26-مارس-2018

مقاتل قسامي في عرض عسكري - تصوير سعيد خطيب (Getty)

فجأة تدوي صافرات الإنذار في سماء 91 مستوطنة، وتصل رسائل الإنذار لأكثر من 50 ألف مستوطن تحثهم على مسارعة الخطى نحو الملاجىء، وتطلق منظومة القبة الحديدية صواريخها لاعتراض صورايخ غزة التي لم تصل لأنها لم تُطلق أصلاً، فيما تهز الأفق أصوات انفجارات صواريخ القبة التي يصل ثمنها عشرات الآلاف من الدولارت، وتنقل وسائل الإعلام العبرية أنباء حول وابل من الصواريخ أُطلق من غزة، جرى  اعتراض بعضها، ثم تتراجع عن هذه الأنباء.

المشهد آنف الذكر، يطرح الكثير من التساؤلات أمام أجهزة الاحتلال الاستخبارية، أولها: هل عثرت كتائب القسام على ثغرة في منظومة القبة الحديدية المتخصصة باعتراض الصواريخ قصيرة المدى؟ تتمثل هذه الثغرة بإطلاق صافرات الإنذار وصواريخ الاعتراض بعد خداعها بوابل من رصاص رشاش دشكا لا يكلف ثمنه عشرات الدولارات. السؤال الآخر: لماذا أعطى الآن، من تسميه إسرائيل، وزير دفاع حماس، محمد الضيف، الضوء الأخضر  لهئية أركانه للقيام بالعملية.

كتائب القسام أطلقت رصاصًا تكلفته عشرات الدولارات، فدفعت القبة الحديدية لإطلاق صواريخ تبلغ تكلفتها مئات آلاف الدولارات

الموقع الإلكتروني لصحيفة "معاريف" العبرية، حاول تفسير ماحدث بالقول إن حماس نفذت إطلاق النار لاختبار القبة الحديدية، ونسبت هذه التقديرات لمصدر عسكري لم تفصح عن هويته، ثم تراجعت وحذفت النبأ؛ ربما استجابة للرقابة العسكرية، لكن بيان جيش الاحتلال أكد أنه يحقق في السبب الذي أدى لانطلاق صافرات الإنذار وصواريخ القبة الحديدية.

اقرأ/ي أيضًا: الردع الإسرائيلي في لبنان بدده القسام في بير نبالا

بلا شك، فإن تحليل المعطيات التي نشرتها مصادر إسرائيلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو وسائل الإعلام، يشير إلى أن كتائب القسام نجحت ليس فقط في اختبار جهوزية منظومة القبة الحديدية، ومنظومة الإنذار، بل تأكدت من قدرتها على خداع تلك المنظومة خلال الحرب المقبلة، واستثمار ذلك في توفير التمويه والغطاء لخلايا إطلاق الصواريخ، وفي الوقت ذاته استنزاف قدرات القبة وذخيرتها، وتوسيع دائرة التوتر العصبي، وشل الحياة  في صفوف المستوطنين.

التجربة من ناحية كتائب القسام لم تكن مكلفة، ثمن وابل الرصاص الذي أطلق لا يتجاوز عشرات الدولارت، فيما تجاوز عدد صواريخ القبة خمسة صواريخ. يقول إيلان بيتون، القائد السابق لمنظومة "الدفاع الجوي" الإسرائيلي، إنه بالإمكان القول أن ثمن تشغيل منظومة القبة الحديدة بالأمس تجاوز مئات آلاف الدولارات، ويتوقف ذلك على عدد الصورايخ التي تم إطلاقها.

كتائب القسام، ومن أجل منع نشوء سوء فهم يقود لمواجهة يسقط فيها ضحايا، استبقت عملية اختبار القبة الحديدية بالإعلان عن مناورة عسكرية سيُسمع فيها أصوات انفجارات، وسارعت لنفي شن هجمات بطرق غير مباشرة عبر نداءت اللاسلكي، كما ذكرت مصادر إعلامية عبرية.

في الحروب السابقة التي شنها الاحتلال على غزة، دفعت المقاومة ثمنًا باهظًا لتحقيق مبدأ إدامة الزخم وتوسيع دائرة المستوطنات التي تدخل للملاجىء بعد انطلاق صافرات الإنذار، وذلك من خلال إطلاق الصورايخ، فكانت تخسر ذخائر ومقاتلين لتحقيق هذه الغاية، ولكن مناورة القسام الأخيرة، أظهرت أن من يضعون الخطط في المقاومة تنبهوا لذلك.

أصبحت كتائب القسام قادرة على إدخال عشرات آلاف المستوطنين إلى الملاجئ لوقت طويل دون أن تدفع ثمنًا باهظًا لذلك

رصاص الدوشكا الذي أطلقته كتائب القسام الليلة الماضية، أدخل إلى الملاجئ، 57 مستوطنة في "غلاف غزة" يسكنها 27 ألف مستوطن، والمجلس الإقليمي "بوابة النقب" المكون من 12 مستوطنة يسكنها 7500 مستوطن، إضافة لمجلس "حوف أشكلون" الذي يتكون من 22 مستوطنة يسكنها 16 ألف مستوطن.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو | عندما تبخرت مجنزرة إسرائيلية في حي الزيتون

ومما لا شك فيه، أن قتل مصداقية إنذارات القبة الحديدية في أوساط المستوطنين، سيدفعهم لعدم الاستجابة لتك الإنذارات بشكل دائم، وهذا قد يؤدي لسقوط بعضهم.

قسم التخطيط لدى القسام سيدرس نتائج المناورة المتعلقة بالقبة الحديدية، وإحداثيات إطلاق النار، وبناء عليها سيرسم خططه لإدخال أكبر عدد ممكن من المستوطنين إلى الملاجىء خلال فترات زمنية متقاربة، مما سيضاعف حالة التوتر النفسي ويعمق الإحباط في المواجهة المقبلة، لدفع المستوطنين إلى الإعراب عن تذمرهم.

وسيكون بإمكان المقاومة بناء مرابض مموهة، لا تكلفها كثيرًا، مقارنة بمرابض إطلاق الصواريخ، يُمكن من خلالها تشغيل رشاشات الدوشكا آليًا لاستنزاف القبة الحديدية، والتمويه على مرابط إطلاق الصواريخ، بينما سيكلف إسكات هذه الرشاشات الاحتلال نفس كلفة مرابض الصواريخ.

في المقابل، فإن جيش الاحتلال سيصل دون شك الليل بالنهار لسد هذه الثغرة، فهو يدرك خطورة خداع القبة الحديدية، ليس فقط في المواجهة مع المقاومة، بل خطورتها أيضًا على سمعة صناعاته العسكرية. يذكر جيش الاحتلال أن تفجير أول دبابة ميركفا دفع الهند للتراجع عن شرائها.

في الوقت ذاته، يدرك قادة جيش الاحتلال أن كشف القسام عن هذه المفاجأة يعني امتلاكه مفاجآت أخرى في نفس الاتجاه، ويعني أيضًا أنه أراد إيصال رسالة هامة تستحق الكشف عن قدرته على خداع القبة الحديدة واستنزافها.

وكان الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيده أعلن عن نجاح المناورات العسكرية للكتائب، وقال إنها تضمنت سيناريوهات عسكرية للتصدي لأي عدوان من جيش الاحتلال، برًا وجوًا وبحرًا، محذرًا الاحتلال من أي عدوان على قطاع غزة.


اقرأ/ي أيضًا:

في هذه الحالة ستندلع الحرب في غزة.. رؤية إسرائيلية

فيديو | كيف تلقت إسرائيل إخفاق جيشها في حرب غزة؟

المقاومون في الضفة أصبحوا محترفين.. تحليل إسرائيلي