18-يوليو-2017

"إنما النصر صبر ساعة" هكذا قيل قديمًا، وهذا ما يفعله الفلسطينيون في اعتصاماتهم المتواصلة عند أبواب المسجد الأقصى، ورفضهم، وبينهم موظفو الأوقاف الإسلامية، الدخول إلى الأقصى عبر البوابات الإلكترونية.

في القدس، يقف رجال ونساء عند أبواب الأقصى، ليس بينهم وبينه إلا الرضوخ لإرادة الاحتلال الإسرائيلي، لكنهم يمتنعون عن ذلك مفضلين الصلاة خارج أسواره. يقول أحدهم، إن الصلاة خارج الأقصى أكثر ثوابًا في هذه الظروف من الصلاة داخله، وأظنه أصاب وصدق. يحدث هذا بينما تكشف صحيفة "إيلاف" السعودية المؤيدة للنظام، أن السعودية ترى في البوابات الإلكترونية أمرًا اعتياديًا "لمنع وصول الإرهاب إلى الأماكن المقدسة".

أصبح الدخول إلى الأقصى مثل عبور الحدود بين دولتين، و اصطفاف الناس في طوابير طويلة سيجعلهم يكرهون زيارة الأقصى كما يكرهون الحواجز العسكرية

إسرائيل التي أحرقت المسجد الأقصى عام 1969، وتؤكد أن هذا المكان ليس إلا جبل الهيكل، ولا حق للمسلمين فيه، وتحفر أسفل منه شبكات أنفاق بحثًا عن كذبة تُثبت علاقتها فيه، ولتكون جاهزة عند هدمه لتقديم روايتها للعالم، هي ذاتها إسرائيل التي تحمي المسجد الأقصى من الإرهاب، وفق المنطق السعودي.

اقرأ/ي أيضًا: صور | الطريق إلى الأقصى.. بوابات في كل مكان

صحيفة "إيلاف" التي سبق لها أن أجرت مقابلة مع مسؤول إسرائيلي، وسألته إن كانت بلاده مستعدة لحماية دول الخليج من إيران، زعمت أن فتح أبواب الأقصى (يوم الأحد) تم بعد اتصالات سعودية، رغم أن إسرائيل أعلنت منذ البداية أن فتح الأبواب سيتم يوم الأحد.

على أي حال، لسنا هنا في موقف فضح العلاقة السعودية - الإسرائيلية الآخذة في التطور، ولا حتى التعليق عليها، بل ما يهمنا هو التأكيد أن البوابات الإلكترونية التي رأتها السعودية أمرًا اعتياديًا، ليست إلا انتهاكًا جديدًا لحرمة المسجد الأقصى، وتقييدًا لحرية وحق أداء الصلاة فيه، ومن هنا جاءت أفضلية الصلاة عند أبواب الأقصى بدلاً من الصلاة داخله، بإجماع فلسطيني في القدس.

ولعناية السعوديين وسواهم ممن رأوا الخطوة الإسرائيلية اعتيادية، فإننا نبيّن أن هذه البوابات ستجعل دخول الأقصى مثل عبور الحدود بين الدول، يصطف فيها المصلون في طوابير طويلة لإهانتهم وتفتيشهم، وهذا ليس الشرّ كله.

ستكون هذه البوابات تتويجًا لإجراءات طويلة من الذل يمر بها الداخلون إلى القدس من أهلها، أو الزوار بتصاريح خاصة، بدءًا من حاجز قلنديا، وصولاً إلى التفتيش الجسدي في محيط القدس العتيقة، وليس انتهاءً بـ"المعابر" الجديدة عند أبواب الأقصى، وربما مستقبلاً داخل باحاته، بين المصلى القبلي وقبة الصخرة مثلاً.

وإسرائيل تعلن بهذه البوابات فرض سيادتها الكاملة على الأقصى، وتجعل من دخول المسجد بالنسبة للمسلمين، إجراءً أكثر تعقيدًا منه للمستوطنين الذين يقتحمون المسجد برعاية شرطة الاحتلال والقوات الخاصة وحمايتها، وبرعاية نوابٍ في الكنيست أيضًا.

ومما لا شك فيه، أن هذه البوابات فاتحة لتقسيم الأقصى زمانيًا، وهو الهدف الذي تسير إسرائيل بخطوات ثابتة ومدروسة لتحقيقه منذ سنوات، وتحصل الآن على مباركة له من (قائدة الأمة الإسلامية) بذريعة "حماية المسجد من الإرهاب" التي اشترك الطرفان في الترويج لها.

تحاول إسرائيل الآن دفعنا لتقبل فكرة التفتيش عند أبواب الأقصى، وإذا قبلناها أصبحت جزءًا من زيارة المسجد، ثم إذا أقبل الناس جماعات للصلاة، وجدوا أنفسهم في طوابير طويلة، فيبدأ الأمر بهم للتوجه باكرًا إلى الصلاة لتجنب الأزمة، ثم بعد حين، أصابهم الملل، فكرهوا زيارة المسجد، كما يكرهون المرور من الحواجز العسكرية، فعزفوا عن المسجد والصلاة فيه.

هذا ما تفكر به إسرائيل تمامًا، وحتى لا تضعُف النفوس بعد حين، يتجمهر أهل القدس وفلسطينيون من الشمال الفلسطيني المحتل عند أبواب الأقصى، يؤدون الصلوات الخمس، ويبتهلون إلى الله بفرج قريب على الأقصى ورواده، ولا يصدهم عن ذلك اعتداءات الاحتلال عليهم، إذ تتطور لمواجهات تسفر يوميًا عن إصابة العشرات منهم، ولكنهم لا يبرحون أماكنهم إلا آخر الليل، ليعودوا صباحًا ويعاودوا التجمهر والصلاة والابتهال.


اقرأ/ي أيضًا:

الأوقاف: فقدنا السيطرة.. ماذا تفعل إسرائيل في الأقصى؟ 

مشروع قانون لإقصاء كفر عقب ومخيم شعفاط من القدس

ما هي بنود قرار "اليونسكو" بشأن الأقصى