25-نوفمبر-2019

منذ 7 سنوات، ينتظر المرشد السياحي من بيت لحم سعيد العصا، حصوله على تصريح إسرائيلي يُتيح له دخول مدن الخط الأخضر، ليتمكن من مرافقة المجموعات السياحية في غير بيت لحم التي يزورها السواح لساعاتٍ قليلة، بينما يُتاح لعشرات المرشدين السياحيين الإسرائيليين دخول مدينة بيت لحم ذاتها شهريًا، ومرافقة السواح في كنيسة المهد، وغيرها من معالم المدينة المهمة.

مرشدون إسرائيليون في كنيسة المهد وبيت لحم، والمرشدون الفلسطينيون ممنوعون من دخول الخط الأخضر

وبحسب مرشدين فلسطينيين، فقد زاد عدد نظرائهم الإسرائيليين في مدينة بيت لحم، ما أدى إلى تراجع أعداد المرشدين الفلسطينيين الذين يؤكدون أن عملهم لم يعد مُجديًا، خاصة مع غياب "التدخل المُنصف" من قِبل وزارة السياحة أو الجهات الرسمية الفلسطينية التي لا تمانع بأن يترزق المرشد السياحي الإسرائيلي من المدينة الفلسطينية المحاصرة بالمستوطنات والحواجز على حساب أبناء المدينة، ودون اتخاذ إجراءات من شأنها دعم المرشد السياحي الفلسطيني.

اقرأ/ي أيضًا: سياحة في مستوطنات الضفة

تنفي وزارة السياحة والآثار لـ الترا فلسطين عبر الناطق الرسمي باسمها جريس قمصية، تقلص أعداد المرشدين الفلسطينيين وزيادة عدد المرشدين الإسرائيليين العاملين في بيت لحم، وفي الوقت ذاته يوضح أن "إسرائيل" ترفض منح المرشدين الفلسطينيين تصاريح عمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وعددهم قرابة 350 مرشدًا، وتكتفي بمنح 50 منهم تصاريح عمل، رغم أنهم مصنفون وفق تصنيفات وزارة السياحة الفلسطينية أدلاء(Genral)  أي يمكن لهم العمل داخل أراضي عام 1948".

ينص بروتوكول باريس -الملحق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو- على السماح للعاملين في قطاع السياحة التنقل بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لكن ما يحدث في الواقع أن السلطة الفلسطينية تلتزم بهذا الاتفاق، بينما تُدير "إسرائيل" ظهرها له.

يؤكد قمصية، أن شرطة السياحة الموجودة دائمًا في كنيسة المهد، كشفت بعض المرشدين الإسرائيليين الذين يقمون رواية غير صحيحة عن بيت لحم، مضيفًا، "حصل مرارًا أنه تم إيقاف هؤلاء المرشدين ومنعهم من مرافقة المجموعات السياحية في بيت لحم".

شرطة السياحة كشفت مرشدين إسرائيليين في كنيسة المهد يقدمون رواية غير صحيحة عن بيت لحم للسياح

حسب متابعتنا، فإن شرطة السياحة تتمركز عند مدخلي كنيسة المهد، أما بقية تحركات السياح مع المرشد الإسرائيلي فإنها لا تخضع لأية رقابة على المعلومات التي يُمررها المرشدون الإسرائيليون عن تاريخ فلسطين وأحيانًا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما أكده لنا ماهر أبو غنام، الذي يعمل سائق حافلة سياحية، إذ أفاد بأن مرشدًا إسرائيليًا هاجم الفلسطينيين بشدة أثناء شرحه لوفد أجنبي جاء للسياحة الدينية في بيت لحم.

اقرأ/ي أيضًا: صور | رحلة إلى بيت لحم.. عجائب فلسطينية

تعوض وزارة السياحة، منع المرشدين الفلسطينيين من دخول الخط الأخضر والقدس، بالتعاون مع مرشدين من القدس أو من فلسطينيي 48، تصل إليهم من خلال نقابة المرشدين العرب في مدينة القدس.

يقول رئيس النقابة يوسف عيدة، إن مكاتب السياحة الإسرائيلية أيضًا تستعين أحيانًا بمرشد سياحي فلسطيني ليكون مع المجموعة في حال عدم وجود مرشد إسرائيلي، أو في حال كان مرشدها الإسرائيلي غير مرخص له لدخول كنيسة المهد. 

بالإضافة إلى مدينة بيت لحم، توجد في جارتيها بيت ساحور وبيت جالا العديد من المكاتب السياحية التي تجلب السواح، وتوفر فرص عمل للمرشدين السياحيين الفلسطينيين، لكن ما يحدث، بحسب قمصية، أن هناك مكاتب سياحة إسرائيلية في مدن القدس والناصرة و"تل أبيب" وغيرها تجلب السواح، وتُدرج اسم بيت لحم على قائمة الأماكن المنوي زيارتها، "ومن الطبيعي" أنها توّفر مرشدًا سياحيًا إسرائيليًا لمرافقة المجموعات التي تجلبها، أما المكاتب الفلسطينية فتستعين بمرشد فلسطيني.

علم الترا فلسطين من مرشدين سياحيين فلسطينيين، أن عددًا من مكاتب وشركات السياحة الفلسطينية في بيت لحم بل ومحلات التحف الشرقية أو ما تُسمى "السنتواري" تُفضل إحضار مرشد سياحي إسرائيلي على توفير مرشد فلسطيني، والسبب أن أغلب المرشدين الفلسطينيين ممنوعون بقرارٍ إسرائيليٍ من دخول مدن الخط الأخضر.

مرشدون فلسطينيون: شركات سياحة فلسطينية ومحلات "سنتواري" تتعامل مع مرشدين إسرائيليين

يقول المرشد السياحي سعيد العصا: "تسعى بعض المكاتب والشركات الفلسطينية للربح ولا تقلق حيال رزق ودعم المرشد الفلسطيني، فإذا اعتمدت مرشدًا فلسطينيًا للعمل مع المجموعة في بيت لحم، وآخر إسرائيلي للعمل في الخط الأخضر، فإنها ستتحمل كلفة الدفع لمرشديين، لذا هي تختصر الأمر على نفسها وتعتمد الإسرائيلي، وهذا ينطبق على محلات التحف الشرقية التي تشتري جروبات سياحية لتأتي إلى محلاتها وتشتري".

اقرأ/ي أيضًا: فوضى السوق السياحي.. سمسرة وشركات وهمية

ويضيف، "مشكلتنا تكمن مع رفض الاحتلال منح تصاريح جديدة للمرشدين الفلسطينيين المصنفين من قبلنا بالعام، أي يسمح الدخول لهم للخط الأخضر، فهناك 40 مرشدًا يملكون التصاريح من قبل انتفاضة الأقصى، والـ10 الباقين منحتهم إسرائيل التصاريح بعدها بأعوام".

قصدنا بعض أشهر المكاتب السياحية الفلسطينية في مدينة بيت لحم لمحاولة التأكد من هذه المعلومات، لكن لم نحصل على إجابات. في أحد المكاتب، عندما علمت المديرة بوجود صحافة عند السكرتاريا صاحت من مكتبها:  "إيش يا حبيبتي إحنا مش معنيين بالصحافة".

أصحاب محلات "السنتواري" أيضًا رفضوا التعاون معنا بهذا الخصوص، أحدهم رحّب بنا ظنًا أننا زبائن، لكن عندما علم بهويتنا المهنية ودعنا عن الباب.

يؤكد قمصية، أن وزارة السياحة لا تستطيع منع المرشد السياحي الإسرائيلي من دخول فلسطين، وليست وظيفتها منعه، مضيفًا، "ليس لدينا مشكلة مع المرشد الإسرائيلي مادام يحمل رخصة مرشد، والحالات الوحيدة لمنعه هي انتهاء رخصته وعدم تجديدها".

وزارة السياحة: لا نستطيع منع المرشد السياحي الإسرائيلي من الدخول، وليس لدينا مشكلة معه مادام يحمل رخصة

ويُصر قمصية على أن الأوضاع الوظيفية للمرشدين الفلسطينيين جيدة قائلاً: "لا يوجد مرشد بدون عمل وعمل المرشدين الفلسطينيين جيد".

يتعارض ذلك مع ما يقوله المرشدون الفلسطينيون. أحدهم غسان الطوس الذي يعمل مرشدًا سياحيًا منذ 9 سنوات، وهو يؤكد أن مشكلة المرشدين الفلسطينيين تكمن في "تخلي الجهات الرسمية الحكومية المختصة عن دعمهم، فهي تسمح لهم بدخول الضفة في حين تمنع إسرائيل المرشدين الفلسطينيين من دخول الخط الأخضر" كما يقول.

وطالب الطوس، وزارة السياحة بأن "تُحارب من أجل الحصول على تصاريح وتقنين دخول المرشدين الإسرائيليين للضفة"، مضيفًا، "المسألة لا تتوقف عند العمل والوظيفة الربحية، نحن نواجه مشكلة تصحيح المعلومات للسياح الذين تتكرر زياراتهم لبيت لحم، فهم يتعرضون لمعلومات مغلوطة من مرشدين إسرائيليين تسمح لهم السلطة بدخول بيت لحم، في زياراتٍ لا تتعدى ساعتين".


اقرأ/ي أيضًا: 

الحياة تعود لقصر عمره 600 عام ويصبح فندقًا

سياح من الصين في القدس يتشربون رواية "إسرائيل"