20-نوفمبر-2023
بنك الجلد الإسرائيلي وسرقة الأعضاء من الشهداء

تسعى "إسرائيل" للسيطرة على جسد الفلسطيني في حياته وموته، إذ تتحكم في جسد الفلسطيني طوال سنوات حياته، وعند استشهاده، فإنها تعمل على "تجميد موته"، وسرقة أعضاء جسده، بما في ذلك جلده، الذي تستخدمه دولة الاحتلال، في ترميم إصابات جنودها.

ويتكشف واقع سرقة الجلد والأعضاء من جثامين الشهداء، على هامش التقارير التي تصدر من "إسرائيل". ووفقًا لتقرير قامت عليه لجنة زرع الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية نهاية عام 2007، ظهر أن "إسرائيل"، تحتل المرتبة 33 من أصل 55 دولة أوروبية بزرع الأعضاء نسبة إلى عدد السكان. ولكنّ في ذات التقرير جاءت "إسرائيل" بالدرجة 18 نسبة إلى عمليات زراعة القلب، الذي لا يمكن أخذه إلا من شخص ميت. وتحتل "إسرائيل" المرتبة الثالثة في رفض التبرع بالأعضاء. لكنّ هذه المعطيات تكون مثيرة للصدمة، بالنظر، لتأكيد الطبيبة الإسرائيلية ملكا شاآوت أن "بنك الجلد الإسرائيلي" الذي تديره، هو الأكبر بالعالم. وتتعمق الصدمة عندما تظهر شهادات أطباء المعهد العدلي الاسرائيلي حول انتزاع أعضاء من جثامين الفلسطينيين.

تم تأسيس بنك الجلد الإسرائيلي عام 1985، واعتمد بشكلٍ أساسي على نزع جلد الشهداء من الفلسطينيين

ويصل احتياطي "إسرائيل"، من "الجلد البشري" إلى 170 مترًا مربعًا، وهي محفوظة في "بنك الجلد الإسرائيلي" الذي أقيم عام 1985، وكان المزود الرئيسي له معهد الطب العدلي الإسرائيلي بالقدس المحتلة.

وبحسب الصحفي الإسرائيلي، غاي مروز، فإن بنك الجلد، الذي من المفترض، أن يخدم الجمهور الإسرائيلي "حال وقوع كارثة أو اندلاع حرب" هو خير دليل، على الاستخدام الواسع، للأعضاء التي يتم انتزاعها من جثث أشخاص، ليس بإمكان أحد "الحديث باسمهم"، على حدِّ تعبيره.

وتقول البروفيسورة مئيرة فايس، التي عملت بالسابق في معهد الطب العدلي الإسرائيلي، "لقد أجريت مقابلة مع مدير معهد الطب العدلي الذي كان قبل يهودا هس، وقال لي إنه تم التوجه إليه، وانهم ضغطوا عليه كثيرًا، من أجل أن يوافق، لكي يكون المعهد، مصدرًا لبنك الجلد الذي سيتم تأسيسه، ولكنه رفض"، وأضاف: "أنه رفضه المشروع، كان وراء إقالته من المنصب، فيما وافق المدير الجديد للمعهد، على نزع الجلد، من أجل مشروع بنك الجلد الإسرائيلي".

وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أورلي فلنائي، أن "استخدام جثث الجنود بهدف الحصول على الجلد، تم فقط في حالات استثنائية، وغالبية الأعضاء التي تم انتزاعها داخل المعهد تم أخذها من أشخاص آخرين، وليس بالضرورة إسرائيليين، وهذا المعلومات كان من المهم بالنسبة للمنظومة التعتيم عليها".

وتُقر فايس، بأنه تم أخذ الأعضاء من جثامين الفلسطينيين عندما كانت تعمل بالمعهد، قائلةً: "في السنوات التي كنت فيها هناك، تم أخذ الأعضاء من جثث، وتم نقلها إلى بنوك أعضاء متعددة في البلاد، بالإضافة إلى كل المهام الملقاة على المعهد العدلي، فإن المعهد يزود الأعضاء البشرية إلى بنك الجلد اسرائيل، الذي كان في الواقع بنك الجلد التابع للجيش الإسرائيلي، ولكنهم لم يأخذوا أي أعضاء من الجنود، ولكنّ كانوا يأخذون من الآخرين، وفي فترات محددة تم أخذ الأعضاء من الفلسطينيين، وبعد ذلك من المهاجرين الجدد، ثم من العمال الأجانب، أي ممن لن يلاحظ الأمر عليهم".

وتجدر الإشارة، إلى أن ظاهرة جلب العمال الأجانب إلى "إسرائيل"، برزت في مطلع عقد التسعينات، بعد فرض سياسة الإغلاق بالضفة الغربية وما نجم عن ذلك من منع العمال الفلسطينيين الدخول إلى "إسرائيل". 

وبناء على ذلك، بالإمكان الاستنتاج أن "بنك الجلد الإسرائيلي"، اعتمد بشكل أساسي على انتزاع الجلد من الفلسطينيين، فالبنك تأسس عام 1985، وتؤكد الطبيبة الإسرائيلية أن غالبية "الجلد" كان يصل من معهد الطب العدلي، مشيرةً إلى أن نسبة المتبرعين اليهود بالأعضاء تكاد تصل إلى صفر.

ومهما تكن نسبة الوفاة في أوساط العمال الأجانب في "إسرائيل"، فإنه لم تتجاوز المعدلات الطبيعة، وأيضا غالبية العمال وصلوا إلى "إسرائيل" عبر عقود عمل كانت تشرف عليها دولهم، وفي حال الوفاة كان يتم إرجاع الجثة إلى موطنهم، وانتزاع أي عضو من الجثة، في مثل هكذا حالة، سيكون من السهل كشفه.

وكانت "إسرائيل" تحرص على مدار عقود، وخلال الانتفاضة الأولى والثانية، على الاحتفاظ بجثث شهداء عرب وفلسطينيين وتمنع عن تسليمهم إلى ذويهم دون أن تقدم أي مبرر لذلك. وأعدت لذلك مقابر يطلق عليها في فلسطين مصطلح "مقابر الأرقام". وأحد هذه المقابر دفن فيها 500 شهيد عربي وفلسطيني قضوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982، أمّا المقبرة الواقعة بين أريحا وجسر دامية فقد دفن فيها أكثر من 100 شهيد، ودفن في مقبرة أخرى شمال طبريا في قرية وادي الحمام أكثر من 50 شهيدًا.

وبالنظر إلى شهادة، أدلى بها مدير الطب العدلي الإسرائيلي السابق يهودا فايس، قبل نحو شهرين، بالإمكان الاستنتاج أن جثث أولئك الشهداء تم انتزاع الأعضاء منها، وتحويلها إلى بنوك الأعضاء الإسرائيلية.

ويعترف رئيس المعهد العدلي الإسرائيلي يهودا هس، أنه انتزع أعضاء من جثامين الفلسطينيين، قائلًا: "لقد أخذت أنسجة وأعضاء، من جثث خضعت للتشريح، وهذا لم يكن مهمًا، إذا كان الأمر يتعلق في عمال أجانب أو فلسطينيين، غالبية جنود الجيش [الإسرائيلي] لم يتم تشريحهم، لأنه لم يطلب ذلك، وعندما لا يتم إجراء تشريح، لا يتم أخذ أنسجة أو أعضاء".