19-يونيو-2024
سميحة وائل

سميحة وائل تشير إلى النوافذ المسيّجة في منزلها لحمايتها من المستوطنين | الترا فلسطين

بين الأسلاك الشائكة، تقوم سميحة وائل (50 عامًا) بقطف خضار من ما جادت به حديقة منزلها التي باتت أشبه بالسجن، على أطراف قرية قريوت جنوب نابلس، على بعد مئات الأمتار من مستوطنة "شيلو".

تعيش سميحة وزوجها وائل وحدهما فوق تلة في قريوت، وظلت لسنوات طويلة تعيش شعور الحرية، لكنها تشعر اليوم بالاختناق

وبالرغم من مرور نحو عامين على اقتحام عشرات المستوطنين لمنزلها واعتدائهم عليهما،  إلا أن كابوس الاعتداء لا يفارق ذاكرة سميحة وزوجها وائل، وما زالت آثاره حاضرة في مخيلتها وفي كل زاوية من منزلها.

سميحة وائل
سميحة وائل تشير إلى الزجاج المهشم نتيجة اعتداء المستوطنين

قبل أيام، اندلع حريق هائل في الأراضي الزراعية قرب منزلها، وليس معلومًا إن كان المستوطنون هم من قاموا بإشعاله، أو أحد المزارعين فعل ذلك بالخطأ، إلا أن مركبات الإطفاء الإسرائيلية ظلت متأهبة على أطراف منازل المستوطنين لمنع وصول النيران هناك في حال تمددها، دون أن تحرك أي ساكن في الجهة الأخرى، حيث يمتد الحريق بشكل تدريجي صوب منزل سميحة وائل.

في ذلك اليوم، ولعدة ساعات، جاهد زوجها المسن لحراثة الأراضي الوعرة في محيط المنزل، كي يتخلص من الحشائش، في محاولة لحماية منزله من تمدد النيران عبر هذه الحشائش، قبل أن تتدخل الطائرات الإسرائيلية وتقوم بإطفاء الحريق بشكل كامل، لدى اقترابه من منازل المستوطنين.

سميحة وائل
منزل سميحة وائل في قريوت

تعيش سميحة وزوجها وائل وحدهما فوق تلة في قريوت، وظلت لسنوات طويلة تعيش شعور الحرية، لكنها تشعر اليوم بالاختناق، فالمنزل الرحب صار ضيقًا، والمساحات الشاسعة، أُجبرت على إغلاقها بالأسلاك الشائكة والبوابات، للحيلولة دون تكرار اعتداء مليشيات المستوطنين.

سميحة وائل
سياج على نافذة منزل سميحة وائل لحمايته من المستوطنين

تقول سميحة وائل لـ"الترا فلسطين"، إنها تعيش اليوم في منزل أقرب للسجن، فكل شيء مغلق بالأسلاك والسياج، الأرض والنوافذ والأبواب، بالإضافة إلى كاميرات المراقبة، ورغم ذلك إلا أنها تظل دائمًا في حالة ترقب وقلق.

تستذكر سميحة ما جرى معها قبل عامين، وتقول، إن عشرات المستوطنين طرقوا باب المنزل بقوة بعد منتصف الليل، وما إن قام زوجها بفتح الباب، حتى جروه للخارج، واعتدوا عليه بالضرب المبرح، ورش غاز الفلفل، حتى ظنوا أنه فارق الحياة.

وأضافت سميحة، أن المستوطنين داهموا المنزل وحطموا كل شيء فيه: الغرف، والمطبخ، وزجاج النوافذ، والأجهزة الكهربائية، ثم اقتحموا غرفة نومها ورشوها بغاز الفلفل.

حينها، نُقل وائل إلى مستشفى رفيديا بحالة خطيرة، وبقي في المستشفى بأضلاع وأطراف مهشمة لمدة أسبوع.

لاحقًا، بعد تدخل عدد من المؤسسات الدولية، أُعيد إعمار المنزل وإحاطته بالسياج والأسلاك، لكن الجرح لم يندمل، والكوابيس مازالت حاضرة.

سميحة وائل
سميحة وائل، وتظهر مستوطنة شيلو قبالة منزلها

تقول سمحية وائل، إن بعض آثار الحجارة ما زالت في المنزل، فهناك حجر أصاب باب خزانة غرفة النوم، ولم تقم بإصلاحه، وطوال الليل تنظر إليه.

وفي كل مرة تقع فيها عمليةٌ ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، لا تنام سميحة وزوجها وائل خشية تعرضهم لهجمات انتقامية من المستوطنين.

في محيط المنزل، تزرع سميحة الخس والسبانخ والبندورة والخيار والكوسا والفقوس والبصل والفلفل والكثير من الخضار، تحيط بها دوالي العنب وأشجار اللوز والمشمش والبرقوق، وخلايا النحل. كما تربي سميحة بعض الدواجن والحبش والبط والماعز.

سميحة وائلسميحة وائل

وبينما تقطف سميحة وائل الثمار بشكل يومي، تنشغل بين الفينة والأخرى في مراقبة تحركات المستوطنين الناشطين في ميليشيات الإرهاب، المعروفة باسم "تدفيع الثمن"، أو "فتية التلال"،  الذين يتنقلون على الدراجات وسيارات الدفع الرباعي في الطرق الترابية القريبة من منزلها، ويحيط بها الخوف من اعتداء جديد عليها، وهي التي تقضي أغلب ساعات اليوم لوحدها، بينما يكون زوجها في عمله.

تراقب سميحة وائل المشهد، ولا تحلم سوى بإزالة هذه المستوطنات والسياج الذي يحيط بمنزلها، أما على المدى القريب فهي تأمل بوجود جمعيات تعاونية تشتري كافة منتجات منزلها، بما يحقق لها ولو عائد مالي بسيط لقاء تعبها.