03-نوفمبر-2023
ديفيد بتريوس

ديفيد بتريوس

الترا فلسطين | فريق التحرير 

"المهمة الموكلة إلى الجيش الإسرائيلي هي أصعب مهمة يمكن أن توكل إلى جيش"، هكذا علق الجنرال الأمريكي ديفيد بتريوس خلال لقاء مطول مع صحيفة هآرتس العبرية، نشر أمس الخميس.

ديفيد بتريوس عمل كقائد القيادة المركزية للولايات المتحدة، وقائد القوة المتعددة الجنسيات في العراق، وقائد قوات حلف شمال الأطلسي والقوات الأمريكية في أفغانستان، وشغل منصب رئيس وكالة المخابرات المركزية ما بين العامين 2011 و 2012، ووصفته صحيفة هآرتس بـ"أعظم جنرال أمريكي في القرن الحادي والعشرين". 

بتيروس: "خضنا معارك صعبة في المدن الكبرى ضد مقاتلي القاعدة، ولكن لم تكن هذه المعارك قريبة من التحديث المتوقع في غزة".

وذكرت الصحيفة أن ديفيد بتريوس واجه صعوبة في فهم حجم الفشل العسكري الإسرائيلي، "ولم يحاول إخفاء خيبة أمله إزاء سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، الذي وصفه بـ"الافتقار إلى الأهداف الكبيرة". 

وأوردت على لسانه أربع مهام يجب على الجيش الإسرائيلي تحقيقها من أجل "تحقيق النصر"؛ المهمة الأولى هي "تحديد الأهداف الكبيرة بشكل استراتيجي"، والمهمة الثانية: "إيصال هذه الأفكار إلى الجيش وإلى كل من له علاقة بنتيجة الصراع"، والمهمة التالية هي "مراقبة تنفيذ الأفكار"، ومن ثم أثناء القتال وبحسب التطورات على ساحة القتال، "تحديد كيفية إعادة تعريف هذه الأفكار". 

وبحسب خط القياس هذا، فحص ديفيد بتريوس سلوك "إسرائيل" في الأسابيع الأربعة الأخيرة، ويمكن القول إن المهمة الأولى قد أنجزت، كما كتبت هآرتس، مشيرة إلى أنه أكثر تشككًا حول تحقيق المهام الثلاث الأخرى، ويقول: "لقد أعلن رئيس الوزراء وحكومته فكرة تدمير الذراع العسكري والسياسي لحماس، وبالتالي فإن هذه هي الآن مهمة الجيش الإسرائيلي، ولكن بناء على الظروف الميدانية في غزة فلا يوجد مهمة أصعب من هذه". 

وأضاف: "لقد خضنا العديد من المعارك الصعبة في المدن الكبرى ضد مقاتلي القاعدة والميليشيات المدعومة من إيران، ولم تكن أي من هذه المعارك قريبة حتى من التحدي المتوقع في مدينة غزة". ويوضح أنه من أجل إنجاز المهمة، لن يكون أمام جنود الجيش الإسرائيلي خيار سوى "تطهير كل مبنى، كل طابق، كل غرفة، كل قبو وكل نفق".

ولكن في رأيه، "التطهير" في حد ذاته ليس كافيًا، مضيفًا "سيتعين عليهم ترك جنود في كل مبنى وفي كل شارع وفي كل حي للحفاظ على تطهير المباني والتأكد من عدم سيطرة حماس عليها مرة أخرى"، علاوة على ما وصفه بـ"مشكلة الانتحاريين، والعبوات الناسفة، ونظام الأنفاق المتطور، والأسرى، والعبوات الجانبية،" بالإضافة إلى صعوبة القتال المعروفة في منطقة حضرية مكتظة لا مثيل لها، ضد عدو لا مثيل له، "كان يستعد للمعركة منذ أشهر عديدة، إن لم يكن سنوات".

جنود أمريكيون يتدربون على حرب المدن تحسبًا لدخول العراق.
جنود أمريكيون يتدربون على حرب المدن تحسبًا لدخول العراق. 

هل على "إسرائيل" إعادة النظر في مهمتها؟

أجاب ديفيد بتريوس، على سؤال إن كان على "إسرائيل" إعادة تعريف المهمة والهدف الكبير وتجنب الدخول إلى غزة"، بأن الأمر سيكون صعبًا للغاية ومكلفًا من حيث الخسائر في الأرواح وتدمير البنية التحتية، ولكنه لا يرى بديلًا آخر، داعيًا الاحتلال إلى تحديد "رؤية" واضحة حول جهود الترميم ما بعد "تدمير حماس"، ورأى في "إسرائيل" بديلًا واقعيًا لتوفير الخدمات المدنية وإدارة القطاع. 

ويقول ديفيد بتريوس إن أحد أخطاء الأمريكيين في العراق، هو طرد الجيش العراقي بأكمله دون القلق من قدرتهم على توفير لقمة العيش لعائلاتهم، بالإضافة إلى ذلك، "طرد عشرات الآلاف من الموظفين الإداريين المهمين لإدارة البلاد، فقط لأنهم كانوا أعضاء في حزب البعث". 

وتذكر صحيفة هآرتس أنه ليس من قبيل الصدفة أن يتحدث ديفيد بتريوس عن الحاجة إلى إيجاد بديل واضح لا يؤيد النضال ضد الاحتلال، إذ لقد عايش بشكل مباشر فشل الجيش الأمريكي في إيجاد خطة بديلة واستراتيجية واضحة لليوم التالي للقبض على صدام حسين في ديسمبر/كانون الأول 2003. 

بتريوس: أبدعت حماس في هجومها، واستطاعت أن تتجاوز أنظمة المراقبة الشديدة.

وفي هذا السياق، يقول إنه بعد أن طهرت قواته مدينة النجف العراقية، تحدث مع قائده وأخبره:"يا سيدي، لدي أخبار جيدة وأخبار سيئة، الخبر السار هو أن النجف أصبحت في أيدينا"، وعندما سأله قائده عن الأخبار السيئة، أجاب: "الآن ماذا تريد منا أن نفعل حيال ذلك؟".

بمعنى آخر، كلما طال أمد الحرب في غزة، كلما زاد خوفه من أن يجد قادة الجيش الإسرائيلي أنفسهم في وضع مماثل لما كان عليه قبل 20 عامًا، ويقول: "لقد تعلمت الولايات المتحدة بالطريقة الصعبة أن خططنا لليوم التالي من الإطاحة بصدام حسين واحتلال بغداد لم يكن ناجحًا"، مضيفًا: "لقد جعلنا الوضع أسوأ من خلال بعض الأهداف الكبيرة المعيبة للغاية".

"حماس كانت مبدعة جدًا في هجومها"

أقر ديفيد بتريوس أن هناك عدة عوامل ساعدت القسام على تحقيق أهدافه في عملية طوفان الأقصى، مضيفًا: "حماس قامت بتحسين قدرتها الأمنية العملياتية"، إذ انتقلت إلى التواصل باستخدام الهواتف الأرضية التي كانت تمر عبر أنفاق غزة، بالإضافة إلى نقل معلومات مضللة عبر وسائل التواصل التي اعتقدوا أنها تخضع للتنصت من الشاباك، وإبداعها في هجومها، حيث تمكنت من تجاوز السياج، وتعمية أنظمة المراقبة. 

مضيفًا أن التحقيق النهائي سيُظهر أن هناك معلومات من أجهزة استخبارات مختلفة قدمت ما يسمى بـ "المؤشرات والتحذيرات"، ولكن لم يتم تجميع هذه المعلومات معًا.