24-يوليو-2019

"أشعر أني أحمل رسالة ابني عزمي وبقية الأسرى فوق ظهري (..) أرى أنه من واجبي أن تظل قضيتهم موجودة في الحياة اليومية، وتظل أسماؤهم حاضرة بين الناس وأن لا يكونوا مجرد أرقام" يقول سهل نفاع، والد الأسير عزمي نفاع؛ المعتقل منذ 2015، ومحكوم بالسجن 20 سنة بتهمة تنفيذ عملية دهس.

سهل نفاع، يستخدم السوشال ميديا في نشر قضية ابنه الأسير الجريح عزمي ورفاقه الأسرى، "حتى لا يكونوا مجرد أرقام"

والد الأسير عزمي يكرّس جزءًا كبيرًا من وقته في الحديث عن قضايا الأسرى ومتابعة شؤونهم، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر معلومات وأخبار حولهم، من أجل تعريف الناس وتذكيرهم بابنه عزمي (الأسير الجريح) ورفاقه في الأسر.

اقرأ/ي أيضًا: "معلم الأسرى".. 33 سنة في الاعتقال بلا ندم

يقول أبو عزمي خلال حديثه مع الترا فلسطين، "في السابق لم أكن أهتم بقضايا الأسرى كما أفعل اليوم. كنت مثل أي فلسطيني تربى على حب الوطن والأرض، نزور كل فترة وأخرى عائلات الأسرى والشهداء ولكن عزمي قلب حياتنا بشكل كامل".

يشرح سهل نفاع من خلال حسابه على موقع "فيسبوك" معاناة ابنه الأسير الجريح عزمي، ويطالب دائمًا بالإسراع في علاجه ومتابعة وضعه الصحي، كما يتطرق إلى أوضاع بقية الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال.

يخبرنا أنه ومنذ اللحظة الأولى لإصابة ابنه واعتقاله وقبل اقتحام جيش الاحتلال لمنزله، جمع أولاده وإخوته وبقية العائلة وقال لهم: "ستأتي علينا مرحلة جديدة في حياتنا، ويجب أن نستعد لها جيدًا". وأضاف، "منذ سماعي الخبر أنا جهزت حالي لهذه المرحلة، للاقتحامات والمحاكم والسجن ومرحلة أسير جريح لا نعرف كيف سيتم علاجه، ولكن ظلت الإشاعات والتأويلات في تلك الفترة هي مصدر الإزعاج الوحيد للعائلة".

تكاد لا تخلو وقفةٌ تضامنيةٌ أو مناسبةٌ وطنيةٌ في مدينة جنين والمدن الأخرى، إلا ويكون أبو عزمي في مقدمتها، يرفع صورة ابنه ويشارك عائلات الأسرى في مطالبهم. يقول إن الحديث عن الأسرى "واجبٌ على عائلاتهم قبل أي شخص آخر ليظلوا حاضرين بين الناس".

بدأت مشاركة سهل نفاع في المسيرات والفعاليات الوطنية بعد اعتقال عزمي بفترة بسيطة، يقول إن مشاركته الأولى كانت في وقفةٍ داعمة للأسرى، "بدأت رسالتي منذ تلك اللحظة، ومن وقتها لم أتوقف، أفعل أي شي لأحدث الناس عنه وعن رفاقه".

"في زياراتي لابني، تحدثني العائلات قصص أسرى لم أسمع بحياتي كلها بهم، أصبحت أشعر بالمسؤولية تجاههم (..) الأهالي يخافون، يظنون أنهم إذا تحدثوا عن أولادهم سيمنعون من الزيارة، أو السفر أو حتى تصريح العمل في الداخل المحتل" يقول أبو عزمي.

سهل نفاع: عائلات أسرى تخاف الحديث عن ابنها إعلاميًا ظنًا أنهم سيُمنعون من زيارتهم أو السفر

ويُبين أنه عندما يتوجه لزيارة ابنه ويتم منعه من الزيارة يبدأ الناس يتصلون به ويقولون له، "يا زلمة خفف من كتاباتك"، لكنه يُعلق، "هذا أخف شيء عندي، ما أكتبه لا شيء، أنا مصمم على الكتابة عن انتهاكات الاحتلال لأوصل فكرة لكل الناس أنك عندما تتحدث لا أحد يمنعك من الحديث، بل يجب أن نستمر في حديثنا عن الوطن والأسرى والشهداء".

اقرأ/ي أيضًا: "زهرات" تحكي كيف تقضي الأسيرات القاصرات أيامهن

"عندما أرى الدموع في عيون الأسرى، غصب عني سأحكي، وسأكتب لكي أوصل صوت الناس التي لا تستطيع الحديث. الناس الخائفة، صوت بداخلي يخبرني أنني يجب أن أتحرك لأجلهم، يقول لي إذا وقف والد أو والدة أو زوجة أسير يجب أن نقف جميعًا معهم" أضاف أبو عزمي.

واليوم، بعد  4 سنوات من اعتقال ابنه عزمي، أصبح سهل "حامل راية الأسرى" وقدوة للعديد من عائلاتهم، حيث بدأوا يتبعون خطواته في الحديث عن أولادهم الأسرى. يحدّثنا عن ذلك قائلًا: "أنا لا أرى نفسي قدوة، إلا أن الوعي يزداد عند الناس، بعض الناس تلجأ لي لأكتب عن أولادها لأنها تخاف ولا مشكلة لدي، أفرح لمساعدتهم ولكن أشعر بالمسؤولية التي تلقى على عاتقي".

عائلات أسرى يطلبون من سهل نفاع الكتابة عن قضية أبنائهم، لكن بعض التنظيمات تُغضبهم كتاباته

ورغم أن أبو عزمي يستخدم "السوشال ميديا" للكتابة عن هموم الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يكون عرضة للانتقادات والمضايقات، إذ يُبين أن "بعض التنظيمات والأشخاص يزعلون من منشوراتي، ويراجعوني بما أكتب رغم أنني أكتب عن الأسرى، لا أعلم لماذا ينزعجون أصلًا، المفروض الاحتلال ينزعج وليس هم، لا أعلم لماذا يرون أنفسهم طرف؟ طرف مع من؟".

تفاعُلُ أبو عزمي مع قضايا الأسرى واهتمامه بهم وصل إلى عزمي في سجون الاحتلال، "عندما زرته آخر مرة أخبرني أن أحد الأسرى قال له: أبوك مش معقول، أبوك عبارة عن صليب أحمر وهيئة شؤون أسرى ونادي أسير وكل مؤسسات الأسرى مجتمعة (..) قلت له يومها، أنا ما بعمل شيء أكثر من غيري".

"في النهاية ابني ليس قديسًا، ولكن ابني أدى واجبه تجاه الوطن ولا ينتظر تقديرًا أو تقديسًا من الناس، أول رسالة وصلت لي من عزمي في السجن كتب فيها أنا عملت ما عملته وغايتي الله، وعندما حاول أصحابه كتابة أغنية زجلية باسمه اعترض واحتج قائلًا، لم أفعل ما فعلت لكي يمدحني الناس، وأنا مثله أكتب عنه وعن الأسرى لأن هذا واجبي (..) عزمي علمني الصبر، يكفي قدرته على التحمل وأنه ولا مرة منذ إصابته قال لي إنه يتألم" يقول.

أنهى أبو عزمي حديثه معنا قائلًا: "أريد أهل الأسرى يكونوا موجودين، يتحدثوا عن أولادهم ويكونوا في المقدمة وأن لا ينتظروا أحدًا لينصر أولادهم، أريد أن تعرف الناس ما يحدث، أن ترى صعوبة الحياة التي يعيشها الأسير وعائلته (..) الأسرى حرام يبقوا داخل السجون، يجب أن نفعل أي شيء لإخراجهم".


اقرأ/ي أيضًا: 

المحررة عطاف عليان والفدائي الذي قتلها عشقًا

رسائل صغيرة كبيرة

ما وراء الضحكة