06-مايو-2023
جرائم القتل في الداخل: التسريبات والمناكفات توضح دور الشرطة

الترا فلسطين | فريق التحرير

توالت في الشهور الماضية المؤشرات من داخل أجهزة الاحتلال وصحافته، حول تقاعس مقصود في التعامل مع جرائم القتل بين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وهي التهمة التي ما انفك النشطاء والأحزاب في الداخل يوجهونها لشرطة الاحتلال. في هذا المقال يرصد الترا فلسطين تسريبات ومناكفات بين أطراف سياسية وأمنية إسرائيلية، خرجت إلى العلن في وسائل الإعلام، لتؤكد حقيقة دور الشرطة الذي أدى إلى اتساع حجم الجريمة في الداخل.

عومر بارليف: "الشرطة ذات الشرطة وقائدها العام ذاته أيضًا، وعدد رجال الشرطة نفسه. الوزراء ورؤساء الحكومات الإسرائيلية لا يعنيهم مسألة أن يقتل العرب العرب. إن بن غفير يقول لنفسه هذا لا يعنيني أن يقتل العرب عربًا"

ومنذ بداية عام 2023، حتى نشر هذا المقال، صبيحة يوم السبت 6 أيار/مايو، يكون المجتمع العربي في الداخل قد شهد 70 جريمة قتل، من بينها 62 جريمة إطلاق نار، وهذا الرقم يزيد عن ضعف ما تم تسجيله من جرائم خلال الفترة ذاتها من عام 2022.

وخلال الأسبوع الماضي، طلبت إذاعة جيش الاحتلال من وزير الأمن الداخلي السابق عومر بارليف، تفسير تضاعف جرائم القتل بين فلسطينيي الداخل، ليرد بارليف بتحميل خليفته في المنصب ايتمار بن غفير المسؤولية عن هذه الحالة. يقول بارليف: الشرطة ذات الشرطة وقائدها العام ذاته أيضًا، وعدد رجال الشرطة نفسه. الوزراء ورؤساء الحكومات الإسرائيلية لا يعنيهم مسألة أن يقتل العرب العرب. إن بن غفير يقول لنفسه هذا لا يعنيني أن يقتل العرب عربًا".

وادعى بارليف أنه وضع خطة لمحاربة جرائم القتل بين الفلسطينيي الداخل، لاعتقاده بأن الإجرام ليس له حدود يقف عندها، وأنه قد يغادر القرى الفلسطينية ليلحق الأذى باليهود. ويبدو من تصريحات بارليف هذه أن المشكلة لديه ليست في قتل العرب للعرب، وإنما في احتمالية تطور الأمر إلى جرائم يكون القتلى فيها من اليهود. وليس واضحًا لماذا لم يُنفذ بارليف خطته المزعومة، فخلال ولايته تم تسجيل 111 جريمة قتل في عام 2021، و109 جرائم قتل في عام 2022.

وقبل تصريحات عومر بارليف بشهر تقريبًا، بثت القناة 12 تسجيلاً صوتيًا لقائد شرطة الاحتلال كوبي شبتاي، يُعتقد أن ايتمار بن غفير هو من سربه، ورد فيه على لسان شبتاي عن جرائم القتل في المجتمع العربي: "ليس هناك شيء بالإمكان فعله، إنهم يقتلون بعضهم البعض، هذه هي طبيعتهم، وهذه هي عقلية العرب ".

ولم يتم نفي هذه التصريحات من شرطة الاحتلال، بل إن مسؤولين في الشرطة اتهموا بن غفير بتسجيل المحادثة وتسريبها، بسبب خلافات بينه وبين كوبي شبتاي، ما يؤكد تصريحات شبتاي، التي تعني بالضرورة إهمالاً من أعلى المستويات لهذه الجرائم.

هآرتس: كقاعدة عامة فيما يتعلق بجرائم القتل التي يكون ضحيتها فلسطينيين، لا تضع الشرطة الإسرائيلية يدها على القتلة، وفي معظم الحالات لا تقوم حتى باعتقال المشتبه بهم

وجاء هذا التسريب بعد وقت قصير من معطيات نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تؤكد الفارق الكبير في تعامل شرطة الاحتلال مع جرائم القتل التي تحدث في المجتمع العربي مقارنة بمثيلتها التي تحدث في الوسط اليهودي. وبحسب تقرير"هآرتس"، فإن الشرطة الإسرائيلية حلت أقل من 5% فقط من ألغاز جرائم القتل في المجتمع العربي منذ بداية 2023، لكن في المقابل حلت أكثر من 83% من جرائم القتل بين اليهود، وبعض الجرائم التي لم يتم حلها توصلت التحقيقات إلى مشتبه بهم.

وأضافت "هآرتس"، أنه وكقاعدة عامة فيما يتعلق بجرائم القتل التي يكون ضحيتها فلسطينيين، لا تضع الشرطة الإسرائيلية يدها على القتلة، وفي معظم الحالات لا تقوم حتى باعتقال المشتبه بهم. وعندما نفذت "إحدى عائلات الإجرام من اللد" -وفق وصفه الإعلام العبري- عملية اغتيال احترافية لأحد قادة المافيا اليهود قبل نحو عام، لم يمر ستة أيام قبل اعتقال المتهمين بتنفيذها وتقديمهم للقضاء.

وفي السياق، يُظهر بحث الترا فلسطين، أنه عندما قُتل حارس منزل رئيس بلدية الطيبة في شهر نيسان/ابريل الماضي، وهو درزي خدم في جيش الاحتلال ومايزال في الخدمة الاحتياطية، ومن عائلة ملتزمة بالخدمة العسكرية، وصل ايتمار بن غفير، بخلاف العادة، إلى موقع الجريمة، وقال إنها "حادثة بالغة الصعوبة"، ووعد بالقبض على القتلة. وبالفعل، أعلن جهاز "الشاباك" توليه ملف التحقيق في الجريمة، وانتهى الأمر لاعتقال مشتبه بهم بإطلاق النار.

ومطلع العام الحالي، قال عضو الكنيست ألموغ كوهين، من حزب "القوة اليهودية" -يتزعمه ايتمار بن غفير- إن جهاز "الشاباك" يغض الطرف عن تجار السلاح والمخدرات من فلسطينيي الخط الأخضر، مقابل تقديمهم معلومات أمنية له. هذه التصريحات ليست بعيدة عن ما ورد في تسريب لقائد في شرطة الاحتلال عام 2021، حيث أكد أن كبار المجرمين في المجتمع العربي داخل الخط الأخضر هم "عملاء لجهاز الشاباك، ويحظون بحصانته، ولذلك لا تستطيع الشرطة الاقتراب منهم".

قائد في شرطة الاحتلال أكد عام 2021، أن كبار المجرمين في المجتمع العربي داخل الخط الأخضر هم "عملاء لجهاز الشاباك، ويحظون بحصانته، ولذلك لا تستطيع الشرطة الاقتراب منهم"

ولا يقتصر دور شرطة الاحتلال في هذه الجرائم على التقاعس في التحقيقات، بل يمتد إلى جمود كامل في التعامل مع التحريض على هذه الجرائم أيضًا. ففي منتصف نيسان/ابريل الماضي، لقي مقتل الناشط حمزة أبو غانم احتفاءً كبيرًا من موقع "الصوت اليهودي الإلكتروني، الذي استعرض نشاط أبو غانم الديني والشبابي، ودوره في هبة أيار/مايو 2021، ونشر صورة له برفقة الشيخ رائد صلاح، مؤسس الحركة الإسلامية في الداخل، وصورة أخرى برفقة محمد أبو طاهر جبارين، ورسم حول رأس محمد دائرة حمراء، واصفًا إياه بأنه "مؤسس الحراك الفحماوي"، في ما يمكن اعتباره تحريضًا على قتل محمد، وتشجيعًا لقتل حمزة كشخص يستحق القتل بسبب نشاطه الوطني والديني.

إلى جانب ذلك، أظهر تحقيق بعنوان "أفلام الجريمة الخاصة بالدولة" نشره موقع "زمان يسرائيل" بداية عام 2023، أن ملايين الإسرائيليين يشاهدون مقاطع فيديو توثق الهجمات والاعتقالات والمداهمات والعنف القومي اليهودي، بغضِّ النظر عن أوامر حظر النشر أو الرقابة على وسائل الإعلام، أو القوانين التي تحظر التشهير أو التحريض.

النصوص المصاحبة لمعظم مقاطع الفيديو تتسم بطابع تحريضي سافر وقومي متطرّف، حيث يتم عرض الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر (في الضفة والداخل) بشكل سلبي، وأحيانًا في قوالب نمطية عنصرية.