الترا فلسطين | فريق التحرير
سياسة استعمارية مستمرة، اقتحامات، واعتقالات ومضايقات، ولكن منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول\أكتوبر، تصاعدت عمليات جيش الاحتلال في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق منذ الانتفاضة الثانية، بالتزامن مع عدوانه على غزة.
العمليات تضمنت حملة اعتقالات واسعة طالت ثلاثة آلاف فلسطيني من جميع أنحاء الضفة الغربية، إضافة إلى اقتحامات ومواجهات واشتباكات واعتداءات أدت إلى استشهاد أكثر من 212 مواطنًا، بعضهم قتل على يد المستوطنين، وأكثر من 2800 جريح، حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.
استخدم الاحتلال سياسة الاقتحام بحق الفلسطينيين منذ عقود، وتجلّت خلال الانتفاضة الثانية، باعتبارها "وسيلة ردع وعقاب"
وتركز عنف الاحتلال العسكري بأغلبه في اقتحامات مخيم طولكرم، ومخيم بلاطة، ومخيم جنين، وعاث فسادًا وخرابًا فيها، فيما شملت الاعتقالات أغلب القرى والمدن الفلسطينية بشكل مستمر ومكثف.
ومع استمرار وتيرة الاعتداءات المتزايدة من المستوطنين وجنود الاحتلال، والمداهمات المستمرة، ظهرت أصوات دولية وإسرائيلية تتحدث عن مخاوف من "انفجار" الضفة الغربية، كردة فعل على المضايقات الإسرائيلية.
وكان الكاتب في صحيفة "هآرتس" العبري جاكي خوري قال إن "حربًا أخرى تتشكل في الضفة الغربية محدودة النطاق، ولكنها تنطوي على احتمالات اشتعالها وعواقب لا تقل أهمية عن حرب غزة"، فيما حذرت تقارير أمريكية من خطر اشتعال جبهة صراع ثانية في الضفة الغربية بسبب ارتفاع وتيرة المداهمات واعتداءات الجنود والمستوطنين.
ولكن رغم التحذيرات الأمريكية والإسرائيلية المستمرة من اشتعال الضفة الغربية، إلا أن الاحتلال لا يزال يمارس عدوانه بشكل مكثف ومستمر.
أهداف آنية وأهداف مستقبلية
يقول المحلل السياسي بلال الشوبكي لـ"الترا فلسطين" إن اقتحامات الاحتلال في الضفة الغربية، منذ عملية الطوفان، مرت بمرحلتين، المرحلة الأولى كانت المداهمات الليلية، التي تركز معظمها في حملة اعتقالات بصفوف نشطاء قربين من حركة حماس، أو نشطاء قادرين على المساهمة في تحريك الضفة الغربية، مضيفًا أن "هذه الاعتقالات كانت هدفًا استباقيًا لمنع الضفة من التفاعل مع غزة"، وكان الاحتلال قد قامت باقتحامات عمد فيها إلى اعتقال عمال غزة والتحقيق معهم، قبل أن يتم إطلاق سراح بعضهم، وإعادة آخرين إلى قطاع غزة.
أما المرحلة الثانية، التي تكشفت خلال الأسابيع الماضية، فقد هدفت إلى تنفيذ عقاب جماعي بحق الفلسطينيين، كما يرى بلال الشوبكي، ويشرح قائلًا :"خاصة التي تضمنت أعمالًا عسكرية، في جنين ومخيم نور الشمس وأريحا".
وتركز المرحلة الثانية بشكل أساسي، على ضرب الحاضنة الشعبية لبؤر النضال الفلسطينية، في محاولة "خلق حاجز نفسي بين الفلسطينيين وأي فعل نضالي مناوئ لسياسات الاحتلال"، كما يرى بلال الشوبكي، مضيفًا أن "إسرائيل" تستغل الدعم الأوروبي والأمريكي حاليًا لتحقيق هذا الهدف.
هذا الهدف وكيفية تحقيقه، ليس بالأمر الجديد في ممارسات الاحتلال، إذ عمد خلال الانتفاضة الثانية إلى محاولة ضرب المقاومة واجتثاثها من مخيم جنين بعد اجتياحه عام 2002، والقضاء على الحاضنة الشعبية، دون نجاح، كما قام عام 2014، بعد اختطاف 3 مستوطنين قرب مدينة الخليل، بشن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة أدت إلى استشهاد 7 أشخاص، من بينهم طفلًا اختطف على يد المستوطنين.
ويذكر موقع ييش دين، في تقرير يتحدث فيه عن تبعات وأهداف الاقتحامات، أن تحليل الملابسات التي يقتحم فيها الجنود بيوت الفلسطينيين، وكيفية تفتيشها، يظهر استخدام الاحتلال لهذه الممارسات كـ"وسيلة تهديد وردع تجاه الأفراد والمجتمع، وفي بعض الأحيان يستخدمها كأداة عقاب جماعي"، وهكذا يتحول تفتيش المنازل على أرض الواقع إلى "وسيلة قمع وسيطرة على سكان الضفة الغربية".
القمع النفسي امتد أيضًا إلى محاولة الاحتلال إلى التخلص من "رموز النضال"، فقد عمد إلى تدمير دوار العودة في مخيم جنين، الذي شيده الأهالي وكتبوا عليه أسماء المدن والبلدات التي هجروا منها في نكبة 1948، كما دموا أكثر من صرح أقيمت لشهداء المخيم.
ويشرح بلال الشوبكي أن جزءًا من هذه الممارسات، يعود إلى رغبة حكومة الاحتلال باسترضاء قاعدة اليمين الإسرائيلي المتطرف، التي تتنامى بشكل كبير سواء على أساس ديني أو قومي، مؤكدًا أن "مخاطبة هذه القاعدة يصبح أسهل كلما كان الضغط على الفلسطينيين أكبر"، فأهدافهم ليست انتقامية فحسب، بل أيضًا تطمح لجعل حياة الفلسطينيين "صعبة"، من أجل تنفيذ مخطط اليمين "إلى تحويل حياة الفلسطينيين في غزة والضفة إلى بيئة طارئة، ودفعهم للهجرة".
وعمد الاحتلال في حملة الاقتحامات المتتالية إلى خلق بيئة "عسكرية"، إذ استخدم تكتيكات جديدة نسبيًا في ملاحقة المقاومة والمواطنين، من بينها مسيرات في تنفيذ غارات جوية، وتجريف الشوارع، إضافة إلى استهداف منشآت البنى التحتية مثل المستشفيات في جنين وطولكرم.