الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
خصص التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "قناة كان" تقريرًا مطوّلًا في أهمّ نشراته الإخبارية الأسبوعية للإجابة على تساؤل تمّ طرحه على جنرالات مخضرمين: هل كل شخص بإمكانه تولي وزارة الجيش؟
عسكريون إسرائيليون سابقون يحّذرون من تولي بتسلئيل سموتريتش حقيبة وزارة الجيش
حِدّة الإجابات التي جاءت على شكل تحذيرات تُعطي انطباعًا للمشاهد بأن القادة السّابقين في جيش الاحتلال الإسرائيليّ يرجحون إسناد رئيس الحكومة المكلّف بنيامين نتنياهو حقيبة الجيش لزعيم "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، لذلك بدا التقرير المطوّل وكأنه عملية عسكرية ينفّذها الجنرالات لإنقاذ الجيش من خطر داهم.
تستهل القناة الإسرائيلية تقريرها بالقول إنّ بتسلئيل سموتريتش يريد تولي حقيبة وزارة الجيش التي كان يتم إسنادها في الماضي لكبار الجنرالات مثل موشيه دايان، واسحاق رابين، وأرئيل شارون، ولكن أيضًا تولاها أشخاص لم يؤدوا الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش، مثل شمعون بيريز، وموشيه آرنز.
وطرح التقرير جملة من الأسئلة، بينها: هل رجلٌ قادمٌ من مدرسة دينية، التحق بالجيش في سنّ 28 عامًا، ملائم لشغل منصب وزير الجيش؟ هل الأيدلوجيا اليمينيّة المتطرفة بمقدورها إدارة وزارة الجيش المهمّة والحسّاسة، حياة البشر -على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي- متعلّقة به، ووزارة الجيش هي صاحبة الصلاحيات بكل ما يتعلق بالضفة الغربية. والتقرير الذي امتدّ لنحو 12 دقيقة، قام بطرح فرضيات على الجنرالات السابقين، ثم استبعادها بالتوالي انطلاقًا من استعراض أداء وزراء الجيش السابقين وخلفياتهم، ومستواهم الثقافي وتجاربهم العملية.
في المقابلات التي يتضمّنها التقرير، يصف عاموس جلعاد، رئيس الهيئة السياسية والأمنية السابق في وزارة الجيش، بتسلئيل سموتريتش، بالعنصري، ولفت إلى تصريحاته التي قال فيها: "إن المخرب اليهودي ليس مخرِّبًا لأنه يهودي"، والتي نزع فيها سموتريتش صفة الإرهاب عن منفذي عملية حرق عائلة دوابشة.
واختار رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء احتياط غيورا آيلند، لفت الانتباه إلى تناقض البرنامج السياسي لسموتريتش الذي تطلّع لتطبيقه مع السياسة العامة التي يطبقها الاحتلال فيما يتعلق بالملف الفلسطيني: "منذ 15 عامًا سياسة الأمر الواقع التي تطبقها دولة إسرائيل، هي تعزيز السلطة الفلسطينية، لكن سياسية سموتريتش، المستقاة من تصريحاته على عكس ذلك، فهو يسعى لتفكيك السلطة الفلسطينية، وتفكيك الإدارة المدنية (التابعة لجيش الاحتلال).
عاموس جلعاد: تولي بتسلئيل سموتريتش وزارة الجيش سيجعلنا في مواجهة متعددة الجبهات، مع الفلسطينيين، ومع الأمريكيين، ومع العالم
وعن تداعيات تولي بتسلئيل سموتريتش وزارة الجيش، يقول الجنرال احتياط في جيش الاحتلال عاموس جلعاد: "نحن سنتجه نحو مواجهة متعددة الجبهات، مع الفلسطينيين، ومع الأمريكيين، ومع العالم الحر. سموتريتش بخلاف الآخرين، بارّ بوعوده ولديه وفاء لكل كلمة أطلقها".
وعن خطورة شغل سموتريتش، لمنصب وزير الجيش يقول آيلند إنّ وزير الجيش يملك الكثير من الصلاحيات، وبمقدوره دفع الدولة إلى واقع لست واثقًا أن رئيس الحكومة المقبلة (بنيامين نتنياهو) يريد الوصول إليه.
وينفي عاموس جلعاد صحّة الافتراض بأن المنصب سيغيّر طبيعة بتسلئيل سموتريتش: "في النهاية الاختبار ليس ما يقول، وكل شيء سيتغير عندما يدخل سموتريتش، مكتب وزير الجيش هكذا يقولون، لكن في الواقع في حالة سموتريتش فإنه شخص لم يتردد في تنفيذ عملية إرهابية، لقد اعترضه جهاز الشاباك وهو في طريقه لتنفيذ عملية إرهابية، ولم يحاكم فقط لدواعي حساسية المعلومات الاستخبارية".
ويمضي موشيه يعلون الوزير السابق لجيش الاحتلال في نفي ذات الفرضية بالقول: "الأشخاص قد يغيّرون آراءهم مع نضوجهم، وهذا أمر في غاية الروعة، لكن هذا لم يحدث في حالة بتسلئيل سموتريتش، نحن نسمع أيدولوجيته ونسمع أقواله، هل نريد أن يقف على رأس وزارة الجيش شخصٌ يتجاهل الإرهاب اليهودي ويقول "إنه ليس إرهابًا؟"، إلى أين سنصل؟ إنهم في الواقع عبر الغمز يشجّعون عمليات "جباية الثمن" وتنفيذ أعمال انتقامية. أنا أسمع ذلك، وأراه في الانترنت.
ويسأل معدُّ التقرير الوزير الإسرائيلي السابق موشيه يعلون عن المهام الملقاة على عاتق وزير الجيش فيقول: "بين لحظة وأخرى يتوجّب عليك اتخاذ قرار بشأن تنفيذ عملية اغتيال من عدمها. في حال لم يتوفّر لدى وزير الجيش الفهم ومعرفة احتمالات النجاح من عدمها، وما نطاق الضرر الكامن في تنفيذ هذه العملية، وطرح الأسئلة الصحيحة بين الفينة والأخرى، فستخطئ، أنا لا أتحدث عن العمليات الخاصة التي تتطلب مصادقة خاصة، في حال عدم توفّر معرفة وخبرة عملية لوزير الجيش فإنه لن يكون قادرًا على طرح الأسئلة الصحيحة".
المُثار عن ملاءمة سموتريتش لمنصب وزير الجيش، لا يبدو متعلقًا بغياب خبرته العسكرية
ويقول معدّ التقرير الذي بثّه التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "قناة كان"، إنّ المُثار عن ملاءمة سموتريتش لمنصب وزير الجيش، لا يبدو متعلقًا بغياب خبرته العسكرية، لأن بعض الوزراء السابقين الذين تسلّموا قيادة الجيش جاؤوا من خلفية مدنية.
وتعقيبًا على ذلك قال اللواء احتياط ايلان بيران مدير العام السابق لوزارة جيش الاحتلال: "إنّه ليس شرطًا واجبًا أن يكون وزير الجيش عسكريًا، أفضل وزير للجيش (ديفيد بن غوريون) كان جنديًا أو رقيبًا في الكتيبة اليهودية في الجيش البريطاني، ولكنّه كان منظرًا استراتيجيًا عسكريًا رائعًا، وفق قوله.
ويعتبر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، غيورا ايلند، أنّ تولي عمير بيرتس وهو مدني منصب وزير الجيش أحد نقاط الضعف الإسرائيلية خلال الحرب الثانية على لبنان.
ويوجه معدُّ التقرير سؤالًا لعاموس جلعاد: قبل أن يتولى أفيغدور ليبرمان وزارة الجيش، قالت الناس عنه نفس ما يقال عن بتسلئيل سموتريتش؟ فيرد: "ليس صحيحًا؛ ليبرمان رجل براغماتي، وليس ثمة مجال للمقارنة، عندما تولى ليبرمان وزارة الجيش كان رئيسًا للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وعندما كان يصل الولايات المتحدة الأمريكية كانوا يستقبلونه باحترام، وتحاوروا معه، لقد كان يدرك بالضبط أهمية الولايات المتحدة الأمريكية، لقد كان يمتلك سجلًا في الحياة العملية مكنّه من الانتقال من الأيديولوجيا إلى السياسة الحقيقية، أمّا سموتريتش فسيدخل وزارة الجيش دون أي تجربة.
ويستذكر تقرير القناة الإسرائيلية، موشيه آرنس الذي يعتبر وزير جيش ناجحًا شغل هذا المنصب لثلاث ولايات، ويعتبر من بين أفضل وزراء الجيش في "إسرائيل". ويعقّب على ذلك آيلند بالقول: "كان آرنس وزير جيش ممتاز، ولقد جاء لشغل منصب وزير الجيش بعد أن كان سفيرًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن عمل لعشرات السنوات في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وبعد معرفة عميقة في الصناعات العسكرية الإسرائيلية، لقد امتلك الكثير من المعرفة التي كانت بديلًا لعدم معرفته ببعض الأشياء البسيطة".
"هل تخشى من سموتريتش في حال حصل على منصب وزير الجيش؟ يجيب موشيه يعلون على هذا السؤال بالقول: "أنا في غاية الخوف من تولي بتسلئيل سموتريتش وزارة الجيش، لأنه في النهاية سيكون لديه منظومة تحت إمرته، أنا أعتقد أن دولة "إسرائيل" تواجه تهديدات، ثمة تحديات بدءًا من إيران وحزب الله وسوريا وحماس والمعركة بين الحروب (مصطلح يطلق على العمليات العسكرية التي لا تصل حد مواجهة عسكرية واسعة تهدف إلى تجريد الخصم من ترسانته العسكرية بالتدريج) وفي الضفة الغربية وأماكن أخرى، وفي حال وجود شخص غير مسؤول يتحدّث عن تغيير تعليمات إطلاق النار وبقيّة هذا الهراء، من يفترض أن يكونوا تحت إمرة سموتريتش أنا متأكد أنهم قلقون جدًا، وأنا لا أحسدهم. أنا في غاية القلق".
وفي نهاية التقرير يعود مجددًا عاموس جلعاد للتحذير من تولي بتسلئيل سموتريتش وزارة الجيش، وقال إنه يفترى افتراءات على جهاز "الشاباك" ليس لها أي أساس، بل إنه جزء من نظرية المؤامرة التي تدّعي أن "الشاباك" شارك في اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إسحاق رابين، و"هذا الشخص لن يتردد في تنفيذ وعوده، وهو شخص ينوي تطبيق كل الوعود التي قطعها على نفسه، وعندها ستحل الكارثة".