بينما ينشغل العالم بالحرب المدمرة والإبادة الجماعية في قطاع غزة، ينشط المستوطنون في فرض واقع جديد على الأرض في الضفة الغربية، ويحدث ذلك برعاية حكومة اليمين المتطرف، خاصة وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الوزير في وزارة الأمن أيضًا، الذي يمكن وصفه بوزير الاستيطان، وكذا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يقع جهاز الشرطة تحت صلاحياته، بالإضافة إلى مجموعة من أعضاء اليمين في الكنيست الإسرائيلي.
يطرح سموتريتش طموحاته على الحكومة الإسرائيلية، بما يخص تعزيز الاحتلال والضم الزاحف "السريع"، والسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، فيما تحوله المجموعات الاستيطانية، إلى واقع على الأرض، بحكم القوة، وبحماية من الجيش الإسرائيلي.
في هذا الملف، يرصد الترا فلسطين، أبرز العمليات الاستيطانية لتغيير الواقع في الضفة الغربية وفرض واقع جديد.
خلال العدوان.. الإرهابي "ميخائيل" وفتية التلال ينهشون أراضي سنجل
منذ عامين، يقود أحد المستوطنين الإرهابيين عمليات سلب واعتداءات بحق أراضي بلدة سنجل، شمال مدينة رام الله، يقابلها مقاومة وتحدٍ من أهالي البلد.
المستوطن "ميخائيل شملا"، الذي صار معروفًا لدى سكان البلدة بهذا الاسم، استولى قبل ثلاث سنوات على قطعة أرض في منطقة "الرفيد" شمال البلدة، وأقام عليها مع عدد من "فتية التلال" بؤرة استيطانية رعوية، ونفذوا اعتداءات بالجملة بحق الأهالي طوال تلك المدة.
يستغل "ميخائيل شملا" هذه الأيام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والضوء الأخضر العالمي، الذي حصلت عليه "إسرائيل"، في نهش المزيد من أراضي بلدة سنجل، وحرمان المزارعين من الوصول إليها.
منذ الأيام الأولى للعدوان، قاد جيش الاحتلال، ودفعهم لإغلاق كافة الطرق الزراعية المؤدية إلى آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية لدواعي أمنية، وحرم المزارعون من قطف ثمار الزيتون والوصول إلى أراضيهم في هذه المناطق.
وبحسب الأهالي، فإن مركبة "ميخائيل شملا" كانت تتقدم جرافة الجيش، وترشدها على الطرق الواجب إغلاقها، في انصياع كامل من الجنود لأوامره.
يعرف "ميخائيل شملا" نشطاء البلدة المدافعين عن أراضي سنجل بالاسم والشكل، ويراقب صفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويستهدفهم بشكلٍ شخصي، وخلال الأسبوع الماضي نفذ اعتداءً كبيرًا طال أحد هؤلاء النشطاء في أثناء تواجده في أرضه.
يروي المزارع "و.غ."، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، خوفًا من الاعتقال، أنه توجه إلى أرضه لقطف ثمار الزيتون رفقة زوجته وصديق له، إلا أن مجموعة من المستوطنين بجانب عدد من جنود الاحتلال جاؤوا وحاولوا طردهم من الأرض.
ويروي المزارع أن المستوطنين، حينما شاهدوه، اتصلوا بـ "ميخائيل شملا"، وأبلغوه بأن "و.غ" هنا، فحضر على وجه السرعة على ظهر سيارة دفع رباعي، ولحظة وصوله، قام بلكم المزارع على وجهه بشكل عنيف، فتسبب له بكسر الأنف، ورفع عليهم السلاح وهددهم بالقتل، ومن ثم حرض الجنود على مصادرة مركبته الزراعية، وكافة المعدات، وحبوب الزيتون، قبل طرده.
لم تتوقف اعتداءات المستوطن المتطرف إلى هذا الحد، فحينما توجه مزارع آخر، "م. غ"، إلى منطقة زراعية قريبة من معسكر الجيش، أرسل عبر مجموعة واتساب لأهالي البلدة، رسالة مفادها بأن الوضع هنا مطمئن، وبإمكان الجميع الحضور، وقطف ثمار زيتونهم، وشارك الرسالة نفسها عبر صفحته.
ولكن بعد ساعة فقط، جاء المستوطنون بقيادة "ميخائيل شملا" وبرفقة عدد من الجنود يبحثون بين الأراضي عن هذا الشخص، وسألوا عنه بالاسم، إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إليه، وطردوا المزارعين من تلك المنطقة قبل انسحابهم.
وبحسب رئيس بلدية سنجل معتز طوافشة، فإن المستوطنين استغلوا الأحداث هذه الأيام، ونفذوا مخططات واسعة في بلدة سنجل.
وأفاد معتز طوافشة في حوار مع "الترا فلسطين"، أن المستوطنين شقوا طريقًا زراعيًا يمتد من مدخل مستوطنة معاليه ليفونة وصولًا إلى سهل "مرج عرزل" الواقع بالقرب منها، وفي المقابل أغلقوا طرق المزارعين الواصلة إلى هذا السهل، في سبيل الاستيلاء التدريجي عليه.
وأضاف معتز طوافشة، أن الاحتلال عمد إلى توسيع البؤرة الاستيطانية "جيفعات هارويه"، وشقوا طريقًا جديدًا في محيطها، ويقوم حارس أمن المستوطنة بجولات مستمرة في المنطقة لمنع وصول المزارعين إلى أراضيهم هناك.
وبين أن الاحتلال منع المزارعين من الوصول إلى آلاف الدونمات الزراعية في مناطق: مرج عرزل، والجنينة، والمغربات، ورأس العقبة، والتعميرة، وقرنة أبو عدس، وأبو العوف، والمعشرية، والروماني، والرفيد، وراس الدير، وبطن الحلاوة وغيرها الكثير من المناطق.
مضيفًا أن لدى المستوطنين مجموعة من الأبقار، ويقومون بجولات وصولات من الخراب والتدمير في أراضي المزارعين بشكل يومي، دون أن يتمكن أحد من الوصول إليهم لطردهم.
ووفقًا لمعتز طوافشة، فإن منطقة الرفيد، حيث يقيم المستوطنون بؤرة استيطانية رعوية، لا تقع ضمن مرمى النظر إلى أهالي البلدة، بل خلف تلة بني عليها معسكرًا لجيش الاحتلال، ويتخوف الأهالي من أن المستوطنين استولوا أو جرفوا أو كسروا الكثير من أشجار الأراضي في تلك المنطقة، في ظل عدم الوصول إليها منذ نحو 50 يومًا، علمًا بأن المستوطنين بدأوا بتسييج مساحات واسعة من الأراضي هناك قبل العدوان بأيام، ولا يعرف مصيرها اليوم.
ويشكل كل هذا، بحسب معتز طوافشة، محاولة من المستوطنين لفرض أمر واقع جديد في بلدة سنجل من المستوطنين، في ظل حماية جيش الاحتلال، الذي صار يعمل بعض جنوده تحت إمرة المستوطنين.
ويتخوف أهالي بلدة سنجل من فقدان كل تلك الأراضي المحرومين من الوصول إليها هذه الأيام بعد انتهاء العدوان، في ظل إعلان وزير المالية الإسرائيلي عن خطط لإقامة مناطق عازلة في محيط المستوطنات.