21-يناير-2021

صورة توضيحية - gettyimages

نجحت "سهى" -اسم مستعار- في امتحانها الأخير وأصبحت قادرة على التخرج من الجامعة بعد أكثر من ثلاث محاولات باءت بالفشل، بعد أن دفعت مبلغًا ماليًا لشخص آخر مقابل الإجابة على أسئلة الامتحان إلكترونيًا بدلاً عنها.

استطاعت سهى التخرج من الجامعة بعد أكثر من ثلاث محاولات باءت بالفشل بفضل شخص تقدم للامتحان بدلاً عنها

تقول "سهى"، إنها سمعت أن كثيرًا من طلاب جامعتها لجأوا إلى مراكز أو معلمين أو خريجين ليقدموا امتحاناتهم بدلاً عنهم عقب تحويل التعليم الوجاهي إلى إلكتروني، فلجأت لهذه الطريقة لتتمكن من التخرج.

اقرأ/ي أيضًا: التَّعليم وإشكالية الحدود في الحيّز والمفهوم

وأوضحت، أنها دفعت 100 شيقل لشابة من الحي الذي تسكنه، كانت تعطي دورات في نفس المساق، وتعد مشاريع وأنشطة لطلبة الجامعات، مقابل أن تتقدم الشابة للامتحان بدلاً عنها، وقد وعدتها الأخيرة أن العلامة ستكون أعلى من معدلها النجاح وستصل 70/100، وهذا ما حدث بالفعل.

"دانا" -اسم مستعار- خريجة في تخصص الرياضيات ولم تحصل حتى اللحظة على وظيفة في تخصصها، قالت لـ الترا فلسطين إن "سهى" لم تكن الوحيدة التي قدمت الامتحان عنها، بل إنها فعلت ذلك لأكثر من طالبة في مساقات الرياضيات والإحصاء.

وأضافت، "أفكر بالتوقف عن ذلك لأني أعيش في ضغط نفسي وتوتر وإرهاق يضاهي الذي كنت أعيشه أيام دراستي في الجامعة. الفرق هو أنني أتحمل مسؤولية نجاح شخص آخر ولست أنا، بالتالي أبذل جهدًا مضاعفًا وأحيانًا أحتاج لمراجعة بعض المواد، الموضوع يستحق أكثر من 100 شيقل".

بعض من يتخصصون بالتقدم للامتحانات يطلبون مبالغ مالية تصل إلى 300 شيقل للامتحان الواحد، شريطة أن تصل العلامة 90/100

وأشارت "دانا" إلى أن بعض من يتخصصون بالتقدم للامتحانات يطلبون مبالغ مالية تصل إلى 300 شيقل للامتحان الواحد، شريطة أن تصل العلامة 90/100 أو أكثر من ذلك، مضيفة أنها بالعادة تقدم كافة امتحانات المساق لتضمن المعدل المطلوب فيه.

اقرأ/ي أيضًا: أسعار الحواسيب "نار" في زمن التعليم الإلكتروني

"مرام" -اسم مستعار- معلمة رياضيات في مدرسة ثانوية حكومية، تقدم بدورها الامتحانات عن الطلبة الجامعيين مقابل مبلغ من المال، مبررة ذلك بأن هذا العمل يوفر لها مصدر دخل إضافي.

وأوضحت "مرام"، أنها تقدم الامتحانات التي لها علاقة بتخصصها (سواء كانت رياضيات أو محاسبة)، لكنها ترفض تقديم الامتحانات التي تتعارض مع أوقات عملها الرسمي في المدرسة، وأحيانًا التي تتعارض مع مواعيد دروس التقوية التي تقدمها بعد دوامها المدرسي.

أماني، طالبة في السنة الأخيرة في تخصص طب الأسنان، أخبرتنا أنها تتلقى عروضًا يومية من طلبة السنوات الأولى لتقديم الامتحانات بدلاً عنهم، "أنا عادة أرفض لأن الطب تخصص إنساني وأي تقصير منا قد يدمر حياة إنسان، كما أنه يجب على الطلبة أن يتعبوا ويعملوا بجد ليستحقوا لقب طبيب أو حتى أستاذ أو أي تخصص آخر".

خريجون وطلاب في السنوات الجامعية الأخيرة يقبلون بالفعل تقديم الامتحانات بدلاً عن طلبة آخرين، ويحددون المبلغ حسب صعوبة المساق

وأشارت إلى أن خريجين وطلابًا في السنوات الجامعية الأخيرة يقبلون بالفعل تقديم الامتحانات بدلاً عن طلبة آخرين، ويحددون المبلغ حسب صعوبة المساق، مضيفة أن المبلغ يزيد عادة عن 150 شيقل.

اقرأ/ي أيضًا: 40% من الأُسر التي تلقى أطفالها التعليم عن بعد تعتبره سيئًا

علمنا من عدة طلاب أن حل الامتحانات لا يقتصر على الخريجين والمعلمين، بل إن مراكز في الضفة وغزة تخصَّصت في تقديم الامتحانات عن الطلبة مقابل مبالغ مالية. جزءٌ كبيرٌ من هذه المراكز يعمل بسرية تامة خوفًا من المساءلة القانونية أو الإغلاق.

نجحنا في الوصول لأحد هذه المراكز في قطاع غزة، وتواصلنا معه على أننا طلابٌ جامعيون يحتاجون لمن يتقدم للامتحانات عنهم، فكان الجواب بأن الامتحان الأول سعره 100 شيقل، والثاني كذلك، بينما النشاط مجانًا.

مركز في قطاع غزة متخصص بتقديم الامتحانات مقابل 100 شيكل عن كل امتحان، مؤكدًا "النجاح مضمون 100%"

وأكد لنا صاحب المركز -خلال تواصلنا معه عن طريق واتساب- أن النجاح في الامتحان أكيد "لأن عملنا في المركز مضمون 100%" وفق قوله، موضحًا أن دفع سعر الامتحان يكون من خلال شاب في رام الله، حيث تم تحويل المبلغ لحسابه البنكي.

لاحقًا، تواصلنا مع المركز هاتفيًا وطلبنا منه الإجابة على أسئلتنا في تقرير صحافي حول لجوء طلاب جامعيين إلى مراكز لحل امتحاناتهم، إلا أنه أنكر أي دور له في هذا المجال، رغم تعهدنا بعدم ذكر هويته، مؤكدًا أن "كل ما يفعله هو مساعدة الطلبة في أبحاثهم ومشاريعهم التخرج وحل أنشطتهم فقط".

خلال بحثنا وصلنا أيضًا إلى صفحة على موقع "فيسبوك" باسم "حل امتحانات"، تعرف عن نفسها بأنها متخصصة لحل وتقديم الامتحانات الجامعية.

يوضح إعلانٌ منشورٌ في شهر يونيو/حزيران على الصفحة أن حل الامتحانات لا يقتصر فقط على طلبة الجامعات، بل يشمل أيضًا طلاب الثانوية العامة. تجدَّد النشر على هذه الصفحة في بداية الشهر الأخير من السنة الماضية، وقد حظي بتفاعل كبير، وبعض المعلقين تعاملوا مع الأمر بجدية طالبين المساعدة.

تجدر الإشارة إلى أننا تواصلنا مع وكيل وزارة التربية بصري صالح للحصول على تعقيب حول هذه المخالفات التي تشوب التعليم الإلكتروني المعمول به منذ قرابة السنة نتيجة تفشي وباء كورونا، إلا أننا لم نتلقَّ أي رد.


اقرأ/ي أيضًا:

التعليم المهني: الطريق الأقصر لسوق العمل

صور | مدرسة الرازي: قرن من الزمن ومازالت تكبر