارة نافع عساف، ومع الناطق الرسمي باسم الوزارة صادق الخضور ولكن لم نحصل على رد.
وفي حادثة احتجاجية شبيهة على نفس المطالب الفصل الدراسي الماضي، كانت مديرية بيت لحم قد قررت الحسم من رواتب المعلمين حينها نتيجة الإضراب، وبررت مديرة التربية والتعليم في محافظة بيت لحم نسرين عمرو قرارها آنذاك لـ"الترا فلسطين"، بأن سبب الحسم هو إضراب المعلمين عن العمل دون غطاء رسمي يمثلهم سواءً تحت مظلة الاتحاد أو أي مظلة قانونية، وهذا يعتبر "امتناعًا عن العمل".
وأضافت أنه يجب أن تكون هناك مظلة قانونية للمعلمين من أجل خوض الإضراب، حتى تكون هناك جهة تخاطبها الجهات الرسمية.