23-أكتوبر-2022
JACK GUEZ/ Getty

JACK GUEZ/ Getty

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

رأى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الأسبق، يوفال ديسكن أن الخطر الوجودي على "إسرائيل" يتمثّل في خطر داخلي، وذلك في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرنوت" حمل عنوان "على شفا حرب أهلية"، تضمّن أيضًا تحذيرات مما وصفه "خلل ديمغرافي متعلق بالنمو السكاني المتزايد لليهود الحريديم والفلسطينيين حملة الجنسية الإسرائيلية داخل الخط الأخضر"، كما حذّر من تداعيات "فساد السلطة الفلسطينية" على "إسرائيل".

ديسكن: "إسرائيل" تقف على حافة التفكك الاجتماعي والوطني الداخلي، وهذا هو التهديد الوجودي الحقيقي، الذي يجعلها على وشك الانزلاق إلى سلسلة من الصراعات الداخلية العنيفة

واستهل ديسكين مقاله المطوّل بالقول إنّ "إسرائيل" تقف على حافة التفكك الاجتماعي والوطني الداخلي، وهذا هو التهديد الوجودي الحقيقي، الذي يجعلها على وشك الانزلاق إلى سلسلة من الصراعات الداخلية العنيفة، والتي قد تؤدي إلى تفكك داخلي، وربما حتى حرب أهلية.

وأضاف الرئيس السابق لجهاز "الشاباك" أنّه لم يسبق أن كان قلقًا مثلما هو قلق الآن، بعد أن اختفت الأيديولوجيات بالكامل تقريبًا من السياسة الإسرائيلية، وفق قوله، وحلّ محلها الكراهية التي تغذيها المصالح الخاصة، مشيرًا إلى تسجيل نُشر قبل سنوات، يقول فيه ناتان إيشيل، المدير السابق لمكتب بنيامين نتنياهو، إن "الكراهية هي ما يوحِّد معسكرنا".

يوفال ديسكن، الرئيس السابق لجهاز الشاباك الإسرائيلي
يوفال ديسكن، الرئيس السابق لجهاز الشاباك الإسرائيلي

وعن النتائج المتوقعة للكراهية داخل المجتمع الإسرائيلي، يقول ديسكين: إن الكراهية الحارقة أدت إلى "لعبة محصّلتها صفر" في السياسة الإسرائيلية، والتي تعني "إما أنا أو أنت": يمين أو يسار، يهود أو عرب، أشكناز أو شرقيين، متدينون أو علمانيون. وبالتدريج بدأ يذوب الصمغ الذي ما يزال يقوم بدور إلصاقنا ببعضنا في ظل غياب قاسم مشترك؛ الآن يتفكك المجتمع الإسرائيلي لقبائل وفصائل تحدد هويتها أساسًا على أساس كراهيتها للفصائل الأخرى، وبات هذا الخطاب الضحل والمدمّر الذي يؤجج الكراهية ممكنًا بفضل القنوات الإعلامية، ويتردد صداه ويتم تضخيمه في المستنقع الآسن لشبكات التواصل الاجتماعي.

"مليون جواز سفر أجنبي"، وتحت هذا العنوان الفرعيّ كتب ديسكن، أنه وبينما نتفكك كأمة وكمجتمع، تستمر المشاكل الاستراتيجية الداخلية في التراكم. إن الاستمرار في تجاهلها يضرُّ بشدة بأمننا القومي ومناعتنا القومية، ويخلق خطرًا حقيقيًا على استمرار وجودنا. إنّه يشجّع الضعف الدراماتيكي للحكومة المركزية وأجهزة إنفاذ القانون، وهي العملية التي استمرت في النمو لأكثر من عقد من الزمن، في مناطق خارج السيطرة الحكومية.

وأضاف: في الفراغ الحكومي تدخل المنظمات الإجرامية التي تفرض إرهابها على أجزاء كبيرة من البلاد، وتجبي الأتاوات وتسرّع من سباق التسلح غير المشروع في صفوف السكان، والمنطقة مشبعة بالوسائل القتالية غير المشروعة على نطاق يشكل تهديدًا للأمن القومي. يجب أن نعيد فورًا فرض سيطرة الدولة على النقب والجليل ومناطق خطّ التماس والمدن المختلطة مثل اللد، وحيفا، والرملة، والناصرة".

حوالي مليون إسرائيلي يحملون جنسيات إضافية، خاصة من أوروبا والولايات المتحدة 

وعن الخلل الديمغرافي داخل بنية "إسرائيل" يرى يوفال ديسكن أنّ السكان الذين بالكاد يندمجون في الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي سيشكلون بعد حوالي ثلاثة عقود أكثر من نصف سكان "إسرائيل". واليوم، ما يقرب من نصف طلاب الصف الأول هم من المتدينين اليهود المتطرفين - الحريديم أو العرب. ولا يمكن أن تكون لنا دولة هنا إذا لم يتم دمج المواطنين العرب والمتدينين الحريديم. ومن المرجح أيضًا أن تنخفض نسبة الجزء من الجمهور الذي يساهم في المجتمع والدولة، وفي العقود القادمة، لن يكون هذا الجزء مستعدًا لمواصلة تحمل العبء غير المعقول من الضرائب وتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش، ومن المتوقع أن يغادر جزء من هؤلاء "إسرائيل"، وبشكل متزايد. لافتًا إلى أنّ حوالي مليون إسرائيلي يحملون جنسيات إضافية، خاصة من أوروبا والولايات المتحدة.

ويحذّر ديسكن من اعتماد "إسرائيل" في وجودها فقط على القوة العسكرية، فالاعتماد المفرط على القوة العسكرية، مهما كان نطاق قوتها، خطأ إدراكي مفاهيمي خطير. يجب أن يكون لدى "دولة إسرائيل" جيش قوي ومنظومة أمنية قادرة على التعامل مع التهديدات الفورية والاستراتيجية. ولكن حان الوقت لإدراك أن القوة الحقيقية لأي دولة مبنية على مزيج من القوة العسكرية الرادعة، والمناعة الاجتماعية الوطنية، والقدرة الاقتصادية، والريادة العلمية، والشرعية السياسية. إذا لم نعزز هذه العناصر جميعًا في نفس الوقت، فلن يكون لقوتنا العسكرية أي معنى".

وربط، ديسكن بين ما وصفه "فساد السلطة الفلسطينية" والذّهاب في طريق "قيام دولة ثنائية القومية" قائلًا إن "الفساد في السلطة الفلسطينية خطير مثل أي شيء آخر"، ومستوى كراهية الفلسطينيين للسلطة وأجهزتها يتعمّق، الأمر الذي يضاعف العبء على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وهذا يزيد من حدّة الاحتكاك الذي ينتج عنه عدد كبير نسبيًا من الضحايا.