يحاول المعلقون العسكريون الإسرائيليون سوق المبررات لتخفيف وطأة فشل جنود الاحتلال والحراس، على المستوطنين في مستوطنة "هار أدار" المقامة غرب القدس، بعد أن شاهدوا بأعينهم جنودهم المزودين ببنادق آلية متطورة يتساقطون قتلى برصاص سلاح متهالك أطلقه شاب فلسطيني بمفرده، غير أن المعلقين ذاتهم عجزوا عن إخفاء ذهولهم من العملية النوعية من حيث تنفيذها وشخصية منفذها أيضًا.
عملية قطنة، يتجاوز تأثيرها السيكولوجي تذكير المستوطنين أن أمنهم الشخصي قد يتعرض للخطر في أي لحظة من قبل مهاجم منفرد كما يحدث في غالبية العمليات. فالعملية التي أودت بحياة ثلاثة جنود بددت أيضًا شعور المستوطنين بقوة خط الدفاع الأول عنهم، فالجنود كانوا داخل الثكنة المحصنة والمعدة للتصدي لهجوم تنفذه مجموعة مسلحة ببنادق آلية وقنابل، لكنهم ظهروا في موقف ضعف يحتاجون فيه إلى الحماية من مهاجم منفرد ولا يستطيعون توفيرها لأحد.
عملية نمر الجمل بددت إحساس المستوطنين بقوة خط الدفاع الأول عنهم، عندما شاهدوا جنودهم يتساقطون داخل ثكنتهم المحصنة برصاص سلاح متهالك أطلقه مهاجم منفرد
نجاح الجمل خلال عدة ثواني في الإجهاز على ثلاثة جنود وإصابة رابع بجروح خطيرة، من مسافة صفر، وبأربع رصاصات، يؤكد أن الشهيد تدرب جيدًا على إطلاق النار، وأن خطته لم تكن وليدة اللحظة، وأن حالة الارتباك التي شلّت حركة الجنود دفعوا ثمنها حياتهم.
اقرأ/ي أيضًا: عملية فدائية قرب القدس: شهيد و3 قتلى من جنود الاحتلال
ووفقًا لمصادر إسرائيلية، فإن الفدائي النمر كان متوجها كعادته إلى المدخل الخلفي لمستوطنة "هار أدار"، حيث يجري إدخال العمال من حاملي التصاريح للمكان، من أجل الدخول للقدس ومنها إلى أراضي 48. ونقلت المصادر عن شهود عيان قولهم إن النمر لم يكن مرتبكًا على الإطلاق، رغم أن المسافة التي فصلته عن الجنود لا تتجاوز 3 أمتار فقط.
وتضيف المصادر، أن جميع الإصابات كانت في الصدر، وأن هذه المهارات لا توجد إلا لدى حراس شخصيات أمنية أو وحدات النخب، ما يجعل العملية أصعب ما تتعرض له إسرائيل منذ عدة أشهر.
والشهيد نمر الجمل (37 عامًا) من بيت سوريك قرب القدس، أب لأربعة أطفال، ويعمل في الأراضي المحتلة بتصريح رسمي، وقد اعتقل الاحتلال شقيقه بعد اقتحام منزل العائلة إثر ساعات من العملية.
التقييم الأولي الهادئ، لأداء لجنود الاحتلال خلال عملية النمر، أثار قلق المستوطنين وطرح تساؤلات حول خط الدفاع الأول عن الجنود الذي يعتبرون خط الدفاع الأول للمستوطنين. والقصد هنا، إخفاق جهاز المخابرات "الشاباك" الذي سمح بإصدار تصريح للفدائي، وهذا يعني فشله في رسم ملامح شخصية نمر الجمل، والعجز عن كشف أن الشهيد يمتلك سلاحًا، وأنه تدرب على استخدامه لدرجة الإتقان، وهذا كله يأتي بعد إطلاق كمية كبيرة من الرصاص في العراء.
رصاصات الشهيد الجمل، أصابت أيضًا المشروع الذي ينفذه منسق أعمال حكومة الاحتلال، اللواء يؤآف مردخاي، في الضفة الغربية، والذي يقوم على إقصاء الفلسطينيين عن مقاومة الاحتلال من خلال دفعهم إلى العمل في المستوطنات وداخل الخط الأخضر.
"الشاباك" فشل في رسم ملامح شخصية الفدائي النمر، فمنحه تصريحًا للعمل في أراضي 48، وعجز عن كشف امتلاكه سلاحًا وتدربه عليه لوقت طويل حتى أصبح قادرًا على تنفيذ عمليته
ويأتي هذا الفشل بعد أيام فقط، من تقرير نشرته صحيفة مكور ريشون العبرية عنه، وترجمه "ألترا فلسطين"، وصفته فيه برجل العام العبري المنصرم، والرئيس الفعلي للسلطة الفلسطينية، وأسهمت خلاله في استعراض مفاصل مشروعه في الضفة الغربية، فالت: "الرفاه الاقتصادي وتحسين جودة الحياة ستقود لتقليص الحوداث الإرهابية، وهذه السياسة في غاية الانسجام مع حلم الملياردير منيب المصري المتطلع نحو مجتمع فلسطيني يرتكز على العمل والحياة الجديدة".
وكانت مصادر إسرائيلية قالت إن العمليات التي نفذها مقاومون فلسطينيون منذ مطلع عام 2017 الجاري، أسفرت عن مصرع 17 إسرائيليًا، بينهم 13 جنديًا، والبقية مستوطنين.
اقرأ/ي أيضًا:
صحيفة عبرية: "المنسق" هو الرئيس الفلسطيني وروابي من ثماره
كيف بررت إسرائيل هروب جنودها في جبل المكبر