17-سبتمبر-2018

صورة توضيحية من أرشيف gettyomages -

منذ أكثر من أسبوع لم يذهب أطفال أكثر من 30 عائلة من بلدة يطا جنوب الخليل إلى مدارسهم، وبدلاً من ذلك لا زالوا وعائلاتهم يبحثون عن مكان يأويهم بعد أن تم ترحيلهم من بلدتهم بقرار عشائري عقب شجار عائلي تخلله إطلاق نارٍ وأسفر عن مقتل شاب.

200 شخص من الأطفال والشباب والنساء وكبار السن، يتنقلون بين المحافظات الفلسطينية، إلى أن وصلوا قبل أيام من جنوب الضفة الغربية إلى شمالها. بعد أن رفضت عددٌ من قرى محافظة الخليل والمناطق المجاورة ليطا، استقبالهم، ما دفعهم للخروج منها وصولًا إلى محافظة جنين، حيث عُقدت جلسات واجتماعات في عدد من البلدات والقرى للتشاور حول استقبالهم أو لا.

200 شخص بينهم أطفال ونساء وكبار سن من يطا لا يجدون مكانًا للإقامة بعد تهجيرهم بقرار عشائري إثر شجار عائلي

في قباطية جنوب جنين ، عُقد مساء الأحد، اجتماع ضم كبار عائلات البلدة للتشاور في هذه القضية، تحديدًا أن "المُهجرين" يطالبون بالبقاء في قباطية وعدم العودة إلى بلدتهم.

اقرأ/ي أيضًا: قتيل وحرق منازل بشجار عائلي في يطا

وقال رئيس بلدية قباطية بلال عساف لـ الترا فلسطين: "ليس من شيمنا أن نرفض استقبال ضيف لجأ إلينا، ولكن القضية معقدة ولها أبعاد في المستقبل" مضيفًا، أن رفض استقبالهم صعب وقبولهم أصعب.

وبيّن عساف أن أهالي البلدة استقبلوا قسمًا كبيرًا من "المُهجّرين"، ووفروا لهم المأوى والاحتياجات الأساسية، وأن النقاش في البلدة الآن يدور حول بقائهم في البلدة أم لا، "فهم يقولون داخلين طنيبين على قباطية، بمعنى أنهم يريدون العيش والبقاء هنا ولا يريدون العودة إلى يطا، القضية غير سهلة" كما يقول.

وأوضح أن بلدية قباطية تواصلت مع بلديات الخليل لحل مشكلتهم، فأخبرتهم أنهم طلبوا من العائلات الرحيل "بشكل مؤقت" حتى حل المشكلة، ولم يطلبوا منهم عدم العودة، إلا أن العائلات المهجّرة تقول إنهم طالبوهم بعدم العودة إلى يطا، وأنهم لن يعودوا ويبحثون عن مكان للإقامة بشكل دائم.

المُهجرون من يطا لا يريدون العودة لمساكنهم بعد فض الخلاف، وقباطية تخاف من تبعات ذلك مستقبلاً

وقال بلال عساف، "دخولهم طنيبين علينا جعل الموضوع يتجه إلى منحنى مختلف، نحن نتحدث عن أكثر من 200 نسمة، يحملون عادات وتقاليد مختلفة كليًا عنا، في حال عاشوا بيننا هناك احتمالية أن ينخرطوا ولكن الاحتمال الأكبر أن لا يفعلوا، وهذا سيسبب مشاكل بين أولادنا وأولادهم".

اقرأ/ي أيضًا: إجلاء العائلات: تهجير قسري يطال أبرياء

وأضاف، أن أهالي بلدة قباطية لديهم تخوّف في حال قبلوا بقاء هذه العائلات وفقًا لطلبهم، "أن تصبح البلدة في المستقبل مأوىً لكل قاتل، خاصة أن القاتل في جريمة يطا غير معروف حتى اللحظة، ومن الممكن أن يكون موجودًا بيننا" وفقًا لعساف.

وأشار عساف إلى أنه يرحب بهم في البلدة حتى تنتهي مشاكلهم، مطالبًا الأجهزة الأمنية والسلطة التدخل لحلها ومساعدة هذه العائلات بالعودة إلى بيوتهم، "لا أحد يهجّر إلا الاحتلال، ما يحدث هنا يذكرنا بالنكبة".

سألنا الخبير القانوني ماجد العاروري حول هذه القضية، فأوضح لنا بأن عمليات الإجلاء على خلفية جرائم القتل "تعتبر جريمة تهجير قسري"، كونه يتم نقل سكان من مناطق سكنهم بصورة قسرية وبقرار يصدر من السلطة القضائية العشائرية، ويتم في ظل تقصير تام من السلطة الرسمية ناتج عن امتناعها عن القيام بواجبها في منع عمليات الترحيل القسرية، "بل أحيانًا يتورط بعض أفرادها ومؤسساتها في هذه القرارات".

خبير قانوني: الإجلاء على خلفية جرائم القتل تعتبر جريمة تهجير قسري وتُخالف القانون الأساسي الفلسطيني

وأضاف العاروري، أن هذه جريمة تخالف المادة (15) من القانون الأساسي الفلسطيني الذي ينص على أن عقوبة الجريمة شخصية وتُمنع العقوبات الجماعية، كما تخالف أبسط قواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي، داعيًا السلطة الفلسطينية والمؤسسات المحلية كالمحافظات والبلديات لمتابعة قضايا المهجّرين ورعايتهم واستيعاب العائلات وضمان كافة احتياجاتهم الأساسية، إلى أن يتم ضمان إعادتهم بسلام إلى منازلهم.

وحصل الترا فلسطين - مساء الإثنين - على بيانٍ حول تطوّرات هذه القضية، بعد تدخل أساتذة جامعات لحل الأزمة، ورد فيه أنه تقرر السماح بعودة العائلات المهجرة إلى يطا، لكن ليس إلى "مناطق الاحتكاك" وهي المناطق القريبة من سكنهم أصلاً، "وذلك حرصًا على الأطفال والنساء والأعراض" وفق ما ورد في البيان.

وأعلن آل شناران - أهل القتيل - في البيان ذاته عن قبولهم "فتح باب التوبة لمريديه وفق القواعد العشائرية المعمول بها حسب الأصول.

وتعود هذه القضية إلى الشجار الذي وقع في يطا يوم السبت بتاريخ 8 أيلول/سبتمبر الجاري، وتخلله إطلاق نار وحرق سيارات ومحلات تجارية ومنازل لأكثر من ساعة، وأسفر عن مقتل الشاب طاهر أحمد شناران (26 عامًا) وإصابة ثلاثة آخرين على الأقل.


اقرأ/ي أيضًا: 

الترحيل: عقاب جماعي خارج نطاق القانون

غزة: القضاء العشائري رديفًا للمحاكم.. فهل نجح؟

"التشميس".. كل واحد ذنبه ع جنبه